آخر تحديث: الأربعاء 17 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
العدل

العدل

تاريخ الإضافة: 2005/12/02 | عدد المشاهدات: 3599
أما بعد ، أيها الإخوة المسلمون المؤمنون : سئلت يوم أمس من قبل محاور غير عربي عن الصفة التي تُعد الأهم بالنسبة للإنسان حتى يتحقق بإنسانيته ، وبالنسبة للمجتمعات حتى تتحقق بإنسانيتها ، وحتى تقوم بأمن وأمانة وسلامة وسلام ؟ سؤاله الأول كان بأن العدل هو الصفة المبحوث عنها من قبل الإنسان الساعي لبناء نفسه ، أجبته بأن العدل هو الركن الأهم من أجل أن تقوم الدنيا قياماً صحيحاً ، ومن أجل أن تستقر الدنيا استقراراً رائعاً راضياً مرضياً . سألني متابعاً فقال لي : كيف تُعرف العدل ؟ أجبته : للعدل شقان نظري وعملي ، وها أنذا أعرف العدل ثم أبين الشقين من خلال التعريف الذي سأذكره . العدل : هو التحقق من نسبة الأقوال إلى قائليها ، ونسبة الأفعال إلى فاعليها ، ونسبة الأوصاف إلى موصوفيها ، وإعطاء كل ذي حق حقه باستخدام كافة الوسائل التي توصلك إلى هذا من شهادة وأَيمان وقرائن وأمور أخرى . ومن خلال هذا التعريف يتبين لنا أن العدل شقان : نظري وعملي ، أما الشق النظري فهو التحقق من نسبة الأقوال إلى قائليها ، ونسبة الأفعال إلى فاعليها ، ونسبة الأوصاف إلى موصوفيها ، وأما الشق العملي فهو العمل على أن تعطي كل ذي حق حقه بأمانة ودقة ووفاء . وعليك من أجل التحقق من نسبة الأقوال إلى قائليها ، والأفعال إلى فاعليها ، و الأوصاف إلى موصوفيها ، والحقوق إلى مستحقيها ، وعليك من أجل القيام بالجزء العملي وهو أن تعطي الحقوق إلى أصحابها ، عليك من أجل كل ذلك أن تجيش وأن تستنفذ وأن تحاول وأن تجهد في أن تتبنى وأن تقيم كل الوسائل المعينة على ذلك والمساعدة على ذلك ، ومن أجل هذا كلنا مطالبون بالعدل ، غير أن أولي الأمر وأولي التنفيذ مطالبون بالعدل بشقيه النظري والعملي ، ومن هنا عندما نتحدث عن العدل تبرز أمامنا صورة الحاكم وصورة المسؤول لأنه معني بكلا الشقين للعدل . أما العدل بالشق النظري وبالشق العملي حسب المساحة التي نشغلها فكلنا معنيين به ، لكن ولي الأمر على مستوى الرئاسة العامة وعلى مستوى الوزارة وعلى مستوى الإدارة معني أكثر وذلك بسبب سعة المساحة التنفيذية والمسؤولية التنفيذية التي يشغلها . أؤكد وألخص من أجل أن يستقر الأمر في أذهاننا ، العدل : تحقق من نسبة القول إلى قائله ، الفعل إلى فاعله ، و الصفة إلى موصوفها ، والحق إلى مستحقه . وهذا واجب على كل إنسان ، ثم الشق العملي أن تعطي الحق إلى مستحقه ، أن تقوم بالعمل ، وهذا معني به كل من له مساحة تنفيذية وتتسع المساحة وتتسع المسؤولية معها . من أجل هذا الذي قلت رجعت إلى الأحاديث النبوية الشريفة التي تتعلق بالعدل ، وأحببت أن أتلو عليكم بعضاً منها ، معلقاً أحياناً حينما يقتضي الأمر تعليقاً ، وساكتاً أحياناً حينما لا يقتضي الأمر تعليقاً أو حكاية أو شرحاً . يا أصحاب القرارات التنفيذية ، أيتها السلطة التنفيذية ، وأنا لا أعني الحاكم فقط ، وإنما يأتي في الدرجة الأولى لأنه يشغل مساحة أكبر من غيره ، وحينما أتحدث عن المسؤولية التنفيذية أو السلطة التنفيذية أتحدث عن الأب ، أتحدث عن الأم ، أتحدث عن الإمام ، عن الخطيب ، عن الخادم لأن كل هؤلاء له مساحة تنفيذية ، لكننا إذ نطلق التنفيذ نتحدث عن أصحاب المناصب العالية غير أن هذا لا يعني أننا نُعفي من خطابنا أصحاب المساحات التنفيذية الصغيرة . فليسمع الناس كافة والمسلمون خاصة ، وليسمع أصحاب التنفيذ بشكل أخص ، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معلمي ومعلمكم ومعلم الإنسانية كلها ، وعلى كل هؤلاء أن يقفوا أمام هذا الرجل العظيم والسيد السند الكريم ، أن يقفوا أمامه ليتعلموا متعلمين ومتلقين ، فهو والله خير معلم للبشرية كلها ، يقول هذا المعلم محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما يروي الإمام مسلم : " لتؤدنّ الحقوق إلى أربابها يوم القيامة حتى يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء " و يقول صلى الله عليه وآله وسلم كما في البخاري ومسلم : " من ظلم قيد شبر من أرض طوقه من سبع أرضين " ويقول صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح الإمام مسلم : " إن المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " ويقول صلى الله عليه وآله وسلم كما روى الطبراني بسند حسن : " يومٌ من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة ، وحدٌّ يقام في الأرض أزكى فيها من مطر أربعين صباحاً " ويقول صلى الله عليه وآله وسلم كما روى الطبراني بسند حسن أيضاً : " لا تقدس أمة لا يقضى فيها بالحق ولا يأخذ الضعيف حقه من القوي غير متعتع " أي غير مهزوز . ويقول صلى الله عليه وآله وسلم كما يروي الترمذي بسند حسن : " إن الله مع القاضي مالم يَجُر ، فإذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان " ويقول صلى الله عليه وآله وسلم كما يروي البخاري ومسلم : " ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يُحطها بنصحه يموت يوم يموت وهو غاش رعيته ، إلا حرم الله تعالى عليه الجنة " ويقول صلى الله عليه وآله وسلم كما يروي الحاكم وأبو داود بسند حسن ، وليسمع الناس كافة وأصحاب المسؤليات على كافة مساحات مسؤولياتهم يقول صلى الله عليه وآله وسلم : " ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون حاجته وخلته ومسكنته " لا تغلقوا الأبواب أيها المسؤولون أمام الناس وليكن الخط مفتوحاً بينكم وبين الناس كافة ، أصبحت القضية اليوم تقاس بمدى احتجاب ذاك المسؤول عمن يحتاجون إليه ، أصبحت قوة الشخصية اليوم تقاس بمدى احتجاب هذا المسؤول أو ذاك عمن يحتاجه ، أما عمن يجلس إليه لينافق له فالباب أمامه مفتوح ، أما من جاء ليكلمه ليوغر صدره على أناس لا جريرة لهم فالباب أمامه مفتوح على مصراعيه ، نحن نناشد أنفسنا ونناشد أصحاب المسؤوليات من أجل تطبيق العدل من أجل فتح الأبواب على مصراعيها أمام ذوي الحاجة ، إننا بحاجة إلى أن نتحقق بالعدل وإلى أن يتحقق المسؤولون بالعدل ، إلى أن يتحقق الآباء بالعدل ، إلى أن تتحقق الأمهات بالعدل ، إلى أن يتحقق الشيوخ بالعدل ، إلى أن يتحقق الأئمة بالعدل ، إلى أن يتحقق الخطباء بالعدل ، إننا بحاجة إلى أن يتحقق الجميع بالعدل ، فإذا ما تحققنا بالعدل عندها سيكون ربنا عز وجل معنا وستكون مَعيّة الله لنا غالبة ، أولئك الذين لا يعدلون يقول عنهم سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما روى أحمد في مسنده : " من ولي من أمر الناس شيئاً فاحتجب عن أولي الضعف والحاجة احتجب الله عنه يوم القيامة " أين عدلك إن احتجبت عن الضعيف ، أين تجلي عدلك إن احتجبت عن المسكين وعمن يحتاج إليك ، أين عدلك إن كانت الأبواب موصدة أمام أولئك الذين يريدون حقوقهم أو يبحثون عن حقوقهم ، أين العدل إن كانت الأبواب مغلقة أمام أولئك الذين يريدون أن يسترجعوا صفة سلخت عنهم وهم أهلها وهم أحق بها ، أين العدل في مثل هذه الصور التي ذكرناها ؟ أقول هذا من أجل مناشدة للعدل ، و أنا أكرر في بعض الخطب وبين الفينة والأخرى أكرر النداء لكل المواطنين في بلدي بشكل خاص ولكل المواطنين في العالم بشكل عام من أجل أن أقول لهم : نحن لا نريد من خلال هذا الذي ذكرنا إلا النصح والنصح فقط ، وعلى الآخرين أن يفرحوا لأننا ننصحهم فالنصح جزء من الأخوة التي عقدها ربنا بيننا وبينهم ، وقد قلت مراراً وتكراراً إن الأخوة تعني أمرين اثنين : تعني الحب وتعني النصح ، ونحن لا نريد لإخواننا الذين يتسنمون سُدةَ مسؤوليةٍ ما إلا أن يكونوا على العدل ، فبالعدل يحققون وجودهم ويحققون رفعة أمتهم ويحققون الخير المبتغى لأمتهم ، نحن من خلال هذه الخطبة أيضاً نتوجه إلى إخوتنا في لبنان واسمحوا لي إن قلت هذا وأنا أتحدث عن العدل بعد أن ذكرتُ تعريفه أتوجه إلى إخوتنا في لبنان على اختلاف أديانهم واختلاف مذاهبهم واختلاف توجهاتهم من أجل أن أقول لهم : التزموا العدل في أقوالكم حيال سورية التزموا العدل في أفعالكم وحاولوا أن تكونوا عادلين والعدل يعني : التحقق من نسبة الأقوال إلى قائليها ، ونسبة الأفعال إلى فاعليها ، ونسبة الحقوق إلى مستحقيها . والعدل يعني في شقه العملي : أن تسعى من أجل أن تعطي أهل الحق حقهم وأن تعطي كل ذي حق حقه . أتوجه إلى الإخوة في لبنان من أجل أن يرعوا ومن أجل أن يراعوا حق الجوار فسورية شقيقة لبنان ولبنان شقيقة سورية ، ولا نريد للبناني ولا لسوري أن يكون ضد سورية أو ضد لبنان ، نريد للبنان وسورية أن يعيشا جارين شقيقين متجاورين متعاونين متباذلين ، ولا تسمحوا أيها الإخوة في لبنان وفي سورية لا تسمحوا لكيد الكائدين من أجل أن يتسرب إليكم ، لا تسمحوا لسوء السيئين أن يدخل في شرايينكم في أوردتكم ، لا تسمحوا لأولئك الفجرة الفسقة الذين يريدون أن يقسموا أو أن يبعدوا الأخ عن أخيه والشقيق عن شقيقة ، أناشد اللبنانيين والسوريين من أجل عود أحمد إلى علاقات عادلة فيما بينهم وأناشد القضاة والمحققين في كل مكان في سورية وفي العالم كله من أجل أن يتلمسوا العدل وإذا ظلموا في هذه الحياة ، وإذا ركبوا الشر والظلم فليعلموا بأن الله عز وجل سيردّ ظلمهم على أنفسهم . وأنا أخاطب بهذا الكلام كل الناس لا فرق بين عربي وغير عربي ، لا فرق بين مسلم وغير مسلم ، لا فرق بين أجنبي وعربي ، بين قريب وبعيد ، وإنما أتوجه بهذا الخطاب وبهذه الخطبة إلى الناس كافة إلى كل القضاة في سورية وفي لبنان وفي العالم وإلى لجنة التحقيق الدولية وغير الدولية أتكلم باسم شعب يريد الحقيقة فعلاً ، لأن الحقيقة تعني عدلاً ، نريد الحقيقة لأن الحقيقة تعني أمانة ، نريد الحقيقة لأن الحقيقة تعني طمأنينة ، لا نريد أن نشوه الحقيقة ولا نريد أن نزور الحقيقة ومن زوّر الحقيقة وسعى إلى تزوير الحقيقة فإن الله سيكيد له كيداً ، فإن الله عز وجل سيكون له بالمرصاد فيا إخوتي في سورية ولبنان أتوجه إلى الجميع من أجل أن نتحلى بالعدل ، لأن العدل هو الذي تقوم عليه السموات والأرض ، لأن العدل أساس الملك كما تعلمنا ، لأن العدل هو الخير كله ، لأن العدل هو الصواب ، لأن العدل هو الأمانة ، لأن العدل هو السداد ، لأن العدل هو النصح ، لأن العدل هو الإنسانية ، لأن العدل هو العبودية ، لأن العدل هو كل ما يمكن أن تبحث عنه من فضيلة وخير وأمان واستقرار ، أسأل الله عز وجل أن يوفقنا جميعاً للعدل حيثما كنا ، كلنا معنيون بالعدل وأكرر هذا وأؤكده لأن العدل كما قلت هو أن تتحقق وأن تحقق في نسبة الأقوال إلى قائليها ، ونسبة الأفعال إلى فاعليها ، ونسبة الأوصاف إلى موصوفيها ونسبة الحقوق إلى مستحقيها وأن تعمل على أن تعطي كل ذي حق حقه باستخدام كل الوسائل المشروعة من شهادة وإثبات وأيمان وقرائن وسواها ، اللهم اجعلنا في حياتنا هذه من الذين يتلمسون العدل في كل شؤونهم وأمورهم صغيرها وكبيرها ، نعم من يسأل أنت ونعم النصير ، أنت أقول هذا القول واستغفر الله .

التعليقات

حور

تاريخ :2007/10/16

الخطبة رائعه بس هي تتكلم عن العدل لو تتكلم بعد على اشياء ثانيه

شاركنا بتعليق