والرَّسول الصَّادق - قبل إيصال الرسالة - يُقيم الحُجَّة منك عليك فيما يتعلَّق بصدقِه وأمانته، وبعدَها يحدِّثك عن المرسِل والرسالة التي حُمِّلها. وهذا ما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم حين جمعَ من حوله وقال لهم: "أرأيتُكم لو أخبرتكم أنَّ جيشاً خلف هذا الوادي يُريد أن يُغيرَ عليكم أكنتم مصدقيَّ ؟! قالوا وبصوت واحد: ما جرَّبنا عليك كذباً، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذابٍ شديد". فما أعظمَك وما أصدقَك ! وهنا نقول: من تابع إقراره واتَّبع الرسول في رسالته نجا وسَلِم دنيا وأخرى، وأمَّا من نقض وجافى إقراره واعترافه خَسِر وندم، وسيقول حتماً: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا)، وقالوا قبلها نادمين: (يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا). فالمرسِلُ عليمٌ وحكيمٌ حيث يجعل رسالته ويختار رسوله، والرسول أمينٌ صدوقٌ لا يحيد عن الضَّبط والإتقان وأمانة الإيصال الأكمل قيدَ أُنملة، وها هو ذا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يُشهدُ الجموعَ الغفيرة وعشرات الألوف: "ألا هل بلَّغت ؟!" وينبعثُ الجواب الواحد ليصل صداه إلى جنبات الأرض كلِّها: "اللهم بلى"، فيقول ويشير بإصبعه: "اللهم فاشهد". وها نحن أولاء نقول: يا رسول الله بلَّغتَ الرسالة، وأدَّيتَ الأمانة، ونصحتَ الأمة، فجزاك الله خيرَ ما يجزي نبياً ورسولاً عن أمته.
حلب
28/1/2019
محمود عكام
التعليقات