خُلِقنا لنبقى، ولم نُخلَق لنفنى، والبقاء إنتاجٌ وعطاء، وشتَّان بين مَنْ هُو عائشٌ مائت، ومَن هو مائتٌ عائش، فالأوَّل في عِداد الأموات وإن كان يتنفَّس، والثاني في عِداد الأحياء وإن كان تحتَ الأرض هامداً، ذاكَ بكَسله، وهذا بعمله، ذاك لأنَّه عاشَ ليأكُل، وهذا لأنَّه يأكُلُ ليعيش، ومن وراء عيشِه غايةٌ نبيلةٌ وأمرٌ عظيم: يجتهدُ في البِناء والإعمار والنَّفع والوَفاء، قُل هل يستويان ؟!
فيا أيها النَّاس: العملُ عملان: عملٌ يُبقيك ويرقيك ويجعلُ لكَ لسان صدقٍ في الآخرين، وعملٌ يُبقيك ويرديك ويجعلك في أسفلِ السَّافلين، يُشكَرُ الأوَّلُ إذ يُذكَر، والثَّاني نصيبُه الإهمال حين الذِّكر: (فأمَّا مَن أعطَى واتَّقى. وصَدَّق بالحُسنى. فسَنُيسِّره لليُسرى. وأما مَن بخِلَ واستغنى. وكذَّبَ بالحُسنى. فسَنيسِّره للعُسرى)، (قد أفلَحَ مَن زكَّاها. وقد خابَ مَن دسَّاها). فاللهمَّ مع المفلحين يا ربَّ العالمين.
حلب
4/2/2019
محمود عكام
التعليقات