ثمة نوعان: أحدهما شخصية مُستوعِبة والآخر شخصية مُستوعَبة، والأولى: هي من يُظَنُّ فيها الضعف، والثانية يُعتَقد أنها الأقوى، إلا أن الحقيقة تقول: إن المستوعِب هو الحضاري وإن المستوعَب هو من يحتاج إلى مجاهدة ليكون في لائحة الحضارة، المستوعِب – يا سادة – هو من يدفع بالتي هي أحسن، وهو ذاته: (فبما رحمة من الله لنت لهم)، وهو أيضاً: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً)، وكذلك: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) وهلم جَرَّاً، وينساق ما ذكرناه من آيات قرآنية على الحديث الشريف، فالمستوعِب: "صِل من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأحسن إلى من أساء إليك"، وهو: "وخالق الناس بخلق حسن"، وأيضاً: "فليسعهم منك حسن خُلُقٍ وبسط وجه". ومن هذين المشكاتين استمدَّ عظماء المسلمين منهج السَّعة والاستيعاب، ولعل الصفحة تضيق عن ذكر ما قالوه وما فعلوه في هذا الشَّأن، ومن ابتغى الاطلاع فثمَّة: "حياة الصحابة" وغيره من الكتب الوفيرة التي تحكي مسيرة هؤلاء الكبار، فاللهم وفقنا للاستيعاب والسَّعة، واجعلنا ممن يقول: "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون".
حلب
26/10/2019
محمود عكام
التعليقات