نعمْ ليسَ فِقهُنا قانوناً يُطبَّق حرفيَّاً وبجفافٍ وحِدِّيَّه، بل الفقه الذي نُعنى به "منهاج"، والمنهاج يَتضمَّنُ قوانين وآداباً وأخلاقاً، وما بعضُها بأولى من بعض، بل كلُّها تُشكِّل الفقه (الفتوى والحكم الشَّرعي)، فمن رضيَ شراء الدواء اللازم بثمنٍ فاحشٍ وباعه مالك الدواء راضياً فالفقه لا يقول عن هذا البيع "شرعي"، وربما قال: "صحيح" من حيث العقد (أركاناً وشروطاً) بَيْدَ أنه خلا من الأخلاق والآداب، فلم تُرَاعَ السَّماحة واليسر والعون وتنفيس الكُرَب وتفريج الهموم وهكذا، وعلى مثل هذا فَقِسْ.
فيا أيُّها المسلمون: لا نريدُ لفقهنا أن يكونَ للتسويغ ولكننا نُريده للتَّوجيه والتَّرشيد والتَّهذيب والتَّأديب، فيبقى الإنسان إنساناً نسبةُ الإنسانية فيه رفيعةٌ وعالية، وصلَّى الله وسلَّم على مُعلِّم الناس الفقه منهاجاً حينَ قال: (قاتلَ الله اليهود، إن الله لما حرَّم شحومها "الميتة" جملوه - أي أذابوه - ثمَّ باعوه فأكلوا ثمنه)، وهؤلاء مثالٌ بيَّن لمن يبحثُ عن فقهٍ مسوَّغ دونَ الفقه المرشِد والموجِّه والمربِّي والمؤنس.
فاللهمَّ فقِّهنا في الدِّين وعلِّمنا التأويل يارب العالمين.
حلب
29/1/2020
محمود عكام
التعليقات