والفِقهُ أشدُّ الفهم، أي فهمٌ وزيادة، أو فهمٌ فوقَ فهم، لأنَّ محلَّ الفقهِ نصٌّ وزيادة، ونصٌّ هو أعظمُ نصٍّ، ونصٌّ هو فوقَ نصِّ البشر، وإذا كانت نصوصُ البشرِ تحتاجُ إلى فهمٍ فإنَّ النصَّ الآتي عن طريق الوحي يحتاجُ إلى فقهٍ (فهمٍ مُضاعَف) ويتضاعفُ الفهمُ من خلال شيئين: العقل الفطري النَّابه الواعي المدرِك، واستيعابُ روحِ الشَّرع وحكمته من خلالِ التَّعرف على مقاصده المعتَبرة والنَّظر إلى المآلات لتكونَ في ساحةِ الاعتبار أيضاً، ولعلَّ أهمَّ ما يُميز هذا الفقه عن سواه أيضاً: المنبَتُ الأخلاقي للأحكام المستنبَطة من النُّصوص المحكَمة فليسَ ثمة حكمٌ معزولٌ عن حِضنه الخُلُقي، ومثالنا على ذلك: أداءُ الزَّكاة الذي يجبُ أن يكونَ برفقٍ ولُطف وأدبٍ وتقدير وسِرِّية إخلاصية إحسانية: (قولٌ مَعروفٌ ومغفرةٌ خيرٌ من صَدَقةٍ يتبعُها أذى)، و: "ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِمالُه ما تنفقُ يمينه".
وفي النِّهاية: لا فقهَ إلا بعقل، ولا عقلَ إلا بتزكية، ولا تزكيةَ إلا بإخلاص، ولا إخلاصَ إلا بتوحيدٍ وتنزيه.
وأخيراً: سلامٌ على الواثقين بأنَّ اللهَ لن يُخيِّب سَعيَهم.
حلب
20/6/2020
محمود عكام
التعليقات