آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
سمات الشباب البنائين لمجتمع منشود -3-

سمات الشباب البنائين لمجتمع منشود -3-

تاريخ الإضافة: 2022/03/12 | عدد المشاهدات: 583

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

لا زلنا نُقلِّبُ صفحةً بعد صفحة، تلك الصفحات تتعلَّق بصفات أولئك الذين يَبنون المجتمع الصالح المنشود الذي تحدَّثنا عن صفاته في أسابيع مضت، وصفات هؤلاء البُناة ذكرنا منها: الإيمان الراسخ الذي لا يلين ولا يتزعزع، والإخلاص الذي لا يعرف المراءاة ولا المصانعة، وذكرنا العلم المتين، وقلنا إنَّ العلم المتين يعني العلم الموثَّق والمحقَّق والمدقَّق، وأركان العلم توثيق وتحقيق وتدقيق. أما اليوم فنُقلِّب صفحتين تحمل كل صفحة صفة لهؤلاء الذين هم فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدى.

السِّمة الرابعة عَمَلٌ صالح دؤوب: يُجافي الكسل والملل، فيا أيها السُّعاة إلى بناء مجتمع منشود، بعد العلم لا بد من عمل دؤوب صالح، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أَحبُّ الأعمال إلى الله أدومها) فحافظوا على أعمالكم ولا تنتظروا النتائج بشكل استعجالي، فلا نريد أن تتعجَّلوا النتائج بعد عمل يدوم يوماً أو يومين، أو شهراً أو شهرين، أو سنة أو سنتين. استمروا وثابروا وتابعوا، ادرس أيها الطالب واعمل وثابر وتابع، أيها التاجر، أيها المربي، أيها الأستاذ، أيها المسؤول: يا مَنْ تسعى لبناء مجتمع منشود صالح: اعمل وكُن مثابراً على عملك، وإياك أن يصيبك الكسل أو الملل، وإياك أن تقف لحظة أو هُنيهةً من أجل أن تنظر وراءك فلعل النظر وراءك سيجعلك تعرقل تقدمك، كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قالت السيدة عائشة رضية الله عنها (دِيمةً) أي دائماً يتَّصف بالدوام والديمومة والاستمرار والمثابرة، واليوم أرى بعضاً من شبابنا يكسلون ويملُّون ويقفون ويقفون، يمشون ولكنهم بعد فترة قصيرة يقفون ويطلبون النتائج، تابع واستمر، العمل عليك بشكلٍ دائم والنتيجة على الله عز وجل.

السِّمة الخامسة الشجاعة: المستمَدَّة من ثقتك بربك، والمستمدة بنصر ربك ومَعِيَّة ربك جَلَّ وعلا، الشجاعة وأعني بها أن تكون قوياً صامداً في مقاومة المعتدي على أرضك وعلى عِرضك وعلى مالك، أريدك شجاعاً في مقاومة المعتدين على هذه الثوابت الأصيلة، كن شُجاعاً في الدفاع عن وطنك وعرضك، عن بيت المقدس، عن وطننا سورية الغالية العزيزة على قلوبنا، في الدفاع عن أهلك، في مقاومة من يريد انتهاك القيم التي جاء بها قرآنك، ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا شَطرٌ من الشجاعة، والشطر الآخر: كن شجاعاً في مقاومة تلك التي بين جنبيك حين تغدو أمارة بالسوء، وهذه الشجاعة لا بُدَّ منها من أجل أن تقيم عليها الشجاعة التي ذكرناها، فعدم شجاعتك في مقاومة نفسك الأمارة لا تجعلك شجاعاً في مقاومة أعدائك، ولا في مقاومة أولئك الذين ينتهكون أرضك وعرضك ومالك. الشجاعة أمام النفس التي تدعوك إلى ما يغضب ربك، بعد أسابيع سيأتينا شهر الصيام نفسٌ أمارة تدعوك بإلحاح إلى أن تُفطر، أنت تقاومها وتقول لها بشجاعة: لا لن أخضع لكِ ولن أستجيب لطلباتكِ أيتها النفس الأمارة، اليوم ولنقلها بصراحة، اليوم نعيش غلاء ولا سيما فيما يخصُّ قِوام عيشنا، في الغذائيات، في الأمور التي تتعلَّقُ بنمو أجسام أطفالنا وأبنائنا، وهنا أقول للتجار وأقول لكل من يشتغل في هذه الميادين وفي ميادين التجارة الأخرى، أقول لهم: كونوا شجعاناً في مُقاومة النفس التي تدعوكم إلى الاحتكار، في مقاومة الطَّمع الذي تفرزه تلك النفس الأمارة بالسوء، والتي ترغب بدنيا على حساب الآخرة، تدعوكم إلى الربح الفاحش، تدعوكم لتحتكروا غذاءً وطعاماً وأشياء ضرورية وترجون أن تغلُو الأسعار لتُعيدوا طرحَ هذه البضائع في أسواقنا "ما هكذا تُورد يا سعد الإبل"، كُونوا شجعاناً أيها المسؤولون في مقاومة النَّفس إذ تدعوكم إلى الظلم، فالعدلُ أساسُ الملك، كونوا شُجعاناً أيها العاملون حثيما كنتم في مواجهة تلك النفس التي تدعوكم إلى قِيمٍ سلبية بحُجَجٍ واهية كثيرة، تارةً بحُجَّة توفيرِ مالٍ لأولادكم في المستقبل، وتارة أخرى بحجة توفير مال من أجل تقديمه على حَدِّ زعمكم للفقراء المحتاجين، أيها الأغنياء كونوا شجعاناً في مواجهة النفس التي تمنعكم من أداء الصدقات والزكَّوات، من إعطاء ما يجب أن تعطوه للفقير والمسكين وابن السبيل والمريض وكل ذي حاجة، كن شجاعاً أيها المدرس أمام نفسك التي تدعوك أحياناً للتقصير قائلةً لك: "وهل الراتب الذي تأخذه يَعدِلُ ما تُقدِّمه ؟!" وهل هذا من النَّفسِ إلا كيدٌ من الشَّيطان، لأنَّ النفسَ الأمَّارة بالسوء تستمع إلى توصيات الشيطان لتحولها بعد ذلك إلى إليك بأسلوب أو بآخر.

هذا الوقتُ يحتاج إلى شجاعة من أجل الإخلاص ومن أجل الإيمان ومن أجل العلم ومن أجل العمل، يحتاج إلى شجاعة من أجل أن تكُفَّ لسانك عن الغِيبة والنَّميمة، يحتاج إلى شجاعة من أجلِ أن تنتقدَ نفسك قبل أن تنتقد الآخرين، من أجل أن تقول لنفسك: سَتَركِ الله وأظهر لكِ عَيْبَ فلان، فلا تَشمَتي بفلان، فلعلَّ الله يستره ويفضحك، ايتها النفس الأمارة بالسوء، كن شجاعاً على نفسك حتى ترتقي هذه النفس من مرتبة النفس الأمارة بالسوء إلى مرتبة الآمنة المطمئنة الراضية المرضية وهكذا يكون الجهاد: (والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سُبُلَنا وإن الله لمعَ المحسنين) الشجاعة في مواجهة العدو شجاعة، لكن الشجاعة الأُسُّ التي تقوم عليها الشجاعة في مواجهة العدو هي تلك الشجاعة التي تواجه بها نفسك إذ تأمرك بما لا ينفعك ويغضب الله ويعود عليك بالسوء. انتبه لشجاعة ينبغي أن تتحلَّى بها قبل أن يتحلَّى بها الآخرون وتنافسوا وتسابقوا في ميدان الشَّجاعة، الشُّجاع فينا من يقف في مواجهة نفسه ليقول لها بحزم وقوة: اتقِ الله في فلان، اتق الله في بيعك وشرائك، اتق الله في هؤلاء الذين أنت مسؤولة عنهم، اتق الله في بلدك، اتق الله حيتما كنتِ وأتبعي السيئة الحسنة تمحها، وخالقي الناس بخلق حسن، اللهم إنا نسألك شجاعةً كما قلت في كتابك: (يُبلِّغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله) نسألك خشية منك يا رب العالمين في كل تحركاتنا وسلوكنا وأفعالنا، نِعْمَ مَنْ يُسأَلُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 11/3/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/bHqVig5rc2/

لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا

http://www.akkam.org/topics/4979/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق