آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
وصايا لاستمرار الصداقة

وصايا لاستمرار الصداقة

تاريخ الإضافة: 2022/07/22 | عدد المشاهدات: 376

أمَّا بعد، فيا أيُّها لإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

سألني شاب قال لي: إنَّ لي أصدقاء وأصحاباً وأريد أن أستمرَّ معهم وأن يستمروا معي، وأريد أن نتحقق جميعاً بالصداقة الحقيقية فعلاً، فكيف يكون ذلك ؟ قلت له: ثمة وصايا إن أنتم اتبعتموها استمرت هذه الصداقة وهذه الصحبة، ولا سيما في وقتنا هذا الذي أصبحت فيه الصداقة الصدوقة الصادقة أمراً نادراً. قلت له: إن كنت مع هؤلاء الأصدقاء فلا تفكر في الهجر لأمور تافهة، لأن الهجر بين الأصدقاء والأقرباء أضحى اليوم عادة معتادة، وأمراً طبعياً، لا تفكر في الهجران، فالمسلمان إذا تهاجرا: (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) وأريد أن أزيدك: هل تعلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) أخبروني عن أخ شقيق يهجر أخاه سنوات، عن جار يهجر جاره سنوات وسنوات، عن أختٍ تهجر أمها، عن صديق يهجر صديقه، أصبح مجتمعنا هشاً ضعيفاً من حيث ترابط أفراده.

الوصية الثانية: اعفُ وسامح، إذا أساء إليك صديق فاعف وسامح: (ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً) كما قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه). يا أيها المجتمع أتريد أن تكون مجتمعاً فالحاً هيا إلى اتباع هذه الوصايا.

الوصية الثالثة: تبسم في وجه أخيك وصاحبك وجارك، تبسم فـ: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، ما بالنا نضن ونبخل بهذه البسمة على بعضنا، لا يبتسم الرجل في وجه جاره، ولا يبتسم التلميذ في وجه زميله، ولا يبتسم التاجر في وجه جاره وزميله، ولا يبتسم المعلم في وجه صانعه، كلنا يظن، وأصبح الوهم ظناً وربما ارتقى إلى اليقين بأنه كلما ازداد تجهماً كلما ازداد قوة شخصية وهذا منافٍ لتعاليم سيد الناس عليه الصلاة والسلام: (لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) ما بالنا نلتقي في جمع أو احتفال أو مسجد ونظن أن البسمة لا تكون مع المسجد، بل البسمة في المسجد مع أخيك المصلي الذي بينك وبينه مشتركات تصل إلى أقل من المئة بشيء قليل. البسمة في اللقاء، البسمة بين المصلين وبين الصائمين، لماذا تبخل علي بالبسمة - يا أخي – التي تعطيني وتعطيك طمأنينة وأمناً وأماناً واستقراراً وسلاماً، هيا إلى لقاء على اساس من إيمان وإلى لقاء على أساس من أمان، وعلى أساس من ضمان. قال الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه: "إذا التقى المسلمان فتذاكرا غُفر لأبشِّهما وجهاً" للذي يبتسم من هذين الأخوين الملتقيين.

الوصية الرابعة: النصيحة المشروعة بآدابها عامل من عوامل استمرار الصحبة والأخوة والصداقة، يقول صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة) ويقول الصحابة رضي الله عنهم: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم) ويقول صلى الله عليه وسلم، سبحان الله، ما أعظمك يا سيدي يا رسول الله وما أشد حرصك على أن تكون أمتك أمة متضامنة متكافلة متباذلة ومتعاونة، وحسبنا الله، ما أشدَّ حِرص أمتك اليوم على أن تكون مُتناحرة مُتنافرة متباغضة متعادية: (لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً) هكذا يقول الرسول محبكم وحبيبكم كونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله. استخرج من قلبك هذه العلقة، علقة البغضاء والشنآن والحقد والحسد، وكفانا هذا الذي ألم بنا، أتريدون يا إخوتي خراباً أكثر من هذا الذي حلَّ، أتريدون دماراً، أتريدون ذلاً أكثر من هذا الذي حلَّ بنا: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) تتحققون بالإيمان خير تحقق من خلال الأخوة ومن خلال الصحبة الصادقة، ومن خلال الواعية، (بايعنا رسول الله على النُّصح لكل مسلم) ثمةَ حديث من أروع ما كُتب في التاريخ في بيان كيفية هذه العلاقة بين الصاحب وصاحبه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن مرآة المؤمن) سأسلك سؤالاً: لو أنك نظرت مرآة فرأيت صورتك غير واضحة، المرآة إذاً تحتاج إلى إصلاح لأنها شوهتك، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤمن مرآة المؤمن) أنت مرآتي فلا تجعلني أرى نفسي فيك مشوهاً وكم نرى بعضنا في الآخرين مشوهين، (المؤمن مرآة المؤمن إذا رأى عيباً فيها أصلحه) أصلح العيب في المرآة، لماذا أرى فيك نفسي مشوهاً، ولماذا ترى نفسك في مشوهاً، لماذا لا أكون صافياً معك ولماذا لا تكون صافياً معي.

يا إخوتي أفيقوا من هذا السُّبات الذي إذا لم نفق منه ستكون العاقبة أشد ألماً مما مررنا به ومر بنا، أفيقوا وتآلفوا مع بعضكم وتكاتفوا وإياكم والهجر، وإياكم والإساءة وإياكم والتقاطع وإياكم والعبوس، وإياكم وكل هذه الأمور التي تنفرنا من بعضنا، اللهم إني أسألك أن تجعل قلوبنا متآلفة، وأن تجعل أجسامنا متعاونة متضامنة وأن تجعل ألسنتنا متواعدة ومتفقة على سداد القول، وسنكمل الوصايا التي من خلالها تستمر الصداقة الواعية الهادفة، اللهم وفقنا لذلك نِعْمَ مَنْ يُسْأَلُ ربنا، ونِعْمَ النَّصيرُ إلهنا، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 22/7/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/eqm_95S2Yo/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق