حدثني صديق زار اليمن، ومكث فيها ما لا يقل عن ثلاث سنوات، فقال : إن الجواب الحاضر لدى أيّ يمني ، سواء أكان فقيرا أم غنيا ، على سؤال : ( كيف الحال ؟ )، هو : ( قرش إلا ربع ) .
و لقد رأيت في هذا الجواب منظارا متوازنا للحياة، فكل الناس، إلا من استثناه الله فكان صفياً نبيا ، ينقصه الربع في قرص القرش المستدير .
ويختلف الربع بحسب المكان الذي يشغله الإنسان الماثل أمام هذا القرص للقرش، فواحد يرى ربعه الناقص في المال، وآخر في الأولاد، وثالث في الجاه، ورابع في الجمال ...إلخ .
إذاً لِمَ التعالي ؟! و لِمَ الحزن ؟ و لِمَ الفرح ؟! ولِمَ الهم ؟! و لِمَ السرور ؟! لِمَ الحسد والتطلع ؟! لِمَ اللوعة على إنسان ولى، والتهليل لآخر أتى ؟!
تذكر ربعك الناقص، واعلم أنك لو كنت غيرك لتمنيت أن تكون أنت الآن، فما أجمل أن يحافظ الإنسان على ثلاثة أرباعه، ويكمل الربع الأخير بغيره لبناء وحدة الإنسانية !
وما أروع الحياة حين يغدو الربع الناقص موضوع عمل جاد ، وبحث دقيق، في ضوء المعطيات السماوية، والتجارب البشرية !
وما أروع أن تتراجع عن تنقيص غيرك بربعه الناقص، لتتذكر ربعك المماثل أيضا .
وما أعدل ألا تقابل الكامل منك بالناقص من غيرك !
ألا أيها المعذبون في الأرض : أنا واثق أن ما ينقصكم هو الربع فقط، وهو المقدار ذاته الذي ينقص غيركم، فالحياة عادلة، والأمور متوازنة : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) .
ارفع المجهر عن عينيك، ولا تنظر به ثلاثة أرباع غيرك الكاملة فستتعب .
حد ث نفسك بالحقيقة، وبما كنت عليه بالأمس، وبالذي صنعته اليوم، وأعط أذنك لهواتف الحياة تسمعها تردد في اليمن، وفي غير اليمن : ( الحياة قرش إلا ربع ).
ونحن تحت هذا الحكم سواء .
التعليقات
أسعد الأطرش
تاريخ :$comments_array1.date|date_format:"%Y/%m/%d "}
راق هذا الخاطر , أعجبني لتوازنه ومنطقيته , نعم الربع الناقص عندك أكمله من ثلاثة أرباع الآخر وانطلق في دنيا الإيمان والبناء , أنت أنسان يعتريك النقص ولابد . فالكمال لله خالقك ومولاك .
التعليقات