آخر تحديث: الأربعاء 17 إبريل 2024
عكام


كلمة الشـــهر

   
يا هجرة الخير أثمرتِ

يا هجرة الخير أثمرتِ

تاريخ الإضافة: 2003/03/04 | عدد المشاهدات: 2950

الصراع بين الخير والشر قائم دائم وسينتهي من غير ريب بانتصار الخير ، بَيْدَ أن الثمن الذي سيدفعه أهل الخير هو : التوصيف الموضوعي الدقيق للشر وأهله وتبيان تنافره مع الفطرة الإنسانية الأصيلة ، ومن ثمَّ يبتعد الخير عن الشر ويهجره لتستبين المفاصلة جلية واضحة ، حتى إذا ما ابتعد الخير واشتد عوده وقامت أركانه راح يبعد الباطل عن ساح الإنسان والإنسانية ، وحينها سيكون القوي المطلق مع الحق ، يقاتل معه ويعاونه ويساعده ، فلقد جاء أهل الحق بالحق ، وزهق الباطل وأهله ، إن الحق كان منصوراً ، وأما الباطل فكان زهوقاً .
ولعلنا إذا عدنا إلى مقومات الثمن الثلاثة نفصّلها بعض الشيء قلنا : أما التوصيف الموضوعي فهو في التكليف دعوة إلى التأمل ، وما ( اقرأ ) إلا انطلاقة جد قوية في هذا المجال ، وهو أيضاً دعوة إلى اختراق الآفاق بعين العرفان ، وهل آيات الآفاق والأنفس في القرآن إلا اختراق حميد ، ومن جملة بنود التوصيف تبيان حال تابع الشر ، فهو الذي يفكر بغير عقل ، ولو كان يسمع ويعقل لما كان في أصحاب السعير .
وأما الابتعاد والمفاصلة التي يقوم بها الخير فيتحرك هاجراً الشر ، فلا بد فيه أولاً من الإخلاص فمن كان في ابتعاده قاصداً غير وجه ربه فابتعاده سيكون وبالاً عليه ، وأما من كان ابتعاده لوجه الله فنِعِمَّا هو . كما لا بد بعد الإخلاص في الابتعاد من التضحية ، وهل هناك تضحية أعظم من التضحية بالبلد والموطن ومسقط الرأس " ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت " هكذا خاطب النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم مكة المكرمة وهو يبتعد عن أهلها الذين كانوا يجسدون الشر آنذاك .
وأخيراً : يأتي الإبعاد ثواباً وجزاء لأهل الخير ، وعقاباً ووبالاً على أهل الشر ، وقد تحقق هذا الإبعاد في السيرة الأنموذج ، سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد عاد في غزوة الفتح إلى مكة وإلى الكعبة وراح يوقع الأصنام الموضوعة حول الكعبة على الأرض بعود في يده قائلاً : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً ) .
فيا هجرة الخير أثمرتِ ، ويا طغيان الشر ها قد خسرت ، وخسر معك مَنْ معك ، ويا مسيرة الفضيلة انتصرت ، ويا فوضى الرذيلة لقد خسئتِ وخسئ معكِ مَنْ معكِ . (ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين) .
كل عام وكل ذكرى للهجرة والأمة الإسلامية والعربية بألف خير ، والخير كل الخير في دحر الآثم ، والتزام الشرع الحكيم الخالد في الأقوال والأفعال والأحوال .

1/محرم/ 1424 هجرية
د. محمود عكام

التعليقات

شاركنا بتعليق