وهل ثمَّة مانعٌ من أجل أنْ نقولَ جميعاً: نريدُ حياةً لا ظلمَ فيها، ونبغي وطناً لا ظلمَ فيه، ونسعى لإزالة الظلم أينما كان ؟!!
فليس هناك - يا أيُّها الإنسانُ - رذيلة أفظع من الظلم، ويمكنُ أنْ نقول: ليس هناك فضيلة أعظم من العدل. ولعلك تسألني يا قارئي عن حدِّ الظلم وتعريفه، فإني قائلٌ:
الظُّلم: أن تسأل عن أمرٍ ما غيرَ أهله؛ والظُّلم: أن تحكمَ على أحدٍ ما من غير تبيُّن؛ والظُّلم: أن تحاسبَ الإنسان على ما في داخله من اعتلاجاتٍ ولم تُترجَم بعدُ إلى سلوكٍ قولي أو عملي؛ والظُّلم: أن تقهرَ بالسلاح أعزَلَ؛ والظُّلم: أن تواجهَ الكلمةَ الناقدة باليد والقوَّة؛ والظُّلم: أن تقابلَ بالسِّنانِ اللسان؛ والظُّلم: أن تُكرِهَ بالسيف غيرَك على معتقدك وفكرك؛ والظُّلم: أن تأخذَ الآخر بكلام غيره عنه، وتهجرَ كلامَه عن نفسه؛ والظلم: أنْ يحملك الشنآن على أنْ لا تعدل؛ والظلم: أن تحقرَ مَن هو دونك لمُجرَّد أنه دُونك؛ والظلم: أن تقفو ما ليس لك به علم؛ والظلم: أن تعدَّ الأمانة مَغنماً؛ والظلم: أن يكون خطأ مَن تحبُّ صَوَاباً، وصوابُ مَن تكره خطأ؛ والظلم: أن تتَّهم بريئاً وتجعل من ذي التهمَة جريمة؛ والظلم: أن تقابل الإساءَة بالإساءة بدافع ردَّة الفعل فقط؛ والظلم.. والظلم..
وحدِّث عن صور وأمثلةٍ وفيرةٍ ولا حرج، وما أجمل ما جاء في الحديث القدسي عن ربِّ العزَّة مخاطباً الناس كافة (يا عبادي: إنّي حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّماً فلا تظالموا...)، وما أجمل أيضاً ما جاء في الحديث النبوي الشريف: "... ولكن وطِّنوا أنفسكم على إنْ أحسن النَّاس أنْ تحسنوا وإنْ أساؤوا أن لا تظلموا"، فاللهم نصراً للمظلوم.. نصراً للمظلوم....
حلب
الاثنين 20جمادى الأولى 1437
29 شباط 2016
د. محمود عكام
التعليقات