آخر تحديث: الجمعة 26 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
من آفات اللسان – 2-

من آفات اللسان – 2-

تاريخ الإضافة: 2021/07/09 | عدد المشاهدات: 838

 

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيمُ قلبه حتى يستقيم لسانه) ويروى عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّه قال: "ما من شيءٍ أحقُّ بطول السَّجن من اللسان". تحدَّثنا في الأسبوع الماضي عن ضرورة ضبط اللسان واستقامته، وذكرنا آفة الغِيبة التي يجب أن نُجنِّب ألسنتنا هذه الآفة، أما اليوم فنتابع ذكر الآفات اللسانية، وإن شئتم سمُّوها جرائم من أجل أن نتخلى عنها وأن نُجنِّبها ألسنتنا، وأن نُجنِّب ألسنتنا إياها.

الآفة اللسانية الثانية النميمة: وأنا إذ أتحدث عن هذه الآفة والتي قبلها أتحدث عن مرضٍ تفشَّى فينا، ولا أتحدَّثُ عن مرضٍ ليسَ موجوداً بيننا، نتحدث عن المرض من أجل أن نسعى سعياً حثيثاً للشفاء منه، فالمجتمع الذي يتفشَّى فيه الغِيبة والنَّميمة وسائرُ آفاتِ اللسان مجتمعٌ يُدعَى بمجتمع النقمة.

النميمة، وما أكثرَ ما تفعل في مجتمعاتنا، النَّميمة نقل الكلام بين الناس للإفساد وللإيقاع بينهم، تنقل كلمةً سمعتها من هذا إلى ذاك وإذ بذاك يضطَّربُ ويُعادي القائل، وأنتَ في النهاية تتحمَّل الوِزر الذي ترتَّب علىى هذا وعلى ذاك: (ولا تُطِع كلَّ حلافٍ مَهين. همَّازٍ مشَّاءٍ بنميم) سُئل المصطفى صلى الله عليه وسلم عن شِرار الناس قال: (المشَّاؤون بالنميمة) وفي رواية: (ألا أُخبركم بشِرار الناس ؟) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (المشَّاؤون بالنميمة، المفرِّقون بين الناس) وفي رواية: (المفسِدون بين الأحبة) وما أكثر ما نفعل هذا. هذا ينقل عن ذاك، وهذا يسعى من أجل أن يستفزَّ أولئك بكلامٍ منقولٍ عن هؤلاء، ولا أريدُ أن أفصِّل في الحالات التي نرتكبها فكُلُّكم على اطلاعٍ عليها. مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال: (إنَّهما يُعذبان) سمعَ صوت التعذيب، وهذه من خصوصياته صلى الله عليه وسلم (إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال بلى في كبير، أمّا الأول: فكانَ لا يستَتِر من بوله)، تنتشر النجاسة في جسمه لأنه لا يستتر بشكل جيد، (أما الثاني فكان يمشي في الناس بالنميمة) وسبحانَ الله ! قلت في رأيي: ما العلاقةُ بينَ هذين الشخصين ؟! أحدهما تنتشر النجاسة في جسمه وهو يهمل الاعتناء بذلك، والآخر ينشُر النجاسة المعنوية والفحشاء والبغضاء في جسمِ المجتمع، النَّمام ينُشر البغضاء والفرقة والشحناء والعداوة في جسمِ المجتمع، لذلك يُعذَّبان، ولا يُعذَّبان في كبير في نظرهما، ومما يُستهان به، لكنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: (بلى إنه كبير) ويقولُ صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة نمَّام) وإن كان صائماً ومُصلياً، مجتمعنا يكادُ يعيش في ظلال غيمة سوداء داكنة يسقط منها كِسَفٌ من الشَّحناء والعداوة هذه الغيمة هي النَّميمة التي نعتاشُ عليها في الأسرة الواحدة وفي الوظيفة وفي الدائرة وفي الوظيفة وفي كل مكانٍ. هنالك من ينقل الكلام بين الناس لصالحِ الإفساد والإيقاع، هناكَ من ينقل عن النَّاس الكلام الذي إذا نُقِلَ إلى جهةٍ ما سبَّب إشكاليات وإشكاليات وعلى الرغم من هذا ينقلُ وربَّما سَجَّل أو كتب إلى آخر ما يمكن أن يقال. (تُوبُوا إلى الله جميعاً) أيها الإخوة من هذه الفعلة الشنيعة، هي آفةٌ علينا أن نتجنَّبها.

الآفة الثالثة: السَّبُّ والاتِّهام: (سباب المسلم فسوق) واسمعوا شوارعنا وانظروا أزقتنا وانظروا من داخل بيوتاتنا، واسمعوا فإنكم ستسمعون أموراً تنتسب للسبِّ والشتم، أهكذا يكونُ المسلم والمؤمن، انظروا شوارعنا وأحياءنا ومدارسنا فالسبُّ أصبحَ عادةً لشبابنا، لا أقول لكلِّ شبابنا لكن لكثير من شبابنا ورجالنا ونسائنا، وكلٌّ منا اتخذ هذا الأمرَ الفظيع دَيْدَناً له، أما الاتِّهام فما أكثر المتَّهِمين، وما أكثر المتَّهَمين، وأنت جالسٌ على أريكتك يُذكَرُ فلانٌ فتقول بكل برودة أعصاب ستكون حاميةً في النار يوم القيامة، هذا فاسد، وهذا كافر، وتوزِّعُ على الناس هذه الأحكام ولا يسلَمُ من لسانك واتهامك إنسانٌ ما، يقولُ سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَرمي رجلٌ رجلاً بالكفر، ولا يرميه بالفسوق إلا ارتدَّت عليه) إلا ارتدَّت على الرامي. اقرؤوا أيها الإخوة هذا الذي يُقال وينتَشر في وسائل التواصل الاجتماعي، ما أكثرَ ما يُتَّهم فلان، وفلان المتَّهِم لا يعرفُ المتَّهَم، وفلانٌ المتَّهِم حتى إن عرفَ المتهَم إلا أنَّه يسلخه بألسنةٍ حِداد، ما أكثرَ ما يُكفِّرُ بعضُنا بعضاً، وما أكثرَ ما يُفسِّق بعضُنا بعضاً، اعدلوا عن هذا يا إخوتي. أتريدون مُجتمع رحمة ؟! مجتمع الرحمة لا غِيبة فيه ولا نَميمة ولا سباب ولا اتهام.

أقول أخيراً ونكاد نرى ذلك واضحاً: حتى الأموات لم يسلموا من ألسنتنا، إذ نسلقهم صباح مساء، وكأنَّ القضية لا تأخذُ منا أيَّ اهتمامٍ بشؤون ديننا، ما أكثر ما يُشتَمُ الأموات على حسبِ ظنِّ الشاتم بأن هذا الميت قد ماتَ وهو كافر، يقول المتهِم دونَ أن ينظر إلى اعتبارات السَّماء أو إلى اعتبارات الدِّيانة، أو اعتبارات المراقبة الإلهية، دونَ أن ينظر إلى ذلك على الإطلاق، ولذلكَ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تسُبُّوا الأموات) وأنا أرى عبرَ وسائل التَّواصل الاجتماعي هنا وهناك سَبَّاً وشتماً للأموات: (لا تسُبُّوا الأموات) على إطلاقهم (فإنهم قد أفضَوا إلى ما قَدَّموا).

يا إخوتي فلنعُد إلى ألسنتنا بالكفِّ (كُفَّ عليكَ هذا) كما ذكرنا في الأسبوع الفائت عندما قال النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (يا مُعاذ كُفَّ عليك هذا) قال معاذ: وإنا لمؤاخذون بما نتكلَّم به يا رسول الله ؟! قال: (ثَكِلتكَ أمك يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم) إلا ما تنتجه ألسنتهم من فظائع. اللهم إنا نسألك استقامةً لإيماننا، واستقامةً لقلوبنا، واستقامةً لألسنتنا، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 9/7/2021

 

مشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/v/uyGezfba /

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق