آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
"إِسرائيل" المنكَر الأفظَع فلنغيِّره

"إِسرائيل" المنكَر الأفظَع فلنغيِّره

تاريخ الإضافة: 2024/02/16 | عدد المشاهدات: 180

 

أمَّا بعد، فيا أيها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنون إنْ شَاءَ الله:

قال لي أحدُ الطلاب يوماً: يا أستاذنا ثَمَّة حديثٌ يقول فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَن رَأى منكم مُنكَراً فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبِه وذلك أضعفُ الإيمان)، والسؤال: هل هذا حديثٌ صحيح ؟ أجبته: نعم، هو حديث صحيح، رواه الإمام مسلم في صحيحه. فقال لي: أعطِنا مثالاً تطبيقياً على هذا الحديث. وهنا قلت له: سآتي بمثالٍ لا أوضَح ولا أبْيَنَ منه. يا هذا ما المنكر اليوم الأفظع في حياتنا على مستوى الدنيا ؟ المنكر الأفظع اليوم هو هذا الكيان الغاصِب المسمَّى "إسرائيل" والذي لا يَمُتُّ إلى "إسرائيل" النبيِّ بِصِلة، هذا الكيانُ الأثيم السَّفاح السَّفاك هو أفظع مُنكَر اليوم على وجه الأرض، وها أنذا أقول لك: (مَن رأى مِنكم مُنكَراً فليُغيِّره بيده) وكلنا يعلَم من أقصى الدُّنيا إلى أقصاها أنَّ هذا الكِيان مُنكَرٌ بامتياز، فما علينا إلا أن نُغَيِّره ونُزيلَه بأيدينا، ونحن قادرون إذا كُنَّا مُعتَصمين بحبل الله، لم نَقُم بإزالة هذا المنكر بأيدينا، وبالأمسِ القريب، ومنذ أشهر قامَ إخوةٌ لنا مُجاهدون بإزالة هذا المنكر بأيديهم، هذا المنكر الذي لا يَشُكُّ عاقلٌ في مُنكَرِيَّته، أما أنت يا سائلي فلم تستطع تغيير هذا المنكر بيدك، إذاً عليك أن تنتقل إلى المرحلة التالية، أن تُزيلَه بلسانك، وكيف يتمُّ ذلك ? يتم ذلك بشَرحِكَ وتِبيانك بأنَّ هذا الكِيانَ غاصب، وأنَّه لا حَقَّ له في فلسطين، ولا حق له في القُدس، ولا حَقَّ له في كنيسة القيامة، ولا حَقَّ له في بيت لحم، ولا حَقَّ له في أي بُقعةٍ من بِقاع هذه الأرضِ الطَّاهرة، عليكَ أن تُبّيِّنَ بلسانك زِيفَه وسُوءَه وضَرَره وصَلَفه وظُلمَه، عليك أن تُبيِّن بلسانك أنَّ الأقصى للمسلمين، ولشرفاء العالم، أن تُبيِّن بلسانك بأنَّ هذا الأقصى من حقِّ المسلمين، وحقِّ الشُّرفاء في كل الدُّنيا، بيِّن هذا فأنتَ تُغيِّر المنكرَ بلسانك، وإياكَ أن تَسكُت إن كنتَ تعلم عن هذا الأمرِ أشياء وأشياء بيِّنها، وهنا أطالبُ المثقَّفين وعُلماء التاريخ، وأطالبُ السِّياسيين والمحلِّلين أن يقوموا بإزالة هذا المنكر الأفظع من خلال الكلمة والبيان، فإن لم تستطع، لم تُجاهِد مع المجاهدين، ولم تَستطع تبيان ما يجبُ تبيانه في هذا الأمر وتلك القضية، إذاً ما عليك إلا أن تقولَ بقلبك، وبينك وبين رَبِّك: اللهمَّ إني أسألك أن تُوفِّقني من أجل أن أجاهد وأن أغيِّر هذا المنكر بيدي، أو بلساني. عليك أن تدعوَ بقلبك وفي خَلوتك، أن تدعوَ للمجاهدين، وأن تقولَ: اللهمَّ انصُرهم على عَدوِّهم وعَدوِّنا وعدوِّ الإنسانية نَصراً مُؤزَّراً، اللهمَّ أهلِك الصَّهاينة. ادعُ في خَلوتك، في صَلواتك، فهذا من بابِ تغيير المنكر بقلبك، وهل ثَمَّةَ من يمنعك من أن تدعو ربك على هذا العدوُّ الأثيم، على هذا العدو الضالِّ المضل، على هذا العدوِّ المعتدي السَّفاح السَّفاك، (فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفُ الإيمان) أضعف الإيمان يعني هذا أصل الإيمان، فإن انتفَى هذا كما قال الإمام عليٌّ كَرَّمَ اللهُ وجهَه، يقول: "إذا لم يعرف قلبُك المعروف، ولم يُنكِر المنكر فقد انتكَس" فأنتَ صاحبُ قلبٍ مَنكوس، لذلك أقولُ لكل الذين لا يقومون بأضعفٍ الإيمان، بأصل الإيمان: انتبهوا إلى قُلوبكم، فإنَّها مُنتَكِسة، وإنَّها بلا شكَّ على غيرِ طَبيعةِ الإيمان، وإنها لتكادُ تكون قد طُبعَ عليها، ونسألُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أن يحفَظَنا من هذا.

مَن لم يَعرِف قلبُه المعروف، وينكر المنكر فقد انتكَس، ويُؤيِّدُ ذلك حَديثٌ معروفٌ مَشهور، يرويه الحافظُ الهيثمي في "مَجمَع الزَّوائد"، لن أسرد الحديث كُلَّه، ولكن سأقولُ موضع الشاهد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوماً: كيف أنتم إذا تركتم الأمرَ بالمعروف، والنَّهيَ عن المنكر ؟ فقال الصَّحابة: وكَائنٌ ذلكَ يا رسول الله ? يعني هل هذا سيكون ? فقال النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام: وأشدُّ منه سيكون. وفي روايةٍ: (والذي نفسُ مُحمَّد بيده، وأشدُّ منه سيكون. قالوا: وما أشدُّ منه يا رسول الله ? قال: كيف أنتم إذا رأيتم المنكرَ مَعروفاً، والمعروفَ مُنكَراً ? قالوا: وكَائِنٌ ذلكَ يا رسول الله ? قال: والذي نفسُ محمدٍ بيده وأشدُّ منه سيكون، قالوا: وما أشدُّ منه يا رسول الله ؟ قال: كيف أنتم إذا أمرتُم بالمنكَر، ونَهيتُم عن المعروف ؟ قالوا: وَكَائنٌ ذلكَ يا رسول الله ? قال: وأشدُّ منه سيكون. قالوا: وما أشدُّ منه يا رسول الله ? والذي نفس محمد بيده، يقول الله: بي حلفت، لأتيحنَّ لهم فِتنة يَصيرُ الحَليمُ فيها حَيران) وفعلاً تكادُ الفِتنُ تَتراكمُ علينا، فهناك رجلٌ من بني جِلدتنا، أو إنسانٌ من بني جلدتنا، نقول إنسان من بابِ التَّجاوز، من باب المشاكلة، من بني جلدتنا ويزعمُ أنَّه مِن ديننا، وفي الوقتِ نفسِه يَدعَمُ المنكر، ويَضُرُّ بالمعروف، يَدعَمُ الكِيانَ الغَاصِب تَأييداً ودَعماً وعَطاءً، وبالنِّسبة للمجاهدين للمعروف يَقِفُ أمامهم مُعادياً، إن لم أَقُل يقفُ أمامهم مُقاتِلاً، يا اخوتي (لأُتيحَنَّ لهم فتنةً يَصيرُ الحليمُ فيها حَيران) "إسرائيل" مُنكَر، يا أيها المسلمون في كلِّ بِقاعِ الأرض، يا أيها العرب، يا أيها العُقلاء، يا أيها الشُّرفاء: "إسرائيل" مُنكَرٌ، وعليكم من أجل أن تُثبِتُوا شَرَفَكم وتُثبِتوا دِينَكم وتُثبِتُوا إنسانيَّتكم، عليكم أن تُزيلُوا هذا المنكر، إما باليد وأنتم قَادِرون، وإما باللسان وأنتم قَادِرون، وإما بالقلب، وهذا خِطابي لأولئك الذينَ لا يَستطيعونَ قَولاً ولا يَقدِرونَ على فِعلِ شيءٍ، وإنما سَلَّموا أمرهم إلى الله عَزَّ وجَل، فلا أقلَّ من أن يكونوا بينهم وبينَ أنفسهم من الذين يتبتَّلون إلى ربِّهم داعين: اللهم انصُر المسلمينَ الحقيقيين يا ربَّ العالمين، اللهم انصُر إخوتنا المجاهدين في فلسطين، اللهم انصُر إخوتنا أولئك الذين يَسعَوْنَ لإزالةِ الظُّلمِ الذي تُجَسِّده الصُّهيونية المجرمة، المتمثلة بالكيانِ الغَاصِب، وبمن يَدعَمُ هذا الكِيانَ من كُل الأصنافِ، ومِن كُلِّ الأجناسِ، ومِن كُلِّ الأديانِ، ومِن كُلِّ الطَّبائع، ومن كُلِّ الفئات.

في النهاية: أتدرُونَ لماذا كُنَّا خيرَ أمة ? لماذا قالَ اللهُ عنَّا بأننا خيرُ أمة ? لأنَّنا نأمرُ بالمعروف، ونَنهَى عن المنكر، نأمُر بالمعروف الذي عَرفَهُ الشَّرعُ الحَكيم، وننهَى عن المنكر الذي أَنكَرهُ الشَّرعُ الحكيم، (كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت للنَّاس تأمرونَ بالمعروفِ وتَنهَونَ عَن المنكر وتُؤمِنونَ بالله) إن لم يكن الأمرُ بالمعروف والنَّهي عن المنكر وأؤكد على أنَّ الأمر بالمعروف ينبغي أن يكونَ مُستضِيئاً بِضِياءِ الشَّرعِ الحَنيفِ الحق، فَهِمَ بعضُ النَّاسِ في يومٍ من الأيَّامِ الأمرَ بالمعروف على غَيرِ ما يجب أن يفهموه، لذلك نراهم الآن جاؤوا ليؤيِّدُوا المنكر ويُنكِروا على المعروف، وكُلُّنا يعلمُ ما المقصود الواقعي من كلامي هذا الذي قُلتُه، وبالمقابل فإنَّ بني إسرائيل لُعِنوا كَما جاءَ في كتابِ الله عَزَّ وجَل لُعِنوا لأنهم لم يأمروا بالمعروف ولم يَنهَوا عن المنكر، (لُعِنَ الذينَ كفروا مِن بني إسرائيلَ على لِسانِ دَاوودَ وعيسى ابنِ مَريم ذلكَ بما عَصَوا وكَانُوا يَعتَدُون. كَانوا لا يَتَناهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوه لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعلون) اللهمَّ وَفِّقنا للقيامِ بأوامرك حَقَّ القيام معَ النِّية الخالصة لوجهك الكريم، نِعْمَ مَن يُسأَلُ أنت، ونَعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله   .

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 16/2/2024

 

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

 

https://fb.watch/qf3iWwfSFX/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

التعليقات

شاركنا بتعليق