الـسـؤال
السؤال : ما هو أثر القرآن في اللغة و الأدب في العصر الأول من الإسلام .
الإجـابة
القرآن الكريم مفخرة العرب في لغتهم ، إذ لم يتح لأمة من الأمم كتاب مثله لا ديني ولا دنيوي من حيث البلاغة والتأثير في النفوس والقلوب ، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يكاد يمضي في تلاوته حتى يأخذ بمجامع قلوب سامعيه - مؤمنين أو كافرين - وكلام الوليد بن المغيرة حين سماعه القرآن معروفة ومشهورة ، فقد قال : " سمعت كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه " وكذلك اجتماع بعض المشركين يستمعون لتلاوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم أبو جهل والأخنس بن شريق . إنه نمط باهر معجر ببلاغته وبيانه ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ) وفعلاً عجز العرب عن معارضة القرآن عجزاً تاماً فمضوا يجردون سيوفهم ويغمدون ألسنتهم ، ولم تلبث المعجزة الباهرة أن استعلت وانتشرت أضواؤها في الجزيرة العربية وبزغت على دروب العالم ومسالكه ، مما هيأ لانقلاب واسع في تاريخ اللغة العربية وآدابها ، وهذه بعض آثاره إجمالاً :
1- جمع العرب على لهجة قريش ، وقد كان الشعراء يستخدمونها غالباً ، أما قبائلهم فكانت تلوك لهجات تختلف عن اللهجة القرشية حسب قربها من مكة أو بعدها ، فلما تلاه العرب باستمرار أخذت هذه اللهجة تعم بل وتسود مشارق العالم الإسلامي ومغاربه ، فكان سبباً لحفظها على مر العصور .
2- حول العربية إلى لغة ذات دين سماوي وبذلك أحل فيها معاني لم تكن تعرفها من قبل ( لفرقان ، الإسلام ، الصوم ، الصلاة ، التيمم ... ) والمسألة ليست ألفاظاً فحسب بل مسألة دين له مضمون من عقيدة وعبادة وسلوك ثم انبثقت عنه العلوم المختلفة .
3- هذب اللغة وأقامها في هذا الأسلوب المعجز من البيان والبلاغة ، له رونق وطلاوة ، لا زوائد ولا فضول ، فاللفظ على قدر المعنى وكأنما رسم له رسماً ، وهذا الأسلوب البالغ الروعة هو الذي أقام عمود الأدب العربي منذ ظهوره ، وعلى هديه أخذ الخطباء والكتاب والشعراء يصوغون آثارهم ونتاجهم ، فهو معجمهم اللغوي والأدبي الذي ساروا على هديه مهما اختلفت أقطارهم وتباعدت أمصارهم .
وللاستزادة يمكنك مراجعة : تاريخ آداب العرب لـ : مصطفى صادق الرافعي .