آخر تحديث: الثلاثاء 03 ديسمبر 2024      
تابعنا على :  

خطبة الجمعة

   
استَحضِر مَعِيَّة الله تعالى

استَحضِر مَعِيَّة الله تعالى

تاريخ الإضافة: 2023/02/24 | عدد المشاهدات: 29969

أمَّا بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

في ظلال هذا الذي يجري، ونسأل الله عزَّ وجل أن يُكلِّلنا وأن يُجلِّلنا بالعافية والحماية والرعاية والسَّتر وأن يجعلنا في كُلِّ بقاع الدنيا في مَأمن من كل مكروه.

في هذه الخطبة أحب أن أعرض عليكم أمرين اثنين، أما الأمر الأول فاستوحيتُه من قول الله عزَّ وجل: (لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبدَ لكم تَسُؤكم)، الله ينهانا عن أن نسأل عن أشياء جوابها يسوؤنا ويسيء إلينا، لذلك لا تسأل عن شيء جوابه سيكون سيئاً وسيسيء إليك وسيسوؤك، لا تسأل عنه، فما بالكم ونحن نسأل عن أشياء ونعلم أن الجواب سيسوؤنا ونحن نُمعِن ونمعِن، نسأل عن أشياء فإن كان الجواب مُطَمئناً تركناه، حتى إذا كان الجواب مُقلِقاً وقفنا عنده، وهكذا أصابنا القلق والاضطِّراب وكنا بذلك مُخالفين لقول الله عز وجل: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)،كلنا يريد أن يفهم قانون الزلازل، قانون البراكين، قانون الهزات الأرضية، متى ستكون هذه الهزة، ومتى سيكون ذاك الزلزال، ومتى سيحدث، وأنت تسأل هذا وتسأل ذاك، وتبحثُ في "النِّت" وتبحث في وسائل التواصل الاجتماعي وتقرأ ذلك في الكتب وتبحث عن ذلك عبر جهاز التلفاز المهم أن تصل في النهاية إلى خبر يسوؤك، عندما تصل إلى خبر يطمئنك تمر عليه غير آبه، أنتم مطلوبٌ منكم أن تكونوا في عملكم الذي هُيِّئَ لكم، اشتغل أيها الطالب في دراستك، اشتغل أيها التاجر في تجارتك، اشتغل أيها المعلم في تعليمك، اشتغل أيها الجندي في ثكنتك، اشتغلوا جميعاً حيثُ وفَّقكم الله، (اعملوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلق له)، وما عدا ذلك ما عليكم إلا أن تسألوا السُّؤال العابر أو السؤال الذي يُعطيكم جواباً عاماً، كما تسأل أنت عن دِينك هل تسألُ واحداً أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة، كما تسأل عن جِسمك إلى كم طبيبٍ تذهب ؟ تذهبُ إلى طبيبٍ واحد أو إلى طبيبين ولا تذهب إلى عشرة أطباء أو إلى خمسين طبيباً، يا إخوتي (لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تسؤكم) هذا أسمع منه يقول: لقد قال فلان، العالم الفلاني ويقسم لي عبر وسائل التواصل، عبر الواتس، وعبر سوى ذلك من وسائل التواصل هذا العالم يقول ستحدث هزات بعد فترة وجيزة، ستكون هنالك زلازل في المدى القريب في المدى البعيد، يا إخوتي لو كان هؤلاء على علمٍ حقيقي لنَّبؤونا عن الزلزال الأول الذي حدث، يا هؤلاء، يا أيها المسلمون: اطمئنُّوا، هذه أمور طبيعية تحدث، علينا أن نسأل ما الذي يجب أن نفعل حين تحدث ما عدا ذلك العلماء يَشتغلون ولا حاجة حتى - مع كل الاحترام للعلماء المختصين بعلم الزلازل والكوارث - لا حاجة من أجل أن يُفصِّلوا على التلفاز أو على الراديو أو على كل وسائل الإعلام، لا حاجة للتفصيل من قِبلهم، لأننا نعلم كما قلت لكم عِلمَ اليقين أنَّ المتلقي، أنكم أنتم لن تطمئنوا إلى الكلام المطمئن، ولكنكم ستقلقون عندما تسمعون إلى كلامٍ مُقلِق، رُبِّينا على الخوفِ، وعلى الخوفِ من الخوف، يأتي خمسون عالماً من علماء الزَّلازل يُطمئنونك، يُطمئنون واحداً عمَّا سيحدُث أو عمَّا كانَ أو عمَّا سيكون، لن تطمئن، ويأتي واحد وهو غير عالم، ولا يعلم بالزلازل ولا يعلم بأي شيء يتنبؤ تنبؤاً أو يتوقع توقعاً وإذ به بكلامه المخيف المرعب يدرك خمسين إنساناً عالماً "ما هكذا تورد يا سعد الإبل" هذه الفكرة الأولى.

الفكرة الثانية: عندما تحدث شدة، عندما تقع شدة، عندما تقع كارثة، علينا أن نتأسَّى بما كان يفعله أولئك الذين اصطفاهم الله عز وجل أنبياء لنا ورسلاً، وجعلهم بالنسبة لنا أسوة، أصابتني شدة، وقعتُ في أزمة، وقعتُ في كارثة، ما الذي يجب أن نفعل ؟ أتأسَّى وأئتسي بالأنبياء والمرسلين، أئتسي بموسى عليه الصلاة والسلام يوم قال له أصحابه: (إنَّا لمدركون) فرعونُ وجماعته يتبعونهم ويكادون يسيطرون عليهم ويكادون يقتلونهم ويكادون يقبضون عليهم (إنَّا لمدركون. قال كلا إنَّ مَعِيَ ربي سيهدين) استحضار المعية الإلهية، ماذا كانت النتيجة: (فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كُلُّ فِرقٍ كالطَّودِ العظيم) استحضِر مَعِيَّة الله: (ثاني اثنين إذ هُما في الغار إذ يقولُ لصاحبه لا تَحزَن إنَّ الله معنا) لا تحزن إنَّ الله معنا، استحضر معية الله عند وقوع الكارثة وقبل وقوع الكارثة وبعد وقوع الكارثة، استحضر مَعِيَّة الله، وكيف تستحضر مَعِيَّة الله ? تتوسَّل إليه وتدعوه، (كلا إنَّ معي ربي سيهدين)، فيا رَبِّ اجبر كَسرَنا، يا ربِّ ارفع الشِّدة عنا، يا ربِّ نَجِّنا مما نحن فيه، يا ربِّ خفِّف عنا، وهكذا دواليك، ولعلك تسألُ يا أخي: وهل هذا الدُّعاء ينفعُ وقد كُتِب ما كُتب في القدر بأنَّ البلاء سيحدث ؟ أقول لك: نعم ينفع، ويردُّ القدرَ الدُّعاءُ، ولا يَرُدُّ القدرَ الا الدُّعاءُ، هكذا قال سيد الكائنات، نعم يردُّ القدرَ الدُّعاءُ، ادعوا اللهَ عزَّ وجل وأنتم بينَ أنياب الكارثة، وادعوا اللهَ بعد أن تنتهي الكارثة، وادعوا الله قبل أن تقع الكارثة، وادعوا الله عزَّ وجل وقلوبكم ترتعش، ادعوا الله عزَّ وجل فالدعاء يرد القدر، والدعاء كما قال سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام: (الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عبادَ الله بالدعاء، وإنَّ الدُّعاء ليلقى البلاء، وإن الدعاءَ الصَّاعد ليلقى البلاءَ فيَعتَلِجان، يتصارعان إلى يوم القيامة)، ادعوا الله عزَّ وجل أعود وأذكِّر نفسي وإياكم: (لا تسألوا عن أشياء) أتدرون ما قال النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذلك ؟ (إنَّما أهلك مَنْ كانَ قبلَكم كثرةُ مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم) والشُّراحُ يقولون: كثرةُ الأسئلة، وكثرة المسؤولين، كثرة مَسائلهم، بكثرة الأسئلة وبكثرة من يسألون، وهذا ما نحن عليه اليوم في هذه الأوقات العصيبة التي نمرُّ بها. يا إخوتي، يا أيها الناس، يا أيها المسلمون: اللهُ معنا، فأنزل الله سكينته، المهم أن يُنزِل الله علينا سكينته، ليس المهم أن ننجو من الحادثة أو من الكارثة ولكن المهم أن تبقى قلوبنا مطمئنة، لأن هذه الدنيا بطبيعتها دنيا أكدار وما من يومٍ إلا وفيه كدر يصيب فلاناً أو يُصيب علاناً، ولستَ أنت بمأمن من أيِّ كَدَر أو من أي قَدَرٍ فيه شيء مما قد يُسيء إليك ظاهراً

جُبِلَت على كَدَرِ وأنت تُريدُها          صفواً من الأقدار والأكدارِ

ومُكلِّفُ الأيامِ ضِدَّ طِباعها              مُتطلِّب في الماء جذوةَ نار

يا رب إنك معنا، فبحق محمد وآل محمد، بحق الطفولة، وبحق الشيخوخة، وبحق القلوب البريئة أتوسَّل إليك يا ربنا أن ترفعَ عنَّا البلاء والغلاء والوباء وأن تصرف عنا المحن والزلازل والهزات والبراكين، وأن تجعل قلوبنا مُطمئَّنة مُستكينة لك يا ربَّ العالمين، يا مُجيبَ السَّائلين، نِعْمَ مَنْ يُسأَلُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 24/2/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/iUln_N-_7-/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق