الـسـؤال
أستاذي فضيلة الشيخ الدكتور / محمود العكام حفظكم الله
أتوجه إليكم بسؤال نود الإجابة عنه بشكل موضوعي موسَّع، مع العلم أن الإجابة ستكون مزيلة للحيرة عندي، حيث إني سمعت كلاماً كثيراً متضارباً بين مدحٍ وذمٍ وتنقيص للشيخ أحمد كفتارو من علماء وعوام. وزاد الأمر حيرة عندما قرأت كتابين أحدهما للأستاذ محمد حبش، والآخر للنداف، فيهما مديح عظيم جعلني أشعر وكأن الزمان لم يأتِ بمثله مع أننا لم نشاهده على التلفاز إلا قليلاً، ولم تكن له هذه الشهرة من حيث المكتوب عنه بالكتابين. فأريد من حضرتكم تزويدي بالمعلومات الوافية عنه، وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجـابة
بداية لا بد أن نقرر أمراً مهماً، وهو أن كتّاب السيرة الذاتية أو الشخصية هما أحد رجلين:
إما كاتب اعتمد تجربته الشخصية مع صاحب السيرة أو المكتوب عنه، وكان قريباً منه وملازماً له، وغالباً ما تكون هذه السيرة غير موضوعية إذ إنها تعتمد الأساس العاطفي مصدراً ملهماً لها، وإما كاتب اعتمد المنهج الموضوعي أساساً له، وراح يمحص كل فكرة مسموعة أو مكتوبة حول صاحب السيرة أو المكتوب عنه، وبالتالي اعتمد الموضوعية والمنهجية أساساً علمياً لكتابته.
بين هذين النوعين من كتابة السيرة الذاتية نضع ما كتب من قبيل النوع الأول، إذ أن كل الذين كتبوا عنه هم من تلامذته وملازميه، ولا يخفى أن من يكتب عن مرشده وشيخه يأبى قلمه الزلل أو الإشارة إلى الخلل إن وجد، أما الشيخ رحمه الله - في رأينا - فهو صاحب نصيب وفير، وإسهام متميز في مجال الدعوة والإرشاد والتزكية، وهذا ما جعله مؤثراً في نفوس كثير من متابعيه، وقد ساعد على هذا التأثير أن الشيخ رحمه الله كان مفتياً للجمهورية منذ عام 1964، وبقي في منصبه إلى أن توفي، ويجب أن لا ننسى للشيخ إسهامه في العمل الخيري والقلمي من خلال مجمع أبي النور.
لم يخلف الشيخ أثاراً مكتوبة، ومن الملاحظات التي تؤخذ عليه أنه لم يُطوِّر الإفتاء منصباً ومؤسسة رسمية، ولم يُصِبها بوابل الإصلاح اللازم لها وكان يمكنه ذلك، والله أعلم، لما له من علاقات كبيرة مع أولي الأمر.
أخيراً: أقول لك أيها السائل الكريم: رحم الله الإمام مالك عالم المدينة حين قال: "ما منكم من أحد إلا رَدّ أو رُدّ عليه، إلا صاحب هذا القبر". وأشار بيده إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ورحم الله الشيخ كفتارو، وجزاه الله خير ما يجزي مربياً عن طلابه.