آخر تحديث: الجمعة 29 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
واجباتنا تجاه الإنسان والمسلم والوطن

واجباتنا تجاه الإنسان والمسلم والوطن

تاريخ الإضافة: 2006/12/01 | عدد المشاهدات: 5890

أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون، ويا أيها الضيوف الأكارم:

الإنسان بين واجب وحق، بين ما له وما عليه، فمن عرف ما له وواجبه أو من عرف واجبه وحقه فهو عادل، ومن عرف حقه وتجاهل واجبه فهو غافل، ومن عرف واجبه وتجاهل حقه فهو فاضل، أنت تعرف ما عليك وتتجاهل الذي لك فأنت فاضل، أنت تعرف الذي عليك والذي لك فأنت عادل، أنت تعرف الذي لك وتتجاهل الذي عليك فأنت غافل، المهم أن نتعرف على واجباتنا ولقد ذكرت على هذا المنبر ما يجب علينا تجاه ربنا وتجاه القرآن الكريم وتجاه الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أما اليوم فاسمحوا لي أن أحدثكم وأن أحدث نفسي عن واجباتنا من أجل أن نعلمها وأن نقوم بها، فلا يكفي أن نتعرف على واجباتنا فحسب ولكن علينا أن نتعرف عليها وأن نقوم بها، أريد اليوم أن أحدثكم عن واجباتنا نحو ثلاث مكرمات:

المكرم الأول الإنسان، والمكرم الثاني المسلم، والمكرم الثالث الوطن.

فما واجبك أيها الإنسان المسلم نحو الإنسان بشكل عام ؟ واجبك أيها المسلم نحو الإنسان بشكل عام أمران اثنان ولا أريدك أن تنساهما.

أما الأمر الأول: فالاحترام والتكريم. نحن أمة علمنا القرآن احترام الإنسان، نحن أمة علمنا القرآن تكريم الإنسان ﴿ولقد كرمنا بني آدم﴾ ولقد ورد في البخاري والنسائي أن جنازة مرت من أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقام لها، فقال بعض الحاضرين: يا رسول الله إنها جنازة يهودي، فنظر رسول الله إليهم وقال: (أوَليست نفساً). الواجب الأول نحو الإنسان احترامه وتكريمه.

الواجب الثاني نحو الإنسان: ضمان حقوقه. نحن أمة لا نأكل الحق ولا نريد أن نبخس الناس أشياءهم، نحن أمة نريد أن نؤدي الحقوق إلى أربابها، نحن أمة أمرنا القرآن الكريم بالعدل، والعدل هو أن تعطي كل ذي حق حقه، ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون﴾. نحن أمة قال لنا ربنا في القرآن الكريم: ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾، يروي صاحب كتاب حياة الصحابة أن سيدنا محمداً عليه وآله الصلاة والسلام أرسل سيدنا عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر من أجل أن يحسب إنتاجهم الزراعي حتى توضع الضريبة العادلة على الأراضي كسائر الأراضي الأخرى، تخوَّف اليهود من أن يظلمهم عبد الله، نظر عبد الله بن رواحة في عيونهم فرأى آثار التخوف فقال لهم مطمئناً ومطمئنا: "والله إنكم لتعلمون أنكم أبغض خلق الله إليَّ، إلا أن هذا لا يحملني على أن أظلمكم". واجبنا نحو الإنسان تكريمه واحترامه وضمان حقوقه.

واجبنا نحو المسلم، قل لي – هذا المسلم الذي يجلس بجانبك – ما واجبك نحوه ؟ أقول لك: إن واجبك نحوه أمران اثنان أيضاً، الحماية والرعاية، أن تحميه من كل إيذاء، من كل ما يسوؤه، أن تحميه من كل شر، فلا سباب ولا إيذاء، أولم تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أوصى به الأمة كما جاء في البخاري ومسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) فلا إيذاء لمسلم، ألم تقرأ فيما يخص السباب والشتم للمسلم ما قاله سيدي رسول الله حسب ما جاء في البخاري (سباب المسلم فسق وقتاله كفر) ولا تكفير نحن لا نكفر مسلماً ونريد أن نستبعد من ألسنتنا وأن نبعد من تفكيرنا ما يمكن أن نتهم به مسلماً من فسق أو كفر لأن نبينا عليه وآله الصلاة والسلام قال كما جاء في البخاري أيضاً: (إن الشيطان يئس أن يعبد في جزيرة العرب ولكنه بالتحريش فيما بينكم) أي رضي في أن يُحرِّش فيما بينهم، أن يحرش هذا المسلم على ذاك المسلم، وأن يحرش المسلم من المذهب الفلاني على المسلم من المذهب الفلاني، وللأسف فقد استجاب بعضنا لتحريش الشيطان فراح يُكفِّر أخاه، وراح يسب أخاه... الخ. واجبك نحو المسلم أمران، حماية من إيذاء، من غيبة، من نميمة، من تكفير، من سب، من شتم. والواجب الثاني: الرعاية، تسألني ما الرعاية ؟ كيف أرعى أخي المسلم ؟ أقول لك تعاون معه وتكافل معه. التعاون يعني الرعاية، والرعاية تعني التعاون، التكافل يعني الرعاية والرعاية تعني التكافل أوليس الله قد قال: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ أما التكافل فما أروع تلك الصورة التي رسمها سيد الكائنات حينما قال: (مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) كما جاء في البخاري أيضاً، أريد المسلمين أن يرعى بعضهم بعضاً متعاونين متكافلين على أساس من حب، أوليس النبي قد قال كما جاء في صحيح الإمام مسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنون حتى تحابّوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم) واجبك نحو المسلم أمران، أريدك ألا تنساهما: حماية من إيذاء، وتعاون وتكافل على أساس من حب. وإني أغتنم هذه المناسبة لأتحدث عن تعاون بنّاء وتكافل جميل معطاء بين سورية وبين تركيا، بين القيادتين وبين الشعبين، ها هو التعاون الاقتصادي يتجلى ويزداد يوماً بعد يوم، وها هو التآلف والتكافل على مستوى الشعبين وعلى مستوى الحكومتين وعلى مستوى رجال الأعمال وعلى كل المستويات ينمو ويزداد ويوفق بفضل الله عز وجل، ولذلك أسأل الله أن يزيد في تعاوننا من أجل رفعة البلدين، ومن أجل عزّ البلدين، ومن أجل تقدم البلدين، ومن أجل تطور البلدين، ونحن بدورنا كشعوب وكطلاب علم ندعم هذا التعاون ونؤكده ونؤيده ونقول للبلدين الجارين بورك سعيكما وإلى الأمام والله معكما.

الأمر الثالث المكرم الثالث: الوطن، ما واجبك نحو وطنك أيها الإنسان السوري ؟ أيها الإنسان التركي ؟ أيها الإنسان اللبناني ؟ أيها الإنسان العراقي ؟ ما واجبك نحو وطنك ؟ أمران اثنان أيضاً، أريدك ألا تنساهما لأن معرفة الواجب تعني أنك إنسان ولأن قيامك بالواجب تعني أنك إنسان عادل فاهم مسلم.

واجبك نحو الوطن أمران: تحصين ودفاع، ووفاء وبناء.

أما التحصين والدفاع فأريدك مدافعاً عن وطنك. فلئن كانت إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال كما جاء في البخاري ومسلم: (الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) لئن كانت إماطة الأذى عن الطريق في وطننا شعبة من شعب الإيمان فإن دفع الأذى ودفع العدو عن بلادنا من أعظم شعب الإيمان، فكونوا يا أبناء هذا الوطن ويا أبناء الأوطان العربية والإسلامية محصنين أوطانكم، كونوا يا إخوتي من الذائدين عن حياض الوطن لأن واجبكم نحو الوطن هو التحصين والدفاع، دافعوا عن أوطانكم، دافعوا عن سورية ووطننا سورية ووطننا تركيا ووطننا فلسطين ووطننا العراق وكل أوطان العروبة والإسلام أوطاننا بامتياز، لا نفرق بين بلد وآخر لأن البلاد التي نتحدث عنها إما أن تكون عربية وإما أن تكون إسلامية عربية وإما أن تكون إسلامية وكل هذه البلاد التي تتسم بذلك شقيقة وصديقة وعزيزة وتدخل تحت نطاق الأخوة التي رسمها وعقدها قرآن ربنا عز وجل: ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾.

الواجب الثاني نحو الوطن: الوفاء والبناء، لا يكفي أن ندافع عن الوطن أمام المعتدي الآثم، لا يكفي أن نميط الأذى عن الطريق، ولكن علينا واجب آخر: أن نبني أوطاننا وبناء الوطن عبادة بل هو من أشرف العبادات إن جعلنا الصناعة تنمو في بلدنا فنحن نعبد الله، إن طورنا زراعتنا فنحن نعبد الله، إن طورنا مدارسنا فنحن نعبد الله، إن طورنا كل ما يمكن أن يسمى فرعاً أو جزءاً من الوطن فنحن نعبد الله، لأن واجبنا نحو الوطن بناء، نريد أن نبني أوطاننا، نريد أن نجعل من أوطاننا أوطاناً رفيعة عالية متينة مبنية قائمة على أرجلها وسوقها قوية عزيزة أبية نريد أن يتنبه أبناء الأوطان هنا وفي كل مكان إلى هذا.

وإنني أيضاً أغتنم هذه الفرصة لأبارك تطور هذه الجارة الشقيقة الصديقة تركيا لأبارك لها تطورها ولأقول للعالم: إن تركيا جديرة –واسمحوا لي أن أقول هذه الكلمة– جديرة لأن تكون في عداد الاتحاد الأوروبي الذي يسعى إلى ضمّ الدول المتطورة المتقدمة وتركيا ما أعتقد أنها ينقصها شيء في هذا المجال.

أيها الإخوة الأعزاء، أذكركم مختصراً، واجبكم نحو الإنسان أمران: ضمان حقوق وتكريم واحترام، واجبكم نحو المسلم حماية من كل إيذاء، ورعاية من أجل التعاون والتكافل على أساس الحب، واجبكم نحو الوطن تحصين ودفاع ووفاء وبناء احفظوا هذا من أجل أن تقوموا به لأن القيام بذلك يعني أننا تحققنا بديننا وإسلامنا، يعني أن الله عز وجل سيرضى عنا، يعني أننا سنكون قد أدينا المسؤولية الملقاة على عاتقنا اليوم أمام الله وأما الأجيال القادمة، اللهم إني أسألك توفيقاً لبلادنا وأسألك نصراً لقضايانا الحقة، وأسألك يا ربنا حفظاً وحماية، وأسألك التوفيق لقائد هذا البلد، أسأل الله عز وجل أن يسدد خطاه وأن يثبته وأن يجعله عاملاً بما يرضي ربنا جلت قدرته إن ربي على كل شيء قدير، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ: 1/12/2006

التعليقات

سارة

تاريخ :2007/12/02

بكل صراحة الخطبة أوالموضع جمبل جدا وأنا أشكرك على هذا التعاون وإن شأ الله سأرى المزيد من خطبك وموضوعاتك

شاركنا بتعليق