أقول بادئ ذي بدء وأنا أعتصر ألماً
: كل عام وأنتم بخير ، لكنني أستدرك وهل ثمة معنى للخير في أذهاننا ؟! وإذا كان
كذلك فما هو ؟
لقد أضحت كلمة " الخير " فيما بيننا كمطر الصيف القائظ ، لا تنتظر لحاجة إليها
وإن قدمت فلا أحد يلتفت إليها . نعم كمطر الصيف وسحابته ، ضمن منظومة أجواء
الحرِّ والقيظ والرطوبة وجمود الهواء ووجومه ، وكذلك " الخير " في منظومته
القتل والتدمير والأِحن والبغضاء والشحناء والعداوة و... وليس هذا فقط في
عالمنا بل غدا سمة العالم كله من أدناه إلى أقصاه .
ويوم نستنطق الناس ولاسيما البرآء منهم فسيخبروننا بذلك وسيؤكدون ، فأي خيرٍ
إذاً هذا الذي تتمنون ؟ وأي معايدة تلك التي تمارسون ؟!
يا أمة الدنيا على اختلاف تجاويف الايديولوجيا والثقافة والعنصر والجغرافية
جدِّدوا الخير وبيِّنوه ، واجعلوه استراتيجياً في مفاصل الثقافة والمعرفة ،
وقوموا بدراسة الأساليب والمناهج والطرق المؤدية إلى محورته في فلك التفكير
الإنساني ، ومن ثم إلى جعله القطب في دائرة الفعل البشري .
ولا أريد في هذه البارقة تفصيلاً ولكنني مذكر ، وأجمل التذكرة تهدى في مناسبات
الصفاء ، فهل من متقبل تهنئتي في يوم عيدي ، وعيدَ مليارٍ ونصف من بني ديني .
وسأبقى أردد : كلّ عام وأنتم بخير ، على أمل الاضطلاع بمسؤولية التعرف على
الخير ومتابعة إظهاره وتجليته سلوكاً وممارسة .
فيا أهلي : كل عام وأنتم بخير ، ويا بلدي : كل عام وأنت بخير ، ويا وطني : كل
عام وأنت بخير ، ويا عالمي العربي والإسلامي : كل عام وأنتما بخير ، ويا أيتها
الدنيا : كل عام وأنت بخير .
وأما الشر وأهله فلا أبقاهم الله بيننا ولا على أرضنا مَن كانوا ، ولتلاحقهم
اللعنة حتى يُنفَوا عن الأرض ومنها ، فلحظات الأمان أضحت لدينا طموحاً إنسانياً
، وهل التقدم الحاصل على تحقيق هذا الطموح بحاصل ؟! إني أنتظر فأدعو لي بالخير
فستذكرون ما أقول لكم ...
1/12/2003
1 شوال 1424
الدكتور محمود عكام
التعليقات