آخر تحديث: الجمعة 04 أكتوبر 2024      
تابعنا على :  

خطبة الجمعة

   
خطبة العيد

خطبة العيد

تاريخ الإضافة: 2002/12/05 | عدد المشاهدات: 4981

أما بعد :
أيها الإخوة في سورية الغالية رئيساً مؤمناً حكيماً وشعباً وفياً 

دُخل على سيدنا الإمام علي كرَّم الله وجهه في يوم عيد فرُئي يأكل خبز شعير ، فقالوا له : يا أمير المؤمنين خبز شعير في يوم عيد ؟! فتبسم الإمام وقال : اليوم عيدُ مَن قُبل بالأمس صيامه ، وحَسُن بالليل قيامه ، اليوم لنا عيد ، وغداً لنا عيد ، وفي كل يومٍ لا نعصي الله فيه فهو لنا عيد . 
أجَل : عيدنا هو قبولنا في سِجلِّ الراضين المرضيين عند ربنا ، عيد الفطر عيدنا بعد صيام مقبول ، وعيد الأضحى عيدنا بعد حج مبرور ، كل الأعياد تنهض على ثلاثية مقدسة هي : 
أ - فرحة قبول ب- تعميق إنسانية جـ - تدعيم ارتباط مع الديَّان والإنسان والأوطان . 
- أما فرحة القبول : فسرور وحبور وابتهاج ، وقد روي أن سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان في بيت السيدة عائشة رضي الله عنها في يوم عيد ، فرأى جاريتين تغنيان فنهرهما أبو بكر وقال لهما : مزمار الشيطان في بيت رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : " دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وإن اليوم عيدنا " . 
- وأما تعميق الإنسانية ثانية منظومة العيد : فالإنسانية ما هي إلا تعاون وإيثار وتباذل وتحابّ وتناصح ، وهذا ما يجلّيه العيد بوضوح عبرَ صلاة تحكي في اجتماع المصلين قصة اللقاء الخيّر ، وما أجمله اليوم من لقاء كنتم فيه يا سيادة الرئيس الطرفَ المتفضّل على الطرف الآخر وهم أبناء حلب الأوفياء الذين سعدوا بكم واستبشروا بمقدمكم ورعايتكم وعنايتكم ، وها هم يردّدون جميل صنيعكم ببسمة أطفالهم ومبايعة شبابهم ودعاء شيبهم بأن يحفظكم ربي للإسلام نصيراً وللعروبة راعياً وللوطن قائداً برّاً كريماً . 
ويجلّي العيد معاني الإنسانية أيضاً من خلال الزيارات والمعايدات التي تنتشر عبر المصافحات والمعانقات أثيراً تشكّله عناصر الصفاء والوداد والإخاء ، وإني لأجد عبَق هاتيك المعاني والقيم على قسمات وجوه أبناء الوطن الغالي يرسلونها إليكم يا سيادة الرئيس أنفاساً ملؤها الامتنان على مكرمتكم النبيلة ومنحتكم الكريمة ، وإني لأظنكم في رأس قائمة الكرام الذين قال عنهم شاعرنا :
 

وفي العيد عادات الكرام لقد جرت

ببرِّ اليتامى وافتقاد الأراملِ

وثالثة منظومة العيد : هي تدعيم الارتباط مع الديّان والإنسان والأوطان . فمَن دعم ارتباطه بالله وقوّأه غدا الله إياه من غير حلول مبغوض أو اتحاد مرفوض ، فقد ورد في الحديث القدسي أن رب العزة جل جلاله شأنه قال : " وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينّه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنََّه " . 
وأما مَن دعم ارتباطه بالإنسان على أسس من خير وفضيلة عاش بأمن وأمان ، بَيْد أن هنالك أناساً يرفضون الخير والفضيلة أساساً يلتقى عليها ويستبدلون بهما شراً وعدواناً ورذيلة ، فأولئك ما لهم منا إلا المقاومة ورد الاعتداء ، وما نحن في هذه المقاومة بهواة قتل ولا تدمير بل ندفع بها عن أنفسنا القتل والتدمير كما قال القائد الراحل المؤمن حافظ الأسد طاب ثراه . 
وسيحصد أولئك المعتدون في النهاية ناراً تحرقهم جرّاء زرعهم الدمار والفساد والبغي والطغيان ، وأعني بهم : الكيان الإسرائيلي الغاصب الذي ما فتئ منذ أكثر من خمسين سنة يخطف بشراسة بسمة أطفالنا ، ويبيد بغلظة اخضرار أرضنا ، ويُرهب بفظاعة براءة نسائنا ، وينتهك بوقاحة قرارات الشرعية الدولية ومبادئ العدل السماوية ، فلهؤلاء المارقين من رحاب الإنسانية نقول ما قاله قائدنا بشار حفظه الله : " أمامكم خياران إما الانصياع للعدالة والحق والسلام العادل ، وإما لكم منا المقاومة والجهاد " وإنّا أو إياكم لعلى أرض إحقاق الحق أو في معركة مستمرة نهايتها محسومة - وإن طالت - لصالحنا بإذن الله ، لأننا نبغي الخير في الأرض ، وأنتم تبغون الفساد والشر ( ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين . ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون ) . 
وأما من دعم وقوَى ارتباطه بالوطن حماية ورعاية فيا طوباه ويا هناءه ، وهو القمين بلقب العيد الإنساني الرشيد ، وحمايتك يا وطني الحبيب دفع المكاره عنك ، والذود عن حياضك ، والشهادة من أجل تحرير كامل ترابك ، وأما غايتك فسعي جاد حثيث لتنشيط قيمك السماوية العظيمة ، وتفعيلها ، وترسيخ العقيدة الخالصة في قلوب أبنائك ، وتقوية اقتصادك ، وتطوير صناعتك ، وتحديث زراعتك ، وتوحيد أبنائك تحت راية حبك وافتدائك ، فالوطن يا أبناءه أمانة من أغلى الأمانات في أعناقنا . ولئن طلبتم مثالاً على مَن رعى هذه الأمانة وكان لها أميناً من حاضرنا قلت : هاكم . انظروا بشَاراً ، يُبَشّر ويباشر ، وهذه هي المعادلة الرائدة الرائعة فيه ، بشارة ومباشرة ، ينافح بعزم عن الديار ، ويذود بإصرار عن الحياض ، ويكرم الشهداء الأبرار ، ويدعم المقاومين الأحرار ، ويصرّ على تحرير فلسطين ، وما بقي محتلَّاً من لبنان ، وكامل الجولان ويرفض أن يُضرَب العراق ، ويسعى لرأب الصدع ، ولمّ شمل الأمة على خير وفاق ، ويحذر أمريكا من أن تغوص في وحل الضياع والانهيار إذا ما ركبت رأسها في اتباع سياسة التهوّر ودعم الصهيونيين الأشرار . وهو أيضاً داخل الوطن الغالي سورية يجدّ في تحصين العقيدة الاسلامية الايمانية الإحسانية الأصيلة من الزيغ والضلال ، والأهواء والنزوات . ويقول في أكثر من موطن : نريد إسلاماً صافياً كماء السماء وكما يريده ربنا ذو العظمة والبهاء . وحدّث بعدها ولا حرج عن دأب لا يعرف الملل من أجل بناء اقتصاد متين ، وصناعة رائدة متقنة ، وزراعة محدّثة ، ووحدة وطنية صلبة عزّ نظيرها . 

فالله نسأل أن يزيدكم معانيَ فضلٍ على معان ، وألقاً متوهجاً على ألق لتكون اللقاءات بكم دائماً أعياداً ، والله نسأل أن يتغمد أصلكم بالرحمة وفرعكم باللطف ، وأن يجعل منكم ملاذ خير للإنسان والأوطان ، وكلّ عام وأنتم بألف خير ، وفلسطيننا قد تحررت ، وكذلك الجولان وشبعا في لبنان ، والأمل بالله كبير أن يصلي المجاهدون المحرّرون العيد القادم في المسجد الأقصى وقد اصطفّوا خلف قيادتكم الواعية . 
كلّ عام وأمتنا العربية والإسلامية خير . 
كلّ عام وشعبنا الغالي الوفي بألف خير . 
وكذلك جيشنا الباسل البطل بألف خير . 
وصدق الله العظيم إذ يقول : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

التعليقات

شاركنا بتعليق