آخر تحديث: الأربعاء 17 إبريل 2024
عكام


نشاطات عامــة

   
العلاقات الإسلامية المسيحية / المؤتمر الماروني

العلاقات الإسلامية المسيحية / المؤتمر الماروني

تاريخ الإضافة: 2018/12/20 | عدد المشاهدات: 3599

شارك الدكتور الشيخ محمود عكام في المؤتمر الماروني المنعقد يومي 24- 25/9/2010 بمناسبة الذكرى المئوية السادسة عشر لوفاة مار مارون في مديرية الثقافة بحلب.

وفي اليوم الثاني للمؤتمر 25/9/2010 أقيمت جلسة بعنوان "الكنيسة المارونية الحوار المسكوني والعلاقات مع الإسلام" حاضر فيها إلى جانب الدكتور عكام كل من الأب الدكتور أنطوان ضو، والدكتور محمود أبو الهدى الحسيني، وأدارها سيادة المطران أنطوان أودو.

أما محاضرة الدكتور عكام فقد كانت بعنوان: "العلاقات الإسلامية المسيحية: ثوابت لا تقبل التغيير" أعقبها بملحق: "رسالة وجهها إلى المؤمنين في العالم بمناسبة حلول الألفية الثالثة"، وفيما يلي نص المداخلة والملحق:

العلاقات الإسلامية المسيحية

ثوابت لا تقبل التغيير

أولاً: مقدمة في احترازات وتوضيحات:

أ- أخرجوا هذه العلاقات من مجال السياسة والسياسيين ولا تَعدّوها إنتاجاً سياسياً، ودعوا السياسيين وشأنهم وأنتم تؤصّلون هذه العلاقات.

ب- لا بد من تحويل قواعد وأسس العلاقات إلى واقع معيش، وممارسة على الأرض، وإلا فسيكون التنظير حجة علينا، وسيُحكم علينا بالضعف والقصور حال استمرارنا قوالين فقط.

ج- لنعمل جميعاً على ترسيخ المواطنة عنواناً يحكم مجتمعنا، فالمواطن هو الرّكن الركين والموضوع المتين، له حقوق وعليه واجبات، ولا فرق بين مواطن ومواطن في تلك الحقوق والواجبات، على أساس من دين أو عرق أو لون أو لغة أو جنس، بل الجميع متساوون وعليهم التنافس البنّاء الإيجابي في خدمة الوطن حماية ورعاية، فالكل مواطن وليس ثمة رعايا.

د- لقد زلزلت المجتمعات يوم سُيّس الدين ودُيّننت السياسة.

ثانياً: الموضوع: ثوابت العلاقات الإسلامية المسيحية:

أ- الناس جميعاً مكرمون إنسانياً:

قال تعالى: ﴿ولقد كرمنا بني آدم﴾ الإسراء: 70. وقال: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ الحجرات:13. وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى أبلغت قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم)رواه أحمد 5/411. ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن محمداً عبدك ورسولك، اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة) رواه أبو داود 2/83.

وقد مرّت جنازة أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقام لها، فقيل: إنها جنازة يهودي، فقال: أليست نفساً. رواه البخاري 1/441.

ب- الحَصانة لجميع المواطنين بغض النظر عن اللون والدين واللغة والجنس:

قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾ المائدة: 8. وقال أيضاً: ﴿من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً﴾ المائدة: 32.

ج- على الدولة حماية جميع المواطنين دون تمييز:

قال تعالى: ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً﴾ الحج: 40. ويقول صلى الله عليه وسلم: (ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسه فأنا حجيجه يوم القيامة) رواه أبو داود: 3/170.

والمعاهد هو المواطن بعهد وعلى عهد الوطن، وفي عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لنصارى نجران: (ولنجران وحاشيتها ذمة الله وذمة رسوله: على دمائهم وأموالهم وملتهم وبيعهم ورهبانيتهم وأساقفتهم وشاهدهم وغائبهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير) الأموال لابن زنجويه: 2/103.

د- الحرية للجميع:

ديناً ورأياً وسلوكاً وعملاً، وعلينا أن نعلم أن الحرية هي التي تعطي الوطن قيمته فلا وطن من دون حرية، ولعل الفارق بين الأرض الجرداء والوطن الغالي هو الحرية. قال تعالى: ﴿لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي﴾ البقرة: 256.

وفي معاهدة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أهل القدس "أعطوهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار منهم أحد" تاريخ الرسل والملوك 2/449. وقد صلّى نصارى نجران البالغ عددهم ستين شخصاً في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم متوجهين إلى غير قبلته. السيرة النبوية 1/574.

ويجدر بنا في هذا المقام أن نذكر باحترام ذاك الرجل الحر فارس الخوري حين قال: "إن مبرر وجود فرنسا في هذه البلاد هو حماية النصارى - أنا فارس الخوري - أطلب الحماية منكم أيها المسلمون وأرفضها من فرنسا".

وأخيراً: ها نحن أولاء استدعينا من أجل الثوابت التي ذكرناها في النصوص وشيئاً مما حدث في التاريخ. وآمل أن لا يقولن قائل بأن ذوي النظرة المقابلة يملكون ما تملكون من نصوص ووقائع لأننا بما نقول نقارب المنشود الإنساني العام، وهم بما يقولون يجافون ذياك المنشود المتجلي: الأمن والأمان والسلامة والسلام: ﴿يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة﴾ البقرة: ٢٠٨. وقال تعالى: ﴿فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً﴾ النساء: ٩٠.

حلب 23/9/2010

د. محمود عكام

ملحق

رسالة وجهها الدكتور الشيخ محمود عكام

إلى المؤمنين في العالم بمناسبة حلول الألفية الثالثة

قال الله تعالى : ﴿وقولوا للناس حسناً﴾ البقرة: 83.

إلى كل المسلمين في العالم

إلى كل المسيحيين في العالم

إلى جميع طلاب الإيمان والأمان من بني الإنسان في العالم

السلام على الجميع ورحمة من الله وبركاته :

ها نحن قد دخلنا رحاب القرن الواحد والعشرين، ووطئنا عتبة الألفية الثالثة لميلاد السيد المسيح عليه السلام عليه وعلى نبيّنا وكل الأنبياء والمرسلين الصلاة والسلام، فماذا عسانا نقول، نحن من آمنا بالله جل شأنه وباليوم الآخر وبالحساب يومَ الدين .

إني لأتوجّه إلى المؤمنين في ذكرى الأعياد، على اختلافها وتنوعها وتعددها، من رمضان وميلاد وفطر ورأس سنة، قائلاً:

أجمِعوا أمركم، وألفوا صفوفكم، ووحدوا كلمتكم، واستشعروا مسؤوليتكم عن الإيمان والأمان والإنسان، فالعالم عطشان ينتظر شراباً سائغاً عذباً، تعتصرونه لهم من تعاليم السماء السمحة، فلا تشتغلوا عن هذه المهمة ولا تستبدلوا بها الذي هو أدنى .

أمامنا مشتركات كثيرة، وأعظمها الإيمان بالله، فلننطلق منه، وعلى عواتقنا مهام متحدة جسيمة، وأكبرها إنقاذ القلوب اللطيفة من براثن المادة وطغيانها، التي بدأ داؤها وأُوارها يأخذ الأخضر واليابس، وما بوادر تصحِّر الأرض إلا إشارة إلى تصحر القلوب والنفوس، وهذا ما لا نريد حصوله ولا حدوثه، وإلا فنحن مدَّعون، قد قست قلوبنا، وبعدت حقيقة المحبة عن صدورنا.

أيها المؤمنون بالله:

إن الديانات السماوية جميعها تنادي بالوفاء والمحبة والتسامح وحسن التعايش، وأي تابع لديانة من هذه الديانات لا يقول بهذا فقد أعظم الفرية على دينه.

ولأن الصهيونية لم تتخذ في مسيرتها هذا النهج، وعدلت عنه إلى الاعتداء والقرصنة والفحش، فإنها بعيدة كل البعد عن اليهودية الأصيلة، التي جاءت في أصلها – كبقية الديانات السماوية – هداية للناس ورحمة.

هيّا معاً فلنرفع دعاءَنا إلى الله العلي العظيم من أجل الجائعين حتى يأكلوا ويشبعوا، ومن أجل المرضى حتى يشفوا، ومن أجل المظلومين حتى تعود لهم حقوقهم، ومن أجل التعساء حتى يسعدوا، ومن أجل الأطفال حتى يعيشوا آمنين، ومن أجل المهاجرين حتى يعودوا إلى أوطانهم، والله ولينا وهو حسبنا، وأحبُّنا إليه أنفعنا لعياله.

كلَّ عام، وكل وقت، وكل لحظة والعالمَ كلّه في أمان، والإنسان كل الإنسان في خدمة الإنسان .

والسّلام على أهل السّلام في العالم ورحمة من الله وبركاته ...

2010/09/25

د. محمود عكام

 

التعليقات

شاركنا بتعليق