آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
صبراً أهل فلسطين فإن موعدكم النصر

صبراً أهل فلسطين فإن موعدكم النصر

تاريخ الإضافة: 2002/07/26 | عدد المشاهدات: 7950

أما بعد : أيها الإخوة المؤمنون : أظن بل أعتقد أن كلّنا يسعى من أجل أن يكون محبوباً لربه وأن يحبه ربه وهذا أمر فطري . أَوَلست تسعى لأن يحبك عظيم ؟ أَوَلست تسعى لأن تكون محبوباً لكبير ؟ تلك قضية فطرية ، فمن ذلك الذي يُعَدُّ أعظم وأكبر من الله عز وجل ؟! إذا كنت تسعى من أجل أن تكون محبوباً لربك أو محبوب ربك فاقرأ كتابَه لتدرس وترى من الذين يحبهم الله ، ستجد - أيها الأخ القارئ لكتاب الله - أن الصابرين ممن يحبهم الله عز وجل فالله يقول : ( والله يحب الصابرين ) وإذا كان الله يحب الصابرين فما عليك إلا أن تسعى من أجل أن تكون منهم ولكن قبل أن تكون منهم لابد أن تعرف ماذا يعني الصبر ، لابد أن تتعرف على معنى الصبر وعلى مستلزماته ، فالصبر : ثباتٌ على المبدأ الحقّ ، وتحمُّل الشدائد من أجله . ومرادك وأنت ثابت مُتحمِّل تحقيقَ أملٍ على مستوى الدنيا والأخرى ، فالصبر ثبات وتحمل ثبات على المبدأ ، وتحمل الشدائد في سبيل هذا المبدأ ليتحقق لك أمل نصبته أمام عينيك على مستوى الدنيا وعلى مستوى الأخرى . على مستوى الدنيا من أجل أن تكون عزيزاً بالله ، وعلى مستوى الأخرى من أجل أن تنجو من عذاب الله وأن يدخلك ربك الجنة . وهذا المعنى للصبر استوحيناه من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم رأى آل ياسر يُعذَّبون لأنهم آمنوا بالحق وآمنوا بالمبدأ وآمنوا بالإسلام ، تحملوا الشدائد في سبيله فقال لهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في طبقات ابن سعد وسواه : " صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة " وأنا أقول - من باب القياس - لإخواننا في فلسطين الذين أصابتهم المكاره وكان آخر ذلك ما وقع عليهم من بغيٍ وإثم في غزة ، أقول لهؤلاء الصابرين إن شاء الله : صبراً آل فلسطين ، صبراً آل غزة ، صبراً آل الضفة ، صبراً آل القدس ، فإن موعدكم النصر بإذن الله عز وجل لأنكم صابرون ، والصبر حركةٌ إيجابية . ليس الصبر حالة هامدة أو حالة سلبية جامدة ، إنما الصبر حركة إيجابية تبتدئ بالوصول إلى الحق وتستمر بالثبات عليه وتنتهي بتحقيق الأمل في الدنيا وفي الآخرة ( والله يحب الصابرين ) لماذا يحب الله الصابرين ؟ لأنهم تحلوا بالصبر، والصبر قِوام ُكل فضيلة . أرأيتَ إلى الشجاعة ! لُبُّها الصبر . أرأيتَ إلى العفاف ! لُبُّه الصبر ونواته الصبر . أرأيتَ إلى الطاعة ! لُبُّها الصبر . أرأيتَ إلى التقوى ! لُبُّها ونواتها الصبر . يحب الله الصابرين لأن الصابرين تحققوا بقوام كل فضيلة ، بِلُبِّ كل فضيلة بنواة كل فضيلة هذا أولاً .
ثانياً : لأن الصابرين امتثلوا الأمر القاسي ، امتثلوا الأمر القائم على الابتلاء والمعاناة في حقيقته وصورته ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمَّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) امتثلوا الأمر القاسي ، امتثلوا الجهاد ، ولأن الصبرَ ثبات وتحمل للشدائد من أجل أو في سبيل هذا المبدأ ، الصابرون يحبهم الله عز وجل لأنهم وبكل بساطة قالوا لربهم وبكل وضوح أيضاً قالوا لربهم أنت يا ربنا مبتغانا ، ولأنهم طلبوا بالصبر مَعِيَّة الله ، يحبهم الله لأنهم طلبوا وهم يصبرون مَعِيَّة الله فالله يقول ( إن الله مع الصابرين ) يحب الله الصابرين لأن الصابرين طلبوا مَعِيَّة الله . أَوَليس الله قد قال لهم ( إن الله مع الصابرين ) فَبِطَلَبِهم مَعِيَّة الله أحبهم الله ، ومن يطلب مَعِيَّة الله فالله سيكون معه وسيحبه ، وهل إذا طلبت مَعِيَّة الله فهل هذا إلا دليل على أنك تحب الله ، وإذا أحببت الله فالله يحبك . الله يحب الصابرين لهذا الذي ذكرنا . 
ولكن - أيها الأخوة - للصبر مسلتزمات ومادام الصبر ثبات على مبد أو تحمل للشدائد فالصبر له مستلزمات المستلزم الأول للصبر : أن يكون هنالك مبدأ وإذا لم يكن هنالك مبدأ فعلى أيِّ شيءٍ تثبت ؟ ومن أجل أي شيءٍ تتحمل ؟ والمبدأ هذا الذي من مستلزمات الصبر لن نجد أعظم من الإسلام يُجَسِّد المبدأ ، لأن الإسلام مبدأ الحق . الصبر يستلزم مبدءاً حقاً والله أكرمنا بهذا المبدأ وهو الإسلام وقد تحقق المستلزم الأول للصبر . 
أما المستلزم الثاني فهو : أنموذج يأتسي به وها هو التاريخ ها هو الحاضر يقدم لنا نماذج يأتسى بها فاذكروا يا أخوتي اذكروا على رأس هؤلاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيدَ الصابرين ، سيد الثابتين ، سيد المتحملين ، واذكروا بعد ذلك صحابته الكرام ، وآل بيته الأطهار ، اذكروا أبا بكرٍ في ثباته وتحمله وصبره ، واذكروا عمر ، واذكروا عثمان ، واذكروا علي ، واذكروا بلال ، واذكروا في عصرنا الحاضر شهداءَ جسَّدوا الصدور فكانوا نماذج ، اذكروا الشهداء في فلسطين في أرضنا المحتلة ، اذكروا رجالاً ولا أريد أن أعدد أسماءهم ، فأسماؤهم تعرفونها وها هو واحد منهم ودَّعناه شهيداً منذ يومين في غارةٍ وحشيةٍ ، في مجزرةٍ وحشية ، هاهو الرجل الذي يُدعى صلاح شحادة واحد من هؤلاء الذي كرَّس نفسه من أجل الثبات على المبدأ وعلى تحرير الأرض من العدو الغادر الآثم والذي كرس نفسه وهو يتحمل الشدائد في سبيل هذا المبدأ في سبيل إعلان كلمة الله وفي سبيل رفع راية الإسلام وفي سبيل تحرير القدس والأقصى من براثن العدو الصهيوني الماكر 

وإذا العقيدة لامست قلب امرئٍ 

كانت له في التضحيات روائعُ

المسلتزم الثالث للصبر : هو الأمل ، ولولا الأمل ما سعى ساعٍ بجد ، والإسلام نَصَّب لنا أمام أعيننا أملاً لا أروعَ ولا أعظم . الأمل على مستوى الدنيا الرِّفعة والعزة والتمكين في الأرض ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ) والأمل في الآخرة أن تلقى الله وهو راضٍ عنك . 
مستلزمات الصبر ثلاثة المستلزم الأول مبدأ والحمد الله على دين الإسلام ، والمستلزم الثاني أنموذج والحمد لله على رجال الإسلام ، والمستلزم الثالث أمل والحمد لله على الأمل الذي افترش كتاب الله صفحاته وافترش كتب السنة صفحاته والذي افترش مسيرة التاريخ المضيء وبعضٍ من مسيرة الحاضر الذي نعيشه . 
أيها الأخوة : للصبر نماذج أذكر من الصابرين من الثابتين على المبدأ على سبيل المثال الزبير بن العوام هذا الرجل الذي أسلمَ وعمه لم يسلم ولم يكتفِ بأنه لم يسلم بل حاول تعذيب الزبير فراحَ يَلُفُّه في حصير ويُعلقه في السقف ويُدخن عليه بالنار يريد أن يخنقه ويقول له اكفر بمحمد ، ويسمع عم الزبير من الزبير كلاماً تردده إسرائيل اللعينة ومن ورائها أمريكا الألعن يسمع كلاماً من الزبير عبر الدخان ينساب كالنور : " لا أكفر بمحمد أبداً " ونريد أن نسمع من إخواننا في فلسطين حينما تحاول إسرائيل بأسلحة أمريكا بطائراتٍ أمريكية حينما تريد أن تعذب أبناءنا في غزة في الضفة الغربية في القدس في الأقصى نريد أن نسمع من إخواننا لن نوقف الانتفاضة أبداً ولن نوقف الجهاد أبداً وسنبقى نتابع الانتفاضة والجهاد ، وسنبقى نتابع هذه الفريضة العظيمة فريضة الجهاد لنقول لإسرائيل التي تساعدها أمريكا اللعينة والتي تساعدها قِوى الشر على اختلاف تسمياتها ستستمر الانتفاضة حتى النصر ستستمر الانتفاضة لأن هؤلاء المنتفضين أتباع الزبير وأتباع بلال مهما تعرضوا للمتاعب والمصاعب فالكلمة التي تخرج من أفواههم لا نكفر بمحمد أبداً ولا نستكين ولا نخنع ولا نستسلم ولا يمكن أن نركع إلا لله . هذا قرار كان عبر التاريخ وكان خلاصة ما جاء به النظيفون على مر العصور لا استسلام للخائن ولا استسلام للمخادع ولا استسلام للآثم ولا استسلام للمتكبر ، بل لا كلام معه ، وإنما الطريق الوحيدة في مواجهته هي الجهاد والقتال ليس ثمة شيء أخر . هذا الزبير نموذج وهذه الخنساء أنموذج أيضاً حينما قتل أولادها الأربعة حينما استشهدوا قالت : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو الله أن يجمعني معهم في مستقرِّ رحمته . وتَخلُفُ الخنساء خنساءاتٍ أخريات في عصرنا الحاضر رأيتُ عَبرَ الصور ورأيتم أماً للشهيد كيف وقفت تحيي جنازة ولدها الشهيد كالخنساء ، ضربت مثلاً وها نحن نرى خليفات الخنساء . مُعَاذة العدوية تقول حينما جاء نبأ استشهاد ولدها تقول لهؤلاء النسوة اللواتي جئن يعزينها قالت لهن : إن كنتن جئتن معزيات فلا أريدكن ، وإن كنتن جئتن مهنئات فمرحباً بكن . ونحن نرى مثيلات لمعاذة العدوية نرى مثيلات في عصرنا الراهن . صبراً آل فلسطين فان موعدَكم النصر ، صبراً آل غزة وأنتم يا إخوتنا في العالم في غير فلسطين أحد رجلين إما داعياً للحق فليبذل كل ما يستطيع ، وإما مناوئاً للحق فستدور الدائرة عليه ، و أني أدعو الله عز وجل أن يجعل دائرة السوء تدور على إسرائيل وأمريكا وعلى كل عدوٍ للإسلام والمسلمين . نقول للشعوب وللحكام لا نريد استعراضات عسكرية هنا في بلادنا ولكن نريد لهذه القوة العسكرية أن تمتحن في لقاءها مع إسرائيل وإلا ما الذي نستفيد منه حينما نرى استعراضات عسكرية ، حينما نريد دباباتٍ تمشي يوم الاحتفال لكنها تتراجع يوم الزِّحام يوم القتال يوم اللقاء ؟! ما الذي نريد منه أو ما الذي نستفيده من طائرات تطير و ترسل أوراقاً ؟! نحن نريد لهذه الطائرات أن تطير فوق إسرائيل فوق هذا الكيان لتمطره كما يُمطَر الأبرياء منا ، حينما نمطره فإننا لا نمطر أبرياء لكننا نمطر معادين نمطر آثمين ، أما هم فقد أمطروا أبرياء بالرصاص والقنابل بأسلحة حديثة جديدة يزن بعضَ قنابلها طناً وقعت هذه القنبلة هذه القذيفة على أطفالٍ ، أما رأيتم ذلك يا حكامنا !!! أما رأيتم ذلك يا شعوبنا !!! أما رأيتم ذلك أيها المنصفون في العالم !!! ولا يمكن أن تجيبونا بأن أخوتنا في فلسطين ضربوا مدنيين ، الكل في إسرائيل معتدٍ آثم ، الكل في إسرائيل يريد إذهاب الحق وإحلال الباطل ، لعنة الله عليهم أجمعين وعلى كل من يساعدهم وعلى أمريكا وعلى رؤسائها وعلى زعمائها . نريد أن نصل إلى مرحلة على أضعف تقدير أن تكون لهجتنا لا هوادة فيها وتتبع اللهجة هذه حركة جهادية قوية . ماذا ننتظر أكثر مما حدث في الليل والناس نائمون والأطفال نائمون يقتل أطفالنا وتقتل نسائنا تتفحم جثثهم وتتفحم أجسامهم وبعد ذلك نقول لهؤلاء نريد السلام ، والله الذي لا إله غيره لا يريد أعداؤنا السلام فمن أجل أي شيء نحن نريد السلام ! ننادي العالم : لا سلام مع هؤلاء لأنهم شر ولأنهم غُدَّةٌ سرطانية إجرامية . أيها الإخوة : في صلواتكم اقنتوا وادعوا على إسرائيل و أمريكا ، ادعوا وقولوا اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك ، عليك بحكام إسرائيل وبشعب إسرائيل وبحكام أمريكا عليك بزعيمها ورئيسها بكل إداراتها ، لأنهم ملعونون ولا نستثني منهم أحداً ، فالكل فيهم خبيث أثيم لعين لا استثناء لأحد فيهم . 
أعود إلى الصبر لأقول : " صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة " الصبر أيها الاخوة فالله يحب الصابرين والله مع الصابرين وقد جاء عن سيدنا علي كرم الله وجهه أنه قال : الصبر من الأيمان بمنزلة الرأس من الجسد لذلك قلت : الصبر قِوامُ كل فضيلة ، لأن الصبرَ رأسٌ في كل فضيلة ، والرأس هو الأهم . الصبر من الأيمان بمنزلة الرأس من الجسد . اللهم اجعلنا من الصابرين ، اللهم كن معنا ولا تكن علينا ، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفَّنا غير مفتونين . نِعْمَ من يُسأَل أنت ونعم النصير أنت . أقول هذا القول واستغفر الله .

التعليقات

شاركنا بتعليق