آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
لقاء التلفزيون السوري بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك

لقاء التلفزيون السوري بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك

تاريخ الإضافة: 2006/09/24 | عدد المشاهدات: 4151

مع إشراقة أنوار شهر القرآن والصيام والجهاد، وفي رسالة موجهة إلى أهالي حلب خاصة، وإلى كل مسلم صائم عامة، التقت قناة حلب في التلفزيون العربي السوري مع الدكتور الشيخ محمود عكام، يوم الأحد 1 رمضان 1427 هـ الموافق 24/9/2006.

وقد استهل الدكتور محمود عكام اللقاء بتهنئة الأمتين العربية والإسلامية سائلاً المولى عزَّ وجل أن يعيده عليهما وقد تحررت أراضيهما من الدنس الاستعماري والاستكباري الصهيوني، وأن ينصرهما على أعداء الإنسانية والفضيلة.

وفيما يلي نص الحوار:

التلفزيون السوري: لرمضان خصائص تميزه عن باقي الشهور، فهلا حدثتنا عن خصائص شهر رمضان المبارك ؟

الدكتور محمود عكام: يتميز شهر رمضان بعدة خصائص، وأهم خصائص رمضان أنه شهر القرآن، فقد نزل فيه القرآن. والقرآن هو كتاب الله للإنسان يجد فيه وصفه ووظيفته، فمثله كمثل الدليل بالنسبة للآلة المصنوعة، والإنسان هو أكبر من الدليل.

ثم إن من خصائص رمضان أنه يمتاز بماض مجيد، لأن القرآن نزل فيه، وغزوة بدر كانت فيه، وهي يوم الفرقان، وغزوة الفتح كانت فيه، وقد انتصر فيها الحق )وقل جاء الحق وزهق الباطل(، كما إن عين جالوت حدثت فيه.

وقعت في رمضان غزوات كثيرة، هذه الغزوات هي فتوحات، وهنالك فرق بين الفتح والغزو. فالفتح يحمل منهاجاً يراد منه خير الإنسان وفضيلته.

التلفزيون السوري: هل خُصَّ رمضان بالفتوحات دون غيره من الشهور ؟

الدكتور محمود عكام: هناك علاقة بين الصيام والقرآن، وبين الغزوات. فالمسلمون يقومون بفتوحاتهم ليس من أجل الاستعمار والقتل، بل من أجل أن يحملوا القرآن للناس الذي هو رسالة ومنهاج.

التلفزيون السوري: خُصَّ هذا الشهر بكثرة أعمال الخير، فلماذا تكثر في رمضان دون غيرها، ولماذا لا تدوم هذه الأعمال بعد رمضان ؟

الدكتور محمود عكام: هذه الأعمال لا تدوم لأن الناس تمل، هذا أولاً.

ثانياً: أنا أتكلم عن الصيام والصوم. فالصيام إمساك عن المفطرات الحسية من طعام وشراب، والصوم إمساك عن المفطرات المعنوية من كذب وغيبة وغش وسرقة ... لقد قال الله تعالى: )كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون(. فها أنت تصوم صياماً من أجل أن تصل إلى الصوم. فغاية الصيام الصوم. نصوم صياماً وصوماً في رمضان من أجل أن نصوم صوماً في كل أشهر السنة.

لأن رمضان مدرسة يحوّل من ينتسب إليه من الصيام إلى الصوم: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك عن الكذب والغيبة ودع أذى الجار وليكن عليك سكينة ووقار).

التلفزيون السوري: إن لشهر رمضان روحانيات، فماذا عن تغذيته للروح ؟

الدكتور محمود عكام: الإنسان جسد وروح، وفي رمضان يمتنع الإنسان عن الطعام والشراب، لكن هذا الامتناع ينبغي أن يوفَّر ليحوَّل التوفير إلى غذاء للروح.

إذا حسنت روح الإنسان واستقامت معانيه، فقد امتلك البنية التحتية للإنسان، وقديماً قال شاعرنا:

أقبل على الروح واستكمل فضائلها                    فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

نحن في رمضان نسعى لتقوية البنية التحتية، وهي الجانب المعنوي الذي يغذيه القرآن، ويغذيه الامتناع عن المفطرات الحسية، وتغذيه صلاة التراويح، والاجتماع على الخير، والذكريات، فنحن نتذكر ما قدمه آباؤنا وأجدادنا من مآثر.

الصيام يغذي البنية التحتية "المعنوية"، وكذلك البنية الفوقية التي هي الجسم، فالصيام صحة، وصوموا تصحوا.

التلفزيون السوري: دعنا نتحدث عن صلاة التراويح: دلالتها ومعانيها وفوائدها.

الدكتور محمود عكام: لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما في البخاري: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، ومن القيام صلاةٌ لله عزَّ وجلَّ في الليل.

يريدنا الله أن نجمع كل الفضائل. لقد امتنعتَ عن الطعام والشراب في النهار، فامتنع عن الكسل والدعة والخمول في الليل.

امتنعْ في النهار عن المفطرات الحسية والمعنوية، وفي الليل دع المفطرات المعنوية.

كن في النهار صاحب إرادة من خلال تركك المفطرات، وفي الليل أيضاً كن قوي الإرادة من خلال الصلاة "القيام"، فهنالك تقابل بين الصيام في النهار والقيام في الليل، فـ: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)، و: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه).

امتنع عن كل ما يؤذي جسدك، وامتنع عن الكسل والدعة والخمول.

في صلاة التراويح تعلن عبوديتك لله، وتلتقي إخوانك الذين صاموا في النهار، تسألهم عن صيامهم ويسألونك، ثم تتعاهدوا على أن تلتقوا فجراً وتعلنوا الإمساك، لأن الإعلان الجماعي أقوى وأشد التزاماً من الإعلان الفردي.

التلفزيون السوري: ما واجباتنا في هذا الشهر الكريم ؟

الدكتور محمود عكام: واجباتنا أمور سبعة:

1- (رمضان شهر الصبر) كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلينا أن نتعلم الصبر من هذا الشهر. لكنَّ الصبر لا يعني خمولاً، بل هو متابعةٌ واستمرار وعمل دؤوب مع انتظار الفرج من الله، فواجبنا أن نصبر في رمضان.

2- رمضان شهر المواساة: وعلينا أن يواسي بعضنا بعضاً.

3- رمضان شهر المساواة: وعلينا أن نستشعر مساواتنا الإنسانية مع بعضنا.

4- رمضان شهر أوله رحمة: فلنتذكر واجبنا الرحموي تجاه بعضنا: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).

5- واجبنا أن نصوم صياماً وصوماً.

6- واجبنا أن نقوم في رمضان إيماناً واحتساباً.

7- واجبنا قراءة القرآن.

إنها سبع واجبات تجعل من الواحد إنساناً:

1- لائقاً لأن يتصف بالخليفية: )إني جاعل في الأرض خليفة(.

2- وأن يتصف بالعبودية التي هي شرف: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى).

3- ومستحقاً أن يكون أنموذجاً يُقتدَى به.

فمن تحلى بهذه الواجبات كان أنموذجاً يُقتدَى به، لأنه يقارب الكمال.

يتوج هذه الواجبات جميعاً أن يعمق الإنسان مسؤوليته عن نفسه، وعن أهله، وعن عرضه، وعن عمله من خلال إتقانه.

رمضان يعلمنا إتقان العمل وذلك من خلال إتقان الصيام، لأنه فريضة سرية، وهذا يعني أنك بهذه الفريضة مخلص ومتقن لعملك.

رمضان يعمق مسؤوليتك عن وطنك، لا سيما وأن وطننا يعيش أزمة انكباب العالم المستكبر البغيض علينا، فلنستشعر مسؤوليتنا عن وطننا. والمسؤولية تتطلب منا حماية ورعاية.

التلفزيون السوري: رمضان ينظم الوقت والطعام، فهل من كلمة أخيرة ؟

الدكتور محمود عكام: أتمنى من الإخوة المسلمين الصائمين، ومن غير المسلمين الذين يجاورون الصائمين وهم مواطنون أعزاء، أتمنى منهم جميعاً أن يتعلموا من رمضان النظام والضبط وقلة الطعام, وأن يكونوا على مستوى رمضان، لأنه شهر الإنسان والقرآن، ليكونوا على أفضل ما يمكن أن يكونوا عليه.

نسأل الله أن يوفق كل الناس والمواطنين والعرب والإنسانية جمعاء لكي تتحقق بإرضاء الديَّان وخدمة الإنسان وبناء الأوطان.

التعليقات

شاركنا بتعليق