رمضان فترة زمنية عالية تشرف على
سائر فترات السنة أو بالأحرى هو زمن فيه مغناطيسية لجذب سائر أيام السنة إليه .
وكذلك يمكن القول : هو ظرف معياري لبقية الظروف إبان العام وذلك لارتباطه
بالقران الكريم وقد نزل فيه ، والقرآن الكريم محور أساس في فلك التفكير
الإنساني والإسلامي ولعلاقته ثانياً بالنظام الذي يفرضه ، والنظام أس السلوك
الإنساني القويم ، ولهمّه- ثالثاً - الذي يتوجه إلى السر لتطهيره وتنقيته من كل
أدران المنافقة والممالأة ، والطهارة عنوان يحرص كل إنسان على وضعه في أعلى
الصفحة التي تلخص حياته .
رمضان إذاً نص ونظام ونظافة . فمن شهد منا الشهر فليمحِّص نفسه على ضوء هاتيك
الثلاثية : أين النص منه ، وأين هو من النص ، وأين ذيَّاك النص الذي ينتمي إليه
؟ وأين النظام في حياته العامة و الخاصة ؟ وهل هو في تقدم حيال هذه الفضيلة عبر
مساره في حياته ؟ وهل كان يومه الراهن أكثر تنظيما من أمسه الراحل ؟ .. وهكذا .
وأين الطهارة والنظافة مؤكدين على طهارة الداخل قبل تلك التي
تتناول الظاهر ، هل نظَّف داخله من الحقد والضغينة والشحناء ؟ وهل نظف وطهَّر
لسانه من الفحش والخبث ؟ وهل نظفت يده وطهرت من الإيذاء والإفساد وعد سائر
الجوارح وسائلها عن نظافتها وطهارتها .
أنا أفهم رمضان وفق الثلاثية المذكورة وأسعى إلى معايشتها في رمضان بشكل مركًز
، و أجهد في التحقيق بها ما استطعت اعتقاداً أن التقوى التي هي غاية الصيام في
القرآن الكريم لا تغادر في أجمل تجلياتها ثلاثية النص - والنظام - والنظافة .
لكن الذي يحدث في عالمي أن الكثير منا غافل عن هذا ، فالتعامل مع النص مسَطّح
ومسطح جداً ، واستبدل بالنظام " فوضى " غدت عنوان رمضاننا ولا أدلَّ
على ذلك من رؤيتك الشوارع والأسواق والفضائيات والبيوت وقت الإفطار في أيام
رمضان أو أثناء ذهاب الناس وعودتهم من صلاة التراويح ، والنظافة والطهارة أضحت
مجاملات ومعايدات ومقالات ودروساً وربما مسامرات ، وحدث عن ابتعاد عن النظافة
الداخلية بل وحتى الظاهرية ولا حرج .
وفقنا الله لما فيه صلاحنا في الدنيا والآخرة والله يتولانا وأوطاننا وبلادنا
وكل الإنسان في كل البقاع .
1/11/2003
الدكتور محمود عكام
التعليقات