إلى المؤمنين في العالم بمناسبة حلول الألفية الثالثة
رمضان 1421 ، كانون الأول 2000
قال الله تعالى : (
وقولوا للناس حسناً وأقيموا الصلاة )
إلى كل المسلمين في العالم
إلى كل المسيحيين في العالم
إلى جميع طلاب الإيمان والأمان من بني الإنسان في العالم
السلام على الجميع ورحمة من الله وبركاته :
ها نحن قد دخلنا رحاب القرن الواحد والعشرين، ووطئنا عتبة الألفية الثالثة
لميلاد السيد المسيح عليه السلام عليه وعلى نبيّنا وكل الأنبياء والمرسلين الصلاة
والسلام، فماذا عسانا نقول، نحن من آمنا بالله جل شأنه وباليوم الآخر وبالحساب يومَ
الدين .
إني لأتوجّه إلى المؤمنين في ذكرى الأعياد، على اختلافها وتنوعها وتعددها،
من رمضان وميلاد وفطر ورأس سنة، قائلاً :
أجمِعوا أمركم، وألفوا صفوفكم، ووحدوا كلمتكم، واستشعروا مسؤوليتكم عن
الإيمان والأمان والإنسان، فالعالم عطشان ينتظر شراباً سائغاً عذباً، تعتصرونه لهم
من تعاليم السماء السمحة، فلا تشتغلوا عن هذه المهمة ولا تستبدلوا بها الذي هو أدنى
.
أمامنا مشتركات كثيرة، وأعظمها الإيمان بالله، فلننطلق منه، وعلى عواتقنا
مهام متحدة جسيمة، وأكبرها إنقاذ القلوب اللطيفة من براثن المادة وطغيانها، التي
بدأ داؤها وأُوارها يأخذ الأخضر واليابس، وما بوادر تصحِّر الأرض إلا إشارة إلى
تصحر القلوب والنفوس، وهذا ما لا نريد حصوله ولا حدوثه، وإلا فنحن مدَّعون، قد قست
قلوبنا، وبعدت حقيقة المحبة عن صدورنا .
أيها المؤمنون بالله :
إن الديانات السماوية جميعها تنادي بالوفاء والمحبة والتسامح وحسن التعايش،
وأي تابع لديانة من هذه الديانات لا يقول بهذا فقد أعظم الفرية على دينه .
ولأن الصهيونية لم تتخذ في مسيرتها هذا النهج، وعدلت عنه إلى الاعتداء
والقرصنة والفحش، فإنها بعيدة كل البعد عن اليهودية الأصيلة، التي جاءت في أصلها -
كبقية الديانات السماوية - هداية للناس ورحمة .
هيّا معاً فلنرفع دعاءَنا إلى الله العلي العظيم من أجل الجائعين حتى
يأكلوا ويشبعوا، ومن أجل المرضى حتى يشفوا، ومن أجل المظلومين حتى تعود لهم حقوقهم،
ومن أجل التعساء حتى يسعدوا، ومن أجل الأطفال حتى يعيشوا آمنين، ومن أجل المهاجرين
حتى يعودوا إلى أوطانهم، والله ولينا وهو حسبنا، وأحبُّنا إليه أنفعنا لعياله .
كلَّ عام، وكل وقت، وكل لحظة والعالمَ كلّه في أمان، والإنسان كل الإنسان
في خدمة الإنسان .
والسّلام على أهل السّلام في العالم ورحمة من الله وبركاته .