آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


لطيفة قرآنيــــة

   
من حِكم أركان الإسلام

من حِكم أركان الإسلام

تاريخ الإضافة: 2007/07/06 | عدد المشاهدات: 5243

استعرضت أركان الإسلام الخمسة وهي: الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج. فوجدت أن المسلمين اليوم يقومون بهذه الأركان بشكل مباشر، أي يؤدونها لذاتها دون أن يكون لها أي انعكاس على حياتهم.

فمثلاً: لو سألنا أحد الخطباء عن سبب لبسه العمامة والجبة ؟ فسيكون الجواب: ألبسها فقط من أجل خطبة الجمعة. وليس عنده أي هدف أو غاية أخرى أرادها الإسلام.

ولو عدنا إلى أحكام الإسلام فما هي الحِكم التي نتعلمها من أركان الإسلام ؟

أولاً: الشهادة: وهي أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وهذه الشهادة هي أحق وأعظم وأقوى شهادة على الإطلاق، لأنه فعلاً ثبت بالعقل والنقل أنه ليس هنالك إله إلا الله، وأن محمداً هو رسول الله.

أما حِكم هذه الشهادة فمنها: أنها تعلّمك أن تشهد بالحق في كل حياتك، وأن تكون صاحب شهادة حق: (على مثل الشمس فاشهد، وإلا فدع)، فمالي أراك تردد هذه الشهادة صباحَ مساء، ثم بعد ذلك تشهدُ شهادة الزور، وكأن الشهادة ليس لها أي دور في حياتك !

ثانياً: الصلاة: والصلاة هي صلة العبد بربه. الله عز وجل فَرَضَ عليك الصلاة من أجل أن تحسّن الصلة بينك وبينه.

ومن حِكم هذه الصلاة: أنها تعلمك أيضاً أن تحسّن الصلة بينك وبين عباد الله عز وجل، لأن (الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله)، وكأن الله عز وجل بلسان حاله يقول لك: عليك يا عبدي أن تحسّن صلتك مع عبادي كما أحسنت الصلة معي.

فمالي أراك تحسّن الصلة مع الله عز وجل وتسيء إلى عباده ؟! ومثال هذا كالذي يمدحني ويشتم ابني. ولله المثل الأعلى.

ومن حِكم صلاة الجماعة: أن الاصطفاف المُنظَّم والمرتب في المسجد يعلمك أن تكون منظماً ومرتباً خارج المسجد. فما بالنا في المسجد نكون منظمين ومرتبين وخارج المسجد نكون فوضويين وغير مرتبين.

إكمال الصفوف وسدّ النقص في صلاة الجماعة له حِكم، ومن حِكمه: أن كل صفٍ يرمز إلى اختصاص في المجتمع، فهذا صف أطباء، وهذا صف مهندسين، وهذا صف مشايخ، وهذا صف... إلخ فإذا كان هناك صف ناقص، فيجب علينا أن نكمله. إذا كان صف الأطباء ناقص مثلاً، فعلينا جميعاً أن نسعى من أجل إتمامه، وكذلك إكمال صف المهندسين، أو صف المشايخ أو... فأنت معني بإكمال الصفوف.

وإذا أراد شخص ما أن يكوّن صفاً للصلاة، فإنه يقف في الوسط، وهذا له أيضاً رمزية، وهي أنه إن كان في البلد مختص واحد، ولا يوجد غيره، فعليه أن يكون في الوسط، وعلى مسافة واحدة من كل الناس.

ثالثاً: الزكاة: وهي حق الله عز وجل في مالك، فهذه الزكاة قد خصصها الله حقاً له في مالك، فتعلم من الله وخصص حقاً لك في ماله (أي الإنفاق فيما عدا الزكاة). ولعل سائلاً يسأل: وأين مال الله ؟! فيأتي الجواب: مالك الذي بين يديك هو مال الله، لأن المالك الحقيقي هو الله عز وجل: ﴿وآتوهم من مال الله الذي آتاكم﴾.

فمن حِكم الزكاة: أنها تعلمك أن تخصص حقاً لك في مال الله عز وجل، لذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن في المال لحقاً سوى الزكاة)، أي أن تخصص من مالك للمدارس الشرعية وللمساجد وللمستشفيات.

رابعاً: الصيام: والصيام هو: الإمساك عن المفطرات الحسية من طعام وشراب ونحوه...، أما الصوم فهو: الإمساك عن المفطرات المعنوية من كذب وغيبة ونميمة ونحوها... وودليلنا على ذلك قوله تعالى: ﴿إني نذرت للرحمن صوماً﴾ أي إمساكاً عن المفطرات المعنوية.

فمن حِكم الصيام: أنه يدرّبك على الصيام والصوم في شهر رمضان، من أجل تصوم صوماً بعد رمضان في باقي أشهر السنة.

خامساً: الحج: ولا أريد أن أتكلم عن أركان الحج، لكني سأتحدث عن رمز الحج الأكثر ذكراً وهو: الطواف حول الكعبة، والكعبة سمّاها الله عز وجل بالبيت فقال: ﴿وليطّوّفوا بالبيت العتيق﴾.

فمن حِكم الطواف حول البيت: أنه يعلمك أن تطوف في بيتك وحول بيتك، وأن تبحث عن حاجات بيتك وحاجات مَن في بيتك، لأن البيت وأهل البيت لهما حق عليك. وقد جاء الأمر بكلمة: ﴿وليطّوّفوا﴾ لأن التشديد في الآية يفيد معنى الإكثار من الطواف حول الكعبة، وكذلك عليك الإكثار من الطواف في بيتك وحول بيتك، وكأن الله عز وجل يقول لنا: يا عبادي أنتم تطوفون حول بيتي فلماذا لا تطوفون حول بيوتكم ؟!

إذا استطعت دخول الكعبة فهذا شيء عظيم جداً، ولكن لماذا لا تدخل (كعبتك) أي بيتك ؟! ادخل بيتك، وادخل إلى قلوب أولادك، وقلب زوجك، وابحث عما يحتاجون إليه.

أيضاً عندما قرأت هذه الآية: ﴿بالبيت العتيق﴾ خطر في بالي حكمة وهي أنه: ليس عليك أن تطوف في بيتك وحول بيتك فقط، وإنما عليك أيضاً أن تطوف حول بيتك العتيق، أي بيت أبيك وأمك، وكذلك بيت جدك وجدتك.

فالناس اليوم قد يعتنون ببيوتهم، ولكنهم لا يعتنون ببيوت آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم، ولا حتى أصدقاء آبائهم.

في النهاية: أُعيد ما ذكرت مختصراً:

أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهذه أحق شهادة فتعلم على شهادة الحق.

أنت تصلي لله، أي تحسن الصلة مع الله عز وجل، فعليك أن تحسن الصلة مع عيال الله عز وجل.

أنت تصلي جماعة منظماً، فحاول أن تكون منظماً في حياتك.

أنت تسدّ وتكمل الصفوف في صلاة الجماعة، فعليك أن تكمل الاختصاصات التي يحتاج إليها المجتمع.

أنت تدفع حق الله عز وجل في مالك وتزكي، فعليك أن تخصص حقاً لك أيضاً في مال الله عز وجل.

أنت تصوم شهر رمضان صياماً وصوماً (تمتنع عن المفطرات الحسية والمعنوية)، فعليك أن تصوم صوماً (تمتنع عن المفطرات المعنوية) طوال السنة.

أنت تحج وتطوف حول بيت الله عز وجل، فما عليك إلا أن تطوف حول بيتك أيضاً، وكما تُعنى بالطهارة والنظافة والأناقة في الطواف حول بيت الله، فعليك أن تعنى بالنظافة والطهارة والأناقة وأنت تطوف حول بيتك وفي داخل بيتك.

أنت تطوف حول البيت العتيق، فعليك أن تطوف أيضاً حول بيتك العتيق، أي بيت أبيك وأمك وجدك وجدتك...

فهذه الحِكم يجب علينا أن ننظر إليها ونفكر فيها ونحن نقوم بهذه الأركان، لا أن ننظر إلى العبادات والأركان من خلال شكليتها فقط، فالعبادات والأركان يجب أن يكون لها انعكاس ودور كبير في حياتنا. نسأل الله عز وجل أن يوفقنا إلى كل خير وأن يعصمنا من كل شر.

ألقيت هذه اللطيفة بتاريخ: 6/7/2007

التعليقات

شاركنا بتعليق