آخر تحديث: الأربعاء 17 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
جريدة الدبور تسأل الدكتور عكام عن الشباب والزواج... المشكلات والحلول

جريدة الدبور تسأل الدكتور عكام عن الشباب والزواج... المشكلات والحلول

تاريخ الإضافة: 2007/09/25 | عدد المشاهدات: 4918

التقت جريدة الدبور، الصادرة في دمشق، وهي جريدة أسبوعية ناقدة ساخرة مستقلة، في عددها /90/ الصادر بتاريخ: الثلاثاء: 25/9/2007 الدكتور الشيخ محمود عكام، وسألته عن الشباب والزواج... المشكلات والحلول. وفيما يلي نص اللقاء:

 

الشباب والزواج... المشكلات والحلول

فضيلة الدكتور محمود عكام "مفتي حلب" للدبور: الشباب مرة أخرى.. لأن الوطن بشبابه

والزواج أيضاً مرة أخرى للوصول إلى مجتمع سليم قوي متين لا يتسرب إليه الخلل ولا العطب

 

الشباب والزواج قضية معقّدة يلفُّها التعقيد وتثير العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام.

قضية خطيرة جداً، وما أكثر القضايا الخطيرة في حياتنا !

قضية ملأت مساحة كبيرة من شعورنا ولا شعورنا أيضاً.

قضية مفصلة في حياة الشباب اللاهث الباحث عن طمأنينة واستقرار وسكينة.

إنها قضية دسمة اخترنا منها بعض الجوانب الهامة، وانتقينا أيضاً أسئلة مطروحة تبحث عن جواب مريح مقنع هادئ، فكانت وجبة خفيفة تناسب هذا الشهر الكريم.

حملنا أسئلتنا وتوجهنا إلى سماحة مفتي حلب الشيخ الدكتور محمود عكام الذي استقبلنا بصدر رحب وابتسامة لها سحرها الخاص، وأظهر لنا بشاشة وتقديراً واهتماماً، وأبدى استعداده التام للإجابة عما نريد من أسئلة.

فكان لنا منه ما نريد من حوار هادئ لطيف:

 

الدبور: ما أجمل ما قرأت عن الرجل والمرأة ؟

الدكتور عكام: تبقى قصة آدم وحواء هي الأجمل، وكلاهما أصل لجنسه، ونقِّل قلمك حيث شئت من الحديث عن الرجل والمرأة فما العود أخيراً إلا إلى أبيك وأمك، أصليك اللذين تنسب إليهما صباح مساء، وتَذْكُرهما في الغدو والآصال، وتبذل الجهد لتعرف سر التجاذب بينهما.

الدبور: الشباب والزواج، ما المشكلة ؟

الدكتور عكام: الشباب والزواج: والمشكلة من الشباب أنفسهم لأنهم ضعفوا أمام مشكلات الزواج فابتلعتهم وابتلعوها، وصاروا إثر ذلك يستجدون الحلول استجداءً، فما أعطوا وما نشطوا، وهكذا استمروا. ولو أنهم صمدوا ومضى كلٌ إلى وجهته التي اختارها في الحياة ونصب فيها غايات يسعى لتحقيقها لما وقف هذه الوقفة المتعثرة الخجولة الضعيفة أمام فعلة حيوية بحته تشبع دافعاً بشرياً وجعل منها غاية لذاتها بل غاية الغايات، وحسبي أن أشير إلى موقف مماثل اتخذه هؤلاء الشباب حيال فعلة حياتية أيضاً قد تقل أهمية عن الأولى لكنها معها ضمن خط ومنهج إشباع الدوافع، وقد جعلوا منها أيضاً مشكلة بل ولّدوا من رحمها مشكلات، فهذا لا يأكل إلا على الطريقة الفلانية، ولا يهضم إلا الطعام ذا المذاق الفلاني، وهِمَ ذاك بمطعم يرتاده ولا يرتاد سواه، وثالث ورابع، وكلهم في النهاية حيال عالم الطعام والشراب يشكون ويبكون، فما بالك إذ يقفون أمام عالم الزواج فسينوحون ويسوحون.

الدبور: من المسؤول بالدرجة الأولى عن هذه المشكلات: (الإعلام، مناهج التعليم، الشباب أنفسهم) ؟

الدكتور عكام: لا يمكن يا أخي أن نشير بإصبع الاتهام إلى إعلام أو ما شابهه ما دام الإنسان في الأصل هو الأصل.

الدبور: الزواج العرفي، زواج المسيار، وغيرهما ما الأسباب التي أفرزتها ؟ وهل هي الحل لما يعانيه الشباب ؟

الدكتور عكام: الزواج العرفي، والمسيار، حلول خجولة من إنسان ضعيف، أو شاب مستكين لما حوله ولمن حوله، وإلا فحدثني بربك عن دوافع منطقيه قوية، تصبُّ في مصبّ قوة الإنسان وقدرته وجرأته وحريته، تقبع وراء مثل هذه الأنواع من "الزواج" فإن قلت إن المجتمع بعاداته وتقاليده يقف خلف هذا. قلتُ لك: وهل نحن إلا المجتمع، وهل المجتمع إلا نحن ؟!

الدبور: زواج الشباب الجامعيين أثناء تحصيلهم العلمي وتأثيره إيجاباً أو سلباً على تحصيلهم ؟

الدكتور عكام: يا أخي الكريم: هل تسألني عن شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة عقلياً، أم تسألني عن شاب وإنسان عاقل واعٍ دارس، فهو أولى بنفسه مني به، وهو الذي يقرر لنفسه فيما يتعلق بمثل هذه الأمور التي لا تشكل غايات إنسانية بل هي سبيل معيشة لا أكثر ولا أقل.

الدبور: ما رأيك بإنشاء سكن جامعي خاص للمتزوجين والمتزوجات من شباب الوطن ؟

الدكتور عكام: السكن الجامعي إشكالية تدخل ضمن إشكالية السكن العامة، ولا معنى لاقتطاع مفردة من المشكلة العامة لحلها وترك سائر المفردات دون حل.

الدبور: ما تقييمك لعلاقة الشباب التي تجعل الخطبة فيما إذا أرادوا الزواج تحصيل حاصل ؟

الدكتور عكام: العلاقة القائمة في محضن فوضوي ومتشابك سلباً علاقةٌ غير سليمة، فلم تعد الخطبة خطبة كما أريد لها في الأصل أن تكون، بل غدت زواجاً في الزواج، ودفعة من الزواج على الحساب، فيا أيها الخطيبان تقابلا وتحادثا واستمتعا وتشاجرا واختصما وعودا... وبعد ذلك تزوّجا فها أنتما قاربتما الشبع من بعضكما عند الزواج، وكأني بكما شخصين جائعين تبادلا المقبلات وملآ منها بطنيهما حتى إذا جاءت الوجبة الأساس عفت نفساهما عنها... فهل يجوز هذا ؟

الدبور: هل برأيكم أن دور الأسرة قد تضاءل في انتقاء الزوج الصالح لأولادهم وشبابهم ؟

الدكتور عكام: عن أية أسرة تتحدث يا صديقي ؟ لقد غدت الأسرة اليوم عنصر تعقيد، فالأب سيسعى لقضية تصفية حساباته مع أصدقائه وأقربائه من خلال زواج ولده، والأم تروم تعويض ما فاتها من زيفٍ وما قصَّرت به في علاقات اجتماعية موهومة متكلّفة من خلال زواج ابنتها أو ابنها وهكذا. فعن أي أسرة تتحدث يا سائلي.

لقد مضى وانقضى زمن الأسرة الراعية الحانية الواعية، وجاء زمن المظاهر والتكلّف والشكليات، وحتى هذه فهي إلى الزيف أقرب وأقرب.

الدبور: ما هي معوقات الزواج الإسلامي الصحيح في رأيكم ؟

الدكتور عكام: معوقات الزواج الإسلامي الصحيح هي: الزوجان غير المسلمين حقاً، والأبوان المنتسبان للإسلام شكلاً دون ولاءٍ وصدق انتماء. وسائر أفراد المجتمع الذين  يريدون الإسلام خادماً وفيّاً لعاداتهم المتكلفة اللاهثة المزيفة، ويبغون فيه امتيازاً من دون أن تكون المواصفات التي يطلبها محققة. فلا تَلُم يا سائلي غيرك وغيري، بل كن جريئاً، ولُمْ نفسك ونفسي، وإياك أن تريني احتجاجاً من دون إنتاج.

الدبور: لماذا نرى نسبة العنوسة ترتفع في بلادنا إلى أعلى مستوياتها بينما كانت هذه الظاهرة معدومة في الماضي ؟

الدكتور عكام: هل تريد بعد هذا الذي ذكرنا أن لا تزداد نسبة العنوسة، وأن لا تزداد نسبة التعاسة ونسبة القلق والاضطراب، ونسبة التخلف الاجتماعي، ونسبة كذا.. ونسبة كذا.

وستبرز العنوسة مشكلةً ما دام الزواج غاية الغايات، وستكون العنوسة وبالاً ما دام الزواج هو هدف الأهداف، ومن أجله تترك البنت دراستها وعلمها وإنتاجها وإبداعها، فالأمر طبعي والنتيجة عادية، وإذا أردت أن لا تكون العنوسة مشكلة فحوِّل المجتمع من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج، ومن مجتمع لاهٍ إلى مجتمع جادّ، ومن مجتمع عاطل إلى مجتمع عامل، ومن مجتمع متكلف إلى مجتمع حر أَرْيحي وهكذا.

الدبور: الأب يتزوج امرأة ثانية، وأولاده عُزَّاب هل هذا تصرف صحيح ؟

الدكتور عكام: الأمر غدا يُنظَر إليه على أنه شطارة، فليكن الأبناء أقوى شطارة من والدهم، وليتزوجوا قبل أن يتزوج والدهم. لكنهم لن يستطيعوا لأنهم جعلوا من الزواج مُستقرَّاً نهائياً تتوافر فيه كل وسائل الرفاهية المادية، وإلا فهم أكبر وأعظم من أن يُسيِّروا الأمور تسييراً عادياً كسائر الناس الدراويش.

ففيما يخصّ الأب الذي يتزوج ثانية: فهو ذو تجربة فعلية، وبالتالي فقد عرف حقيقة الزواج ومضمونه الفعلي فأمضاه في المرة الثانية معزولاً عن كل التكلفات والشكليات المعيقة.

الدبور: ارتفاع الأسعار (البيوت، الحياة العامة) هل سيؤثر عاجلاً أم آجلاً على ارتفاع المهور ؟

الدكتور عكام: قضية ارتفاع الأسعار قضية اقتصادية، وقضية المهور قضية اجتماعية، والتعقيدات والمشكلات الاقتصادية ليس لها كبير تأثير على القضايا الاجتماعية إلا إذا أراد الإنسان نفسه أن يجعل لها تأثيراً، وذلك لا يكون إلا بالنظر إلى الزواج على أنه مجلى ومظهر الشؤون والأمور الاقتصادية، ومَحَكّ الحالة المادية، ومؤشر الوضع العام. عندها سيكون الاقتصاد للزواج علةً لمعلول، وسبباً مؤثراً لمسبب وهكذا.

الدبور: ما هي بعض الحلول برأيكم لحل مشكلة العنوسة عند الشباب والفتيات في المجتمع ؟

الدكتور عكام: الإعلام وما أدراك ما الإعلام ؟ ولا سيما أن الإعلام العربي مفرق الجماعات وهادم اللذات وقاتل الإبداعات ومرعب المجتمعات، لا يأتيك إلا بخبر السوء غالباً، ولا يحلل إلا لصالح القهر والبهر والمؤامرة، إن تحدث عن الاجتماع مالأ الأغنياء، وإن تحدث في السياسة نافق للزعماء، وإن تكلم في الدين فدَيْدَنه تسويق عبر المتاجرة بالعواطف والتشدد والتساهل والإثارة والتحريض.

الإعلام يا صاحبي في بلادنا العربية يجانف ويجانب الصدق في النقل، والموضوعية في التحليل، والأمانة في الخبر، والتحري في النبأ، والسبر  في العرض، والعمق في التحقيق. فالضعفاء لا دور لهم فيه، والمساكين مبعدون عن ساحاته وتجلياته و.. فإن تشجع بعض الإعلاميين تحولوا إلى موجود متعصب متزمت يراهن على موتى يخشى فظاظة وقسوة أتباعهم الأحياء...

الحديث عن الإعلام العربي ذو شجون ومرارة وأسى...

الدبور: الحب المنتشر الآن بين الشباب هل هو حب حقيقي أم أنه غريزي مادي ؟

الدكتور عكام: وأين هذا الانتشار يا أخي، حتى تسألني عنه ؟! أم أنك تقصد بالانتشار الأغاني (الفيديو كليب) وتعني به مجلات تنشر على صفحاتها شعراً ما هو بالشعر، وكلاماً يشبه الكلام، وقصصاً عصيّة على الدخول في ميدان الوفاء والرحمة والصدق التي تشكل بمجموعها شيئاً اسمه الحب، وأنا هنا لا أتحدث عن نضوب، لا، ولكني أتحدث عما هو حاصل في أغلب ساحات ما يسمى الحب. الحب الحقيقي يا أخا العرب صار قطعاً نادرة، بل أندر من النادرة.

ودعني من الكلام عنه فإنه يؤلمني فقده وفراقه. وها أنذا أغتنم الفرصة لأنصح شبابنا ببناء علاقة طيبة مع ربهم، ومن ثم فليؤسِّسوا عليها علاقاتهم مع كل مَنْ في المجتمع رجالاً كانوا أو نساءً، زوجات كنَّ أم أمهات، أم بنات أم طالبات أم معلمات.

الدبور: إذا استكمل العقد أركانه، وبقي بعيداً عن أعين الأسرة والمجتمع، هل هو زواج صحيح وإسلامي ؟

الدكتور عكام: لا شك في أن العقد صحيح ظاهراً، لكنه يا أخي يشتمل على بعضِ خيانة وعدم وفاء، وليعلم أنه: ليس كل صحيح شرعاً، مقبول ديناً وأخلاقاً.

وباعتبار أننا في شهر الصوم فإليك مثالاً يوضح ما أسلفنا ذكره:

فالذي يمتنع عن الطعام والشراب والمعاشرة فقط من الفجر وحتى المغرب فهو صائم أسقط الفرض عنه، فإن اغتاب و كذب وشهد شهادة زور... فلن يكون صيامه بذاك الصيام الذي يُؤجَر عليه ويُمنَح على أساسه ثواباً عظيماً من رب العزة جلت قدرته.

لذلك أتمنى من الشباب إناثاً وذكوراً أن لا يبتعدوا عن أعين أسرهم وأهليهم في هذا الشأن الخطير، شأن الزواج، لأنهم إن فعلوا ذلك ساء المجتمع، وساءت أحواله، وفسدت علاقاته، وعندها فيا ويحه ويا ويله.

الدبور: الحب قبل الزواج أم بعد الزواج ما تعليقكم ؟

الدكتور عكام: الحب يا أخي ليس بملكنا حتى يكون قبل الزواج أو بعده، الحب طارئ خيّر يطرأ عليك عبر الأذن أو العين، فإياك أن تتحدث عن حبٍ تصنعه، ومتى تصنعه، وأين تصنعه. والحب يا أخي عطاء وتضحية، وإذا كان كذلك فهو قبل الزواج وأثناءه وبعده، وهو قبل الولادة وأثناء الحمل وبعده، وهو قبل الفعل وبعده وأثناءه وهكذا.

الحب إنتاج عقل حَصيفٍ، وعاطفة خيّرة، فإن رأيت غير ذلك فليس بحب بل هو تيه.

الدبور: كلمة من فضلكم للشباب ؟

الدكتور عكام: يا شباب أمتي: اسعَوا جميعاً لبناء مجتمع يتصف بما يلي:

بالعدل والعلم والحرية والسلام والفضيلة، وهذا واجب عليكم جميعاً كُلٌ في مجاله وميدانه ومن أجل ذلك:

الوقتَ الوقتَ استغلوه، والعملَ العملَ لازموه، والشعورَ بالمسؤولية لا تنفكوا عنه، وخدمةَ الأوطان لا تفارقوها، والسياسةَ اتركوها ودعوها جانباً، لأنها في بلادنا لعبة غير نظيفة، نظفوا دواخلكم والله معكم.

وشكراً لك أخي عبد المنعم جنيد وأخي يسر شحادة على لقائكم الطيب الهادف، وشكراً "للدبور" الصحيفة التي آمل لها التزاماً بخدمة الكلمة الجيدة الجادة النظيفة والله الموفق.

أجرى اللقاء: 

عبد المنعم جنيد - يسر شحادة

التعليقات

Ammar

تاريخ :2007/10/01

I read with interest the genius interview with Dr Akkam with aldabour..Through his answers and his reponses to some questions in the fatawa section, I feel that the problem of the "Insan" in Syria is: disorientation . .and lack of the prioritizing One of the basic and crusial fuctions of Usul Al fiqh is to teach "prioritization" of the five neccesities (Darorat al khamsah).Unfortunately, we lack this type of teachings at all levels: home, mosque, school, university..ect. We need to reconstruct our way of thinking as Mohammad Iqbal wrote. May be touching on these issues during the lectures, Khotab will be part of the solution waAllahu A3lam.Finally, Dr Mahmoud is doing a wonderful and genius job in filling this void. Wassalam

شاركنا بتعليق