آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


نــــــــــــدوات

   
تحفيز القراءة عند الناشئة/ المكتبة الوقفية بحلب

تحفيز القراءة عند الناشئة/ المكتبة الوقفية بحلب

تاريخ الإضافة: 2011/10/08 | عدد المشاهدات: 3831

أقامت المكتبة الوقفية بحلب بالتعاون مع دائرة الإفتاء والتدريس الديني بحلب، ومديرية الثقافة بحلب، ومديرية التربية بحلب،  وجامعة حلب، والجمعيات الأهلية والمنظمات الشعبية، ودور النشر والمكتبات الأهلية ورشة بعنوان: "تحفيز القراءة عند الناشئة" يومي السبت والأحد 8 و 9/10/2011 في قاعة المحاضرات في المكتبة الوقفية شارك فيها عدد من الباحثين، وقد ألقى الدكتور الشيخ محمود عكام كلمة فيما يلي نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاه.

مرحباً بكم أيها الإخوة الأعزاء القادمون من دمشق واحداً واحداً، وجزاك الله خيراً يا مدير الأوقاف الدكتور الشيخ أحمد العيسى، وأنت يا أخي يا دكتور محمود مصري أمين المكتبة الوقفية، جزاك الله كل خير على كل جهد تبذله في خدمة القارئ والقارئين والقراءة.

لعل ما يمكن أن أقوله في هذا اللقاء وبشكل سريع أننا يجب أن نبين لهذا الذي نريد أن ندعوه للقراءة، أن نؤسس له التصور عن القراءة، أين موقع القراءة مني أنا كإنسان ؟

أقول لهذا الذي أمامي وأقوم على رعايته والعناية به أقول له:

لك وجودان: وجود مادي ووجود معنوي، أما الوجود المادي فأنت تحافظ عليه وتمدّه بالطعام والشراب، وحسناً ما تفعل، فأنت مؤتمَن على هذا الوجود المادي فبارك الله بك وأنت تقوم بهذا خير القيام.

ولكن لك وجود معنوي، وهو الوجود الأهم، ورحم الله شاعرنا الذي يقول:

أقبل على النفس واستكمل فضائلها           فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

القراءة هي الطعام والشراب للوجود المعنوي، وأنتَ مُحتَرم بالوجود المعنوي وإن كان الوجود المادي هو الغصن الذي يقف عليه الوجود المعنوي، هو المَجْلَى الذي يتجلى من خلاله الوجود المعنوي، لذلك لا بدَّ أن نبين لهذا الذي أمامنا موقع القراءة في هذه المشهدية التي تشكل الإنسان، هذا أولاً.

ثانياً: أدعو إلى أن نبين للذي أمامنا معنى قرأ من خلال المعنى المستودع في هذه الأحرف: (القاف، والراء، والهمزة)، وثمة رجلاً مفكراً كتب كتاباً بعنوان: "جدلية الحرف العربي" وهو محمد عنبر، وقال بأن كل كلمة تحمل معنى وجذور ضدّها، فعندما تعكس قرأ تصبح أرق، والأرق اضطراب، وعكس الأرق الطمأنينة، قرأ اطمأنّ، والإنسان يبحث عن الاطمئنان، فأنت تريد أن تطمئن، عليك أن تقرأ وإلا ستبقى أرِقاً مضطرباً من خلال بعدك عن القراءة.

ثالثاً: القراءة ثلاثة مستويات، المستوى الأول التلاوة وهي إحسان النطق، والمستوى الثاني القراءة وهي إحسان الفهم، والمستوى الثالث التدبر وهو إحسان التطبيق. فأنت تنتقل من تلاوة إلى قراءة إلى تدبر، ولذا واجبنا نحو القرآن الكريم أن نتلوه، أي أن نحسن نطقه لأن إحسان النطق يؤدي إلى إحسان الفهم، وإحسان الفهم يؤدي إلى إحسان التطبيق، فنحن أمام قراءة بالمعنى العام لها ثلاثة مستويات: التلاوة والقراءة والتدبر، ونحن طولبنا بأن نحسن في كل أعمالنا لأن الله يحب المحسنين، والإحسان إتقان العمل، والله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه.

رابعاً: تصورت أني أمام سؤال افتراضي، تصورت إنساناً أتاني إلى دار الفتوى وقال لي: مررَّتُ يوماً من غير أن أقرأ، فما حكم من يمرر يوماً من غير أن يودع فيه قراءة إن تلاوة أو قراءة أو تدبر ما حكم ذلك ؟

وضعت جواباً آمل أن يُعزَّز من قبل الإخوة العاملين معنا في دار الإفتاء، قلت في نفسي لو سألني وقال مررت يوماً من غير قراءة، سأقول له بأنه مقصّر، فلو قال مررت أسبوعاً من غير أن أقرأ سأقول له أنت خاطئ، فإن قال مررت شهراً من غير أن أقرأ سأقول له أنت مذنب، فإن قال مررت سنة من غير قراءة سأقول له: أنت آثم. فإن قال مررت أكثر من سنة فسأقول له: لقد ارتكبت كبيرة واحتملت بهتاناً وإثماً مبيناً. أليس هذا إذا منع عن نفسه الطعام والشراب يوماً أو يومين أو أسبوعاً سنجيبه هذا الجواب وفي النهاية إذا أدى تركه الطعام إلى الانتحار فسنقول له بأنه منتحر وخالدٌ في جهنم، لذلك نحر الوجود المعنوي أصعب وأقسى إثماً من نحر الوجود المادي، وإن كنا نريد أن نرعى الوجودين معاً الوجود المادي من أجل الوجود المعنوي.

علينا أن نجمع أمرنا فيما يتعلق بالقراءة وضرورتها لأن القراءة كما قال البعض: أنا أقرأ إذاً أنا أفكر، أقول أنا أقرأ إذاً أنا موجود شئت أم أبيت، هذه هي سنة الله في أرضه.

خطر ببالي لطائف في سورة الرحمن: (الرحمن. علم القرآن. خلق الإنسان. علمه البيان) الله عز وجل قال علَّم القرآن ثم قال خلق الإنسان وكأن تعليم الله الإنسان القرآن قبل أن يخلقه ليصدر الإنسان عن القرآن وليكون بيان الإنسان عن القرآن، فالإنسان بين تعليم القرآن وبين علمه البيان، إذاً على بيانك أيها الإنسان أن يكون صادراً عن القرآن وإلا إن كان بيانك عن غير القرآن فلن تكون إنساناً بالمعنى المنشود. فالرحمن تجلى في تعليم القرآن واقروؤا سورة الرحمن وكلها تجليات للرحمن على الإنسان نسأل الله أن يجعلنا مجالي صافية لهذه التجليات الرحمانية من ربنا.

أشكر لكم هذه الورشة النافعة العملية، وبوركت أمة ترعى لغتها وترعى كتبها وترعى ثقافتها، وبالنتيجة عندما ترعى ذلك فهي ترعى حضارتها من خلال الكلمة البناءة الصادقة الواعية. ولا أريد أن نسوِّق أن أمة اقرأ لا تقرأ، فإن أمة اقرأ ستقرأ إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

التعليقات

شاركنا بتعليق