آخر تحديث: الإثنين 15 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
لَمَحَاتٌ عن النَّبي مُحمَّد صَلَّى الله عليه وسلم

لَمَحَاتٌ عن النَّبي مُحمَّد صَلَّى الله عليه وسلم

تاريخ الإضافة: 2021/10/15 | عدد المشاهدات: 616

 

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

في مثلِ هذا اليوم منذُ أكثر من خمسةَ عشرَ قرناً نادى مُنادٍ في السماء: يا ملائكةُ بَشِّرِي، ويا سماءُ هلِّلي وكَبِّري، ويا أرضُ تزيَّني وزغردي، ويا جبالُ أَوِّبي فقد وُلد مُحمد صلى الله عليه وسلم، وُلد النبيُّ الأميّ، ولد الأُسوة والقدوة، ولد السيِّد والسَّند، ولد الذي يشفع للأمة بل للأمم، ولد الشهيد على الأمة وعلى سائر الأمم، ولد أفضلُ خلق الله على الإطلاق، ولد هذا الذي شرَّفنا ولم نعُد نشعر بهذا الشرف، ولد الذي شرفنا بالانتساب إليه، وتلك نعمةٌ فُضلى أنعمها الله علينا، لكننا إذ نذكر النِّعم نغفل عن هذه النعمة، وهي نعمةٌ عظمى، نعمةُ الانتساب والانتماء والاتباع والاقتداء والائتساء بهذا النبي الأعظم. فيا أمةَ محمد: تذكَّروا أنكم أمة محمد من أجل أن تشكُروا الله على أن جعلكم من أمة محمد، فذاك شرفٌ عظيمٌ مُنحتموه، والأمر الثاني أنكم في القيامة لكم مزية لفضل محمد ومن أجل محمد، فيوم القيامة يقول هذا النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (لكلِّ نبي دعوة مستجابة دعاها لأمته في حياته، وإني اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة، فهي نائلةٌ مَن ماتَ منهم لا يُشرك بالله شيئاً).

أيها الإخوة المؤمنون، يا أتباعَ محمد صلى الله عليه وسلم كما تدَّعون:

السؤال الأول: في ذكرى الميلاد نقول لهؤلاء الأتباع: هل عرفتم محمداً، أم أنكم تدَّعون الحب ولا تعرفون، وبالله عليكم كيف تُحبون مَن لا تعرفون، وكيف تتبعون من لا تعرفون، وكيف تُبجِّلون من لا تعرفون، وكيف تُقدِّرون من لا تعرفون ؟! سنسوق في هذه الخطب لمحات عن هذا النبي صلى الله عليه وسلم فعسانا أن نستيقظ وأن نفيق فقد آنَ الأوان أن نستبدل بالاحتفالات الظاهرة احتفالات في بواطننا وفي قلوبنا. إن جاءك مولودٌ لا يهمُّك أن تحتفل ظاهراً، وإنما الفرحة تسكن قلبك وفؤادك وذراتك، إن فعلتَ الاحتفال أو إن لم تفعل هذا الاحتفال الظاهر فليس لذلك كبير أهمية ولا صغيرها، لكننا مع مولد الحبيب الأعظم نقتصر على احتفال ظاهري في المساجد نغني وننشد ونتكلم ونقدم الضيافة بيد أن القلوب، واسمحوا لي، فالمقام مقام مُدارسة، أما الدَّاخل فمشغولٌ وهذا مانعرفه عن بعضنا وإن أردتم التثبت والتأكد فليسأل كلٌّ منا نفسه، وليسأل كل منا قلبه. لقد جاءت ذكرى المولد فهل أنتَ فَرحٌ فرحك بولدك يوم ولد ويوم تحتفل بميلاده الأول أو الثاني أو الثالث ؟! نحتاج إلى تمحيص، نحتاج إلى وقفة مساءلة لأنفسنا، سائلوا أنفسكم، كلنا يريد أن يحتفل ظاهراً، وأما أنت فبينك وبين نفسك وبين ذاتك هل أنت على استعداد لأن تقف بمفردك في هدأة الليل وسكون النهار لتناجي الحبيب الأعظم كما يناجي الواحد منا ولده المسافر أو ابنه الغائب أو حبيبه الذي ابتعد عنه ؟ هل تقف في الليل لتقول: الحمد لله والشكر لله عليكَ يا سيدي أن أرسلكَ الله إلينا، أنتَ النِّعمة، أنت الفضل، أنت الرحمة، أنت الخُلُق، وإني لمطأطئٌ رأسي استحياءً منكَ يا سيدي يا رسول الله، هل تقفُ في هَدأة الليل أو في سكونِ النَّهار لتقول: الصَّلاةُ والسلام عليك يا سيدي يا حبيبي يا شفيعي، يا أيها النبي الأعظم، الصلاةُ والسَّلامُ عليك يا خير خلق الله. أيها الإخوة: هذا احتفالٌ حقيقي باطني، أنا لا أقول لا تحتفلوا، ولكن أقول لا تقتصروا على هذا الاحتفال، فقد احتفلنا ظاهراً ما يكفي، ولكن ما أَثَرُ هذا الاحتفال منذ عشرِ سنوات أو عشرين سنة فيك أنت ؟! هل تقدَّمت معرفتك بالنبي منذ سنة وإلى الآن، هل تعرَّفتَ عليه أكثر مما كنت عليه من المعرفة قبل سنة، هل قرأتَ في السَّنة السالفة إلى السنة الراهنة سيرته، هل قرأتَ سيرته أمام أولادك، هل أسمَعتَ أولادك وِردك في الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هل قلتَ يوماً لتلاميذك: اسمعوا، فقد قرأتُ اليومَ عن هذا النبي خَبراً صحيحاً، ولا نريد إلا الأخبار الصحيحة، أم اكتفيتَ بحالةٍ - كما قلت بالأمس - بحالةٍ على هذه الوسائل، بل اكتفيت برسالة أو صورةٍ منقولةٍ لتُحوِّلها إلى فئاتٍ من الأشخاص مُكتفياً بذلك بتهنئةِ نفسِك وتهنئةِ الآخرين. هل قلتَ لمن حولك: رسولُ الله نسبُه مُعطَّر.

جاءني وفدٌ منذ سنتين، فحدَّثتُهم عن نسبِ النبي، قلتُ لهم من هذه الأحاديث، فنسبُ المصطفى نَسَبٌ مُعطَّر من حيث عُضوية هذا النسب، يقول عليه الصلاة والسلام، مَنْ يحفظُ مثل هذا الحديث، ومن يُحفِّظ مَنْ مَعَه مثل هذا الحديث، يقول عليه الصلاة والسلام: (إنَّ الله اصطفى مِنْ ولدِ إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل بني كِنانة، واصطفى من بني كِنانة قُريشاً، واصطفى من بني قُريشٍ بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، فأنا خِيارٌ من خِيارٍ من خِيار) مَنْ قالَ هذا الحديث لأولاده، لأنَّ النَّسبَ عندنا نحنُ العَرَب إن كُنَّا نحنُ عَرَباً فعلاً النَّسبُ له اعتبار، مَن الذي حَدَّثَ أولاده وطلابه عن الصِّفات والسِّمات المعطرة، نَسَبٌ مُعطَّر، ووَصفٌ مُطَهَّر. نحنُ نحبُّ مَنْ يمدحُ نفسَه ويكون مدحه صدقاً، نحن نحبُّ المادحين أنفسهم شريطةَ أن يكون هؤلاء المادحين صادقين، وقد قدَّموا للناس خيراً، وهذا هو النبيُّ الأعظم يقول ويُباهي: (أنا مُحمَّد، أنا أحمد، أنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، أنا الحاشر الذي يُحشَرُ الناس على قَدَمي، أنا العاقب) والعاقب هو مَنْ لا نبيَّ بعده. هل تقرؤون هذه الأحاديث بينكم وبين أنفسكم، هل تتحدثون عن الحماية الإلهية لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وهل تتحدثون عن العناية الربانية لهذا السيد السند العظيم.

أيها الإخوة: أَمَلِي مِن نفسِي ومنكم أن نعيشَ الذكرى بصدقٍ وأمانة ووفاء، أن نتذكَّر هذا النبيَّ ليس من أجلِ نشيدٍ نقوله، أو قصيدةٍ نُردِّدها، أو حفلةٍ نحضرها، ولكن من أجلِ أن نُقوِّي الاتباعَ والاقتداء والائتساء، من أجلِ أن نفخرَ بيننا وبين أنفسنا، يا نفسُ هيَّا افخري بأنكِ من أتباعِ محمَّد صلى الله عليه وسلم، هيا اشكُري ربَّك عزَّ وجلَّ أن جعلك في سِجلِّ هذا النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم.

اللهمَّ إني أسألك أن تَرُدَّنا إلى حضرةِ نبينا وحبيبنا وقرة عيوننا سيدنا محمد، أن تردَّنا إليه لقوة الاتباع، لقوة الاقتداء، لقوة الحب الحقيقي الذي يرسخ في الفؤاد، لكثرةِ قوة الصلاةِ عليه صلى الله عليه وسلم.

أخيراً: سنُتابعُ مثل هذا الكلام في الأسابيع القادمة، ولكن هل فكَّرتَ وأنت تستقبل هذا الشهر الفضيل هل فكرت في أن تقوم بوِرد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بحضورِ قلبٍ ووعيِ عقل، هل فكَّرتَ في أن تجعلَ لك وِرداً من الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم، وتختار صيغة من هذه الصِّيغ الكثيرة الوفيرة العظيمة وتقولَ في كل يوم مئة مرةِ على الأقل، فأكثر من الصلاة عليه في هذا الشهر الفضيل وإني لأَعِدُكَ أن تكونَ من الذين تنكشف عنهم الغُمَّة، وتنكشفُ عنهم الكروب، وتنكشف عنهم الأسواء والأدواء، اللهمَّ رُدَّنا إلى دينك رداً جميلاً، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 15/10/2021

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/8Fw_-IdDhR /

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق