آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


نــــــــــــدوات

   
ندوة قدسية الزواج ، والزواج العلني/ جامعة حلب

ندوة قدسية الزواج ، والزواج العلني/ جامعة حلب

تاريخ الإضافة: 2005/03/15 | عدد المشاهدات: 4983

- انطلاقا من دور الزواج في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والعاطفي عند الشباب حيث يحكم على نجاح الأسرة منذ المراحل الأولى للزواج يدعو المكتب الإداري للاتحاد الوطني لطلبة سورية بجامعة حلب للندوة التي يشارك فيها فضيلة الدكتور الشيخ محمود عكام حول قدسية الزواج والزواج العلني ، وذلك يوم الثلاثاء في 15 / 3 / 2005 م الساعة السادسة مساء على مدرج كلية الطب بجامعة حلب

الزواج عقد مقدس فلنحترمه بالإشهار والتسجيل

الزواج عقد اجتماعي خطير من حيث فاعليته ودوره في تكوين الأسرة الخلية للمجتمع ، ومـن حيث هو ضابط ومنظم دقيق للعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة .
فبدونه لن تكون هناك خلية أولى ولبنة أساس للمجتمع ، و بدونه أيضاً تدخل العلاقة الجنسية في تحقيقها ميدان الفوضى والضياع والتهتك والمجون . وهو بالإضافة إلى هذا وذاك يؤثر غيابة أو تغييبه على النسل الإنساني فيصبح معزولاً عن القيمة التكريمية التي اختص بها الإنسان أصلاً ، وامتاز بها عن الحيوان  ( ولقد كرمنّا بني آدم ) .
ولئن كان الزواج في بعض غاياته تلبية دافع الجنس وإرواءه ، لكنه يتطلب في تلك التلبية تضامناً وتفاعلاً مع ما ينشده الدافع المثالي الذي يقبع في الإنسان دون سواه من المخلوقات .
وبعبارة أخرى : فإن الزواج يؤطِّر إنسانياً إشباع الإنسان دافعه الجنسي ، كما تؤّطر آداب الطعام إنسانياً إشباع الإنسان دافعه الحياتي من جوع وعطش ، ولولا آداب الطعام وكيفياته القيمية لاستوى الإنسان والحيوان وتماثلا في إرواء دوافع أو غرائز البقاء الحياتي والاستمرار المادي .
من أجل هذا كله كان الزواج عقداً متميزاً عن سائر العقود التي لا تختلف عنه في الإيجاب عنه في طبيعتها العقدية وقيامها على الرضائية المتجلية في الإيجاب والقبول المتوافقين ، لكنه يختلف عنها في شكلية " الشهادة " التي يطلبها المجتمع ويحرص عليها لأنه من خلالها يراقب نموّه وازدياده ، إذ لا يريد المجتمع أن يتنامى ويمتد ويكبر ويكون هذا الامتداد في غفلة عنه ومنه . ولهذا فالشهادة لا تعني إطلاع وإطّلاع الشاهدين فحسب على العقد لكنها تعني إطلاع الشاهدين على العقد وتوجههما لإطلاع المجتمع عليه وإخباره بالعقد الذي شهدوا عليه مندوبين أو باعتبارهما مندوبين عن المجتمع الذي ندبهم باسمه لذلك ، وإذا ما خان الشاهدان الأمانة فلم يعلما مجتمعهما وموكلهما أثرت الخيانة على العقد فأفسدته لأنه اصطنع خلسة وفي غفلة عن أعين الأصل ، وسيغدو الأمر أكثر اتصافاً بالخيانة إذا ما تواطأ الشاهدان مع العاقدين على الإخفاء والسرية . وقد بحث فقهاؤنا هذه القضية تحت عنوان " هل توصية الشاهدين بالكتمان والإخفاء يفسد العقد " فقال الحنفية لا يفسد ، لأن الإعلان وإعلام المجتمع تم من خلال إطلاع الشاهدين . وقال مالك رحمه الله ( السرية تفسد العقد ، فلو تواصى الشاهدان بالكتمان فسد ....) .
وهنا نقول : دعونا من زواجٍ عرفي يجري في الكواليس ، واتركونا من زواج سري ، لا يشرف عليه المجتمع ولا يراقبه . وقد غدا في نظر كثيرٍ من الناس شبه جريمة ، بل حتى لدى الذين ينفذونه ، وإلا فما معنى أنهم في خشية ورعب من أن يفتضح الأمر . والزواج السري من ناحية أخرى – يبيد بشراسة حقوق الزوجة ، فهي تتنازل عنها مرغمة ، فها هو الزوج يغريّها بالمادة وحسن الصلة الجنسية ، ويهددها – في نفس الوقت – إن هي أعلنت الزواج بالإنكار وليس بينهما وثيقة .
وعليها حينها أن تتحمل سخط الناس واتهامهم إياها بالفجور والمجون ، وما أقدر الرجل في مجتمعنا على التنصّل ، وما أقسى وما أعنف مجتمعنا على المرأة إن هي واجهت الرجل وسعت إلى مبارزته بالحق ومن أجل الحق .
ثم ان الزواج السري – أخيراً – هو كذاك الزواج الجاهلي الذي رفضه الإسلام وسماه " نكاح الخَدَن " وصورته أن تتخذ المرأة لنفسها خليلاً أو الرجل لنفسه خليلة ويتعاشران معاشرة الأزواج سراً ، وقاعدة الجاهليين في هذا ( إن ما استتر فلا بأس به ، وما ظهر فهو لؤم ) فهل ثمة فرق بين هذا النكاح المحرم ، وبين الزواج السرّي ؟
نعود إلى قضية ثانية تتعلق بالزواج وقدسيته . فإنها إن فهمت خطأ أثرت سلباً على طهر الزواج وقدسيته ، وإن فهمت كما يجب أن تفهم دعمت القدسية وزادت في اعتبار الزواج الفعلة الأشرف والأطهر في مجال العلاقات الجنسية ‍‍‍بين الرجل والمرأة .
وهذا الأمر أو الموضوع هو " المهر " فليس المهر – يا سادة – ثمناً للمرأة يدفعه الرجل فيمتلكها ، وليس هو ثمناً لبضعها بل هو كما عرفّه علماؤنا ( مال يقدمه الزوج هدية ثابتة بالعقد الصحيح ، وبالدخول في العقد الفاسد أو بالوطء فهو أثر وليس ركناً ) .
ولو كان ثمناً كما يزعم بعضنا لما دعي المجتمع إلى عدم التغالي فيه ، فالمرأة في نظر الإسلام فوق الثمن وفوق المال وفوق البيع وفوق الشراء ، وهي والرجل صنوان في القيمة التكريمية التي قال عنها ربنا عز وجل ( ولقد كرمن بني آدم ) ، وقال : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) .
أخيراً : نريد من خلال الزواج المشروع والجلي الواضح مجتمع عِفة وطهر ونريد لبناتنا وأبنائنا أن يكونوا على مستوى القدوة في الخلق والفضيلة ، ولئن فاتنا الجانب المادي من الحضارة المنشودة فأملي أن لا يفوتنا جانبها المعنوي وشقها الإنساني .
ويا أبناء الوطن اتحدوا في مواجهة الفساد بكل أشكاله والمجون بشتى صنوفه والجهل بمختلف أنواعه .
واسمحوا لي يا طالبات وطلاب الجامعات أن أخصكم بالنداء لأنكم نخبة المجتمع ، وأسّه الأهم ومستقبله الموعود المنشود والله في عونكم ما دمتم في عون رفعة مجتمعكم وسؤدده .
                                                                          الدكتور محمود عكام

نص الكلمة التي أرفقها فضيلة الدكتور محمود عكام بالمحاضرة المذكورة أعلاه وقد نشرتها مجله (لها) هي بعنوان :

دعوة إلى العلنية في الزواج
لا شك في أن الإسلام حلّل وأباح صيغة واحدة محترمة لالتقاء المرأة والرجل وإشباع كل منهما دافعه الجنسي . وهذه الصيغة هي الزواج بأركانه وشروطه وإيجابه وقبوله ، وكل ذلك منثور في كتب الفقه ، وفي كتب شرح قانون الأحوال الشخصية . وقد شدد القانون على ضرورة تسجيل عقد الزواج لدى محاكم الدولة الرسمية المختصة ، حفاظاً على حقوق الزوجين وضماناً لمسيرة العدالة الاجتماعية الصحيحة ، ومنع من أن يعقد عقد الزواج خارج المحكمة وعاقب المخالف .
ولهذا ومن منطلق حرصنا على ما حرص عليه القانون ننادي أبناء مجتمعنا إلى الالتزام بما دعا إليه القانون ، وعدم إجراء عقد الزواج عرفياً لما قد يتسبب عن ذلك من تضييع حقوق المرأة أو عصيان بعض الأفراد الأولياء . أو .. ونأمل أن يشدد القانون أكثر فأكثر على ذلك ، فالأسر كلها يجب أن تكون مسجلة في سجلات الدولة ليس فيها من شاذ أو متمرد ولا نريد أن تكون في مجتمعاتنا بيوت تعيش فيها أسر ليس عليها إذن ولي الأمر أو بمنأى عن معرفة المجتمع بها أولها ، حتى وان كانت العقود التي جمعت أطراف الأسرة شرعية ، فالشرع يأبى أن يكون أتباعه عُصاة ولي الأمر قيما يعود على المجتمع بالنفع طاعتهم ، وكما يحرص كل منا على أن يسجل بيته في السجل العقاري وكذلك سيارته في السجل المختص اطمئناناً ، فليكن ومن أجل ذات الدافع حريصاً على تسجيل علاقة خطيرة مع شريك أو شريكة حياته في المحاكم المعنية .
ويا ناس : دعونا من الزواج العرفي ومن الزواج المسيار ومن كل ما شابه ، لا لأنها غير شرعية ولكن لأنها تَضَخُّمٌ غير مدروس وغير ملاحظ ، وغير مراقب .
فهو نمو عشوائي لخلايا المجتمع الأساسية ، الوضوح ربح والواضح رابح ، والعمل تحت الشمس هو العمل الأنجح ، وصدق الله إذ يقول : (وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه)
                                                                وكتب : د . محمود عكام

التعليقات

شاركنا بتعليق