آخر تحديث: الإثنين 15 إبريل 2024
عكام


مـــــــــؤتمرات

   
سر ليلة القدر وحق القرآن علينا في لقاء جامع العادلية

سر ليلة القدر وحق القرآن علينا في لقاء جامع العادلية

تاريخ الإضافة: 2006/10/22 | عدد المشاهدات: 3929

بدعوة من الشيخ الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني زار فضيلة الدكتور الشيخ محمود عكام يوم الأحد: 29 رمضان 1427 جامع العادلية بحلب، حيث يعتكف فيه منذ بداية العشر الأخير من رمضان عدد من الإخوة المؤمنين الذين التقوا بالدكتور عكام واستمعوا إلى حديثه عن سر ليلة القدر وحق القرآن علينا.

في مستهل اللقاء رحب الدكتور الحسيني بفضيلة الدكتور عكام قائلاً:

من بشائر العيد أن نلتقي أستاذنا فضيلة الشيخ والداعية والمفكر والمعلم الدكتور الشيخ محمود عكام. ولئن قال الشاعر:

أصوم وقد شهدت هلال عيدي                    وكيف يصوم من شهد الهلالا

فإني قائل: أما وقد شهدنا الهلال، أعني فضيلة الدكتور محمود عكام فنحن في عيد.

وقد شكر الدكتور عكام الإخوة المعتكفين الذين يعبدون الله في اعتكافهم بكل ما يصدر عنهم من حركات وسكنات، كما شكر الدكتورَ الحسيني على كلماته الطيبة وحسن ظنه.

وقد دار الحديث حول موضوعين متلازمين مترابطين، هما السر في المكانة التي نالتها ليلة القدر، وحق القرآن الكريم علينا.

أولاً - سر المكانة الكبرى لليلة القدر:

عندما نقرأ قوله تعالى: ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ ألا يحق لنا أن نتساءل: ما السر في أن هذه الليلة تفضل ألفاً من الشهور ؟

والجواب يكمن في السورة نفسها.

الجواب في قوله تعالى: ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ لقد صارت ليلة القدر خيراً من ألف شهر بما أنزل فيها، أي بالقرآن الكريم.

ليلة بكتاب من ربك خير من ألف شهر بدون هذا الكتاب.

ليلة بكتاب من ربك يهديك سواء السبيل ويبصرك ويوضح لك طريقك ويوصلك إلى سعادة الدنيا وفلاح الآخرة خير من ألف شهر بدون مثل هذا الكتاب.

ليلة تهتدي فيها خير من ألف شهر لا تكون فيها على اهتداء.

في ليلة تهتدي فيها تحقق ما لا يحققه تائه في ألف شهر.

هذه الآيات فيها إشارة تتضمن رسالة موجهة إليك من ربك: إن لم يكن لك دليل من تهتدي به، والشرط أن يكون من ربك الذي قال: ﴿ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾. إن لم يكن لك كتاب يدلك على ما يجب أن تفعله وما يجب أن تتركه. فإن عشت ألف شهر أو أقل أو أكثر فكل ذلك سواء.

لا بد لك من دليل يثبت فيك إنسانيتك. ويوم عاقل خير من ألف شهر مجنون !

هذا الكتاب له غايتان، هما التوصيف والتوظيف. فإذا كان الإنسان يهيئ مع كل مصنوع دليلاً فيه وصف المصنوع وطريقة استعماله، فإن الله خير وأكرم، ولله المثل الأعلى، فقد خلقنا وصنعنا، وأعطانا دليلاً فيه وصفنا ووظيفتنا. وأرسل مع الكتاب خبيراً هادياً بدون أجر، هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿قل لا أسألكم عليه أجراً﴾.

هذا الكتاب له مهمتان أو غايتان:

1- التوصيف: هل تريد أن تتعرف على نفسك ؟ ستجد في القرآن الكريم وصفاً لكلك. مادة ومعنى.

2- التوظيف: فلكل مصنوع علة غائية يحددها الصانع، فما العلة الغائية للإنسان ؟

لقد أجاب ربي على هذا السؤال بصراحة فقال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾.

ستجد في القرآن وصفك وطريقة معاشك من أجل أن تحقق الغاية التي خلقت من أجلها.

وأنتم تعلمون أن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما قد فسر قوله تعالى: ﴿إلا ليعبدون﴾ بـ: إلا ليعرفون.

هناك تلازم منطقي بين العبادة والمعرفة، فلا بد للعبادة من أن تكون مستندة إلى المعرفية، فإن استندت عبادتك إلى غير المعرفة لم تحقق غاية وجودك.

هناك فرق بين العبادة المستندة إلى المعرفية وتلك التي لا تستند إلى معرفة، لذلك كان الذي يعبد عن معرفة "عالماً"، وأما الذي يعبد بدون معرفة فيسمى "عابداً"، ولذلك أيضاً قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم).

الغاية أن تعبد الله على أساس من معرفة، وهذا القرآن ﴿يهدي للتي هي أقوم﴾، وهو يوضح مسارات الإنسان ونهاياته.

ثانياً – حق القرآن الكريم علينا:

هذا القرآن الذي أنزله الله في ليلة القدر فكانت على أساسه خيراً من ألف شهر. ما حقه علينا ؟

لقد بحثت فوجدت أن حق القرآن علينا يتجلى في ثلاثة أمور:

1- التلاوة: وتعني إحسان النطق، فأنت تتلو محاولاً أن تكون مجوّداً بحيث يخرج الحرف والكلمة على الشكل الذي يجب أن تكون عليه.

2- القراءة: وتعني إحسان الفهم.

3- التدبر: ويعني إحسان التطبيق.

هذه حقوق القرآن علينا، وها نحن في شهر رمضان ولدينا همة نحو القرآن، ولكني ألاحظ تركيزاً على التلاوة وشيء من القراءة، غير أن التدبر ضعيف عندنا.

يجب أن نخرج من رمضان وقد امتلأنا همة للسعي من أجل أن نتلو القرآن، ومن أجل أن نقرأ القرآن، ومن أجل أن نتدبر القرآن, إلا إن دخلنا رمضان وخرجنا منه دون أن نستطيع ممارسة ما تعلمناه فيه خارجه فما فائدة رمضان ؟!

إن لازمت القرآن والقيام والخلق الحسن في رمضان ثم تركتها بعده فما الذي حققته ؟

لعلكم تذكرون أني حدثتكم منذ سنتين عن الفرق بين الصيام والصوم. أنا أصوم في رمضان صياماً وصوماً من أجل أن أصوم بعد رمضان صوماً.

ما الفائدة إن لم تحمل لما بعد رمضان رسالة رمضان ؟

في النهاية:

بما أن معظمكم – أيها الإخوة – طلاب علم ودارسون فإني أتوجه إليكم قائلاً:

العلم هو المعبر الوحيد لرفعة الأمة وعزتها.

الزموا العلم الجاد... تعلموا واقرؤوا.

العلم العلمَ أيها الإخوة، أديموا مذاكرته وثابروا على ملازمة القرآن. فطالب العلم وسالك سبيله يسهل الله له طريقاً على الجنة. لذلك قلنا إن الغاية عبادة تقوم على معرفة.

أخيراً... ليكن مغروساً في قلوبنا وصدورنا ومواطن المعرفية الإيجابية فينا أن القرآن هو السبيل الوحيد لحفظ وجودنا.

إن أردت حفظاً لعقلك ونفسك وجوارحك فاحفظ القرآن يحفظك.

حكم الأقوى يسري على الأضعف، ومن حفظ شيئاً سرى حفظه إلى متعلقاته، وقد تكفل الله بحفظ القرآن، وعندما أتمسك بالمحفوظ فسوف أحفظ، وهذا التمسك ليس شكلياً بل هو عملي وحركي، من خلال القيام بحقوق القرآن الثلاثة التي ذكرناها.

عليّ أن أتحرق وأتحرك بالقرآن. أتحرق محبة وولاءً وأتحرك عملاً وتطبيقاً.

التعليقات

شاركنا بتعليق