آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
دعوة الماديين واليساريين لاتباع النبي محمد

دعوة الماديين واليساريين لاتباع النبي محمد

تاريخ الإضافة: 2007/04/13 | عدد المشاهدات: 4282

أما بعد، أيها الإخوة المؤمنون:

لا تزال ذكرى مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم تخيم علينا وتلح من أجل أن يكون الموضوع مباشراً في تناولها.

دعوني اليوم أخاطب فئتين من الناس فيما يخصّ علاقتهم بهذا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقبل أن أحدد هاتين الفئتين لا بد من التوجه بكلمة لهما معاً قائلاً:

إلى الذين يعتبرون النبي عظيماً في حدود الإنسانية نطالبهم أن يتجاوزوا هذا الاعتبار ليصلوا إلى اعتبار آخر ينبع من الإيمان، وبعبارة أخرى: إلى الذين يعظمون النبي محمداً على أنه إنسان، أريدهم أن ينفتحوا عليه أيضاً باعتباره نبياً ومرسلاً، ولا أريد منهم أن يقفوا عند حدود الاعتبار العظيم لإنسانيته، وإن كان هذا أمر رائع لكنه منقوص، أقول لهم أحسنتم وأسأتم، أحسنتم إذ عظمتموه إنساناً ، ولكنكم أسأتم إذ قصرتم الأمر على هذا فحسب ولم تنفتحوا عليه نبياً رسولاً من عند الله عز وجل، أما الفئتان فأنا أخاطب المسلمين الماديين المنعتقين من الإيمان بالغيب وقد يسمى هؤلاء تسميات كثيرة فمنهم من يطلق عليهم: ماديون ومنهم من يسميهم يساريين... هذه فئة أولى، أما الفئة الثانية فهم من يؤمنون بالغيب بشكل عام إلا أنهم لا يتناولون محمداً فيما يخص موضوعات إيمانهم بالغيب وأنا أعني بهؤلاء من يسمى مؤمناً من غير المسلمين، هؤلاء يؤمنون بالغيب لكنهم لا يضعون محمداً موضوعاً من موضوعات الإيمان بالغيب، يقدرونه، يبجلونه وهذا أمر جميل لكنهم في تقديرهم وتبجيلهم محمداً يقفون في حدود المساحة الإنسانية ولا يتجاوزون بمحمد ليضعوه موضوعاً للإيمان بالغيب، ولإرسال من قبل الله عز وجل، وأظن أن الفئتان معروفتان لدى الجميع.

 أقول لهاتين الفئتين: محمد إنسان عظيم، ومحمد ذات عظيمة، ولا ريب في ذلك، لكن محمداً أيضاً رسول من عند الله بل هو خاتم المرسلين، محمد يتكون من ذات عظيمة في حدود الإنسانية ويتكون من مهمة وصفة هي الرسالة، فمحمد إنسان عظيم ورسول كريم من عند الله، أقول للفئتين مكرراً: أقول لهم أحسنتم وأسأتم، أحسنتم إذ عظمتموه إنساناً، ولكنكم أسأتم إذ قصرتم الأمر على هذا فحسب، وأنا أدعوكم إلى النظر إلى محمد بالإضافة إلى أنكم تنظرون إليه على أنه إنسان عظيم أدعوكم إلى أن تنظروا إليه على أنه رسول من عند الله ونبي من عند الله.

تسألونني ما الدليل ؟ لن آتي بالدليل من خلال ما يسمى بالمماحكات أو المناقشات العقلية، لكنني سآتي بدليل له اليوم كبير اعتبار، الدليل من علم يسمى اليوم الألسنية.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عرَّف الناس بنفسه، عرَّف ذاته وعرَّف صفاته، قدم للناس إنسانيته وقدم مهمته، فاسمعوا ما قاله عندما قدم ذاته، روى الإمام أحمد في مسنده أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب) وهذا صحيح، وهل ينكر أحد هذا الكلام (إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرة خلقه، وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، وجعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً، فأنا خيركم بيتاً وخيركم نفساً) وليدرس المهتمون بالأنساب هذا، فنسب رسول الله من حيث النظرة البشرية أصفى نسب، وهذا ما قدم من خلاله النبي نفسه، فهل أحد سيقول عن هذا الكلام ليس بصحيح ؟

حديث آخر يقدم من خلاله النبي ذاته يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم فأنا خيار من خيار) وهل يستطيع أحد أن يقول بأن هذا الكلام غير صحيح ؟ سلوا أرباب النسب، فرسول الله فعلاً من بني هاشم وبنو هاشم من المختارين من قريش، وقريش مختارة نسباً من بني كنانة، وبنو كنانة مختارون من ولد إسماعيل، وإسماعيل مختار من الله عز وجل لأن الله افتداه بذبح عظيم، وهذا الكلام لا يستطيع أحد أن ينكره، فرسول الله من حيث الذات هو نفس ما قدم نفسه ولا يستطيع أحد أن ينكر هذا.

نقول لهاتين الفئتين: أنتم تعظمون محمداً في حدود الإنسانية وها هو محمد يقدم نفسه في حدود الإنسانية ويستحق أن يعظم، لكن لماذا صدقتم محمداً عندما قدم ذاته ولم تصدقوا محمداً عندما قدم صفاته وعندما قدم مهمته ؟ فاللهجة التي قدم بها صفاته ومهمته لا تحتمل إلا التصديق لأنها حاكمة جازمة ولا يمكن أن ينتابها ريب، لا سيما إذا نظرنا إليه عندما قدم ذاته فوجدنا الريب بعيداً عنه، أرجو أن نستوعب هذا النقطة أيها المثقفون بشكل خاص.

أقول لهاتين الفئتين: لماذا صدقتم محمداً عندما قدم ذاته، ولم تصدقوا محمداً عندما قدم صفاته وعندما قدم مهمته ؟  لم لا تصدقونه ؟ واللهجة حاسمة، مفصلة مخبرة عن أمور لا يمكن أن تكون في حدود الخرافة لأنها صادرة من صادق حازم حاسم غير هازل، وإليكم بعض هذه الأحاديث، وهل يستطيع أحد أن يقول هذا الكلام إلا إذا كان مرسلاً فعلاً ؟

الحديث الأول كما جاء في البخاري ومسلم: (أنا محمد أنا أحمد أنا الماحي يمحو الله بيَ الكفر أنا الحاشر يحشر الناس على قدمي يوم القيامة، أنا العاقب الذي لا نبي بعدي). هل يستطيع أحد اليوم أن يقول هذا الكلام بتلك اللهجة بهذا الحسم ؟ هل يستطيع أحد أن يقول بهذا الجزم عن الواقع القادم ؟ قل لي بربك هل يستطيع أحد اليوم من عظماء الدنيا أن يقول: أنا الحاشر يحشر الناس على قدمي ؟ هل يستطيع أحد أن يقول: أنا الماحي يمحو الله بيَ الكفر ؟

حديث آخر يقول فيه صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح الإمام مسلم: (أنا سيد ولد آدم) من الذي يستطيع أن يقول هذا الكلام اليوم ويصدقه مئة ألف في عصره ويلقى التصديق اليوم من أكثر من ربع العالم من أكثر من مليار شخص ؟ من الذي يستطيع هذا القول ؟ (أنا سيد ولد آدم، وأنا أول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع) من الذي يستطيع أن يقول: وأنا أول من ينشق عنه القبر  ؟ ربما يستطيع أن يقول مثل هذا الكلام رجل مهووس مجنون ولكن قل لي بربك: هل تستطيع أن تقول عن محمد بعد أن عرفت ذاته وبعد أن عرفت صفاته وبعد أن عرفه من عرفه هل تستطيع أن تقول ولو بذرة من مليار ذرة بأن هذا الرجل مجنون ؟! أنا أول من ينشق عنه القبر، هذا القول إما أن يقوله مجنون وإما أن يقوله نبي مرسل، نفينا عن النبي إمكانية الجنون لأن هاتين الفئتين التين أخاطبهما لا يستطيعان أن يقولا عن النبي بأنه مجنون فإذا انتفت الجنونية عن محمد وهو يقول هذا الكلام إذاً فليس محمد إلا رسول ونبي.

الحديث الثالث يقول فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما في الترمذي: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر) يا هؤلاء هذا الرجل يتحدث عن يوم القيامة (ما من نبي يومئذٍ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي) من يستطيع أن يقول مثل هذا الكلام ؟ أكرر هذا القول إما أن يقوله مجنون وإما أن يقوله نبي مرسل، نفينا عن النبي إمكانية الجنون، إذاً فليس محمد إلا رسول ونبي.

الحديث الرابع كما في سنن الترمذي (أنا أول من يحرك حلق الجنة بيده، فيفتح فأدخلها ويدخل معي فقراء المؤمنين) من الذي يستطيع أن يقول أنا أول من يحرك حلق الجنة ؟ قولوا لي بربكم هل ثمة عظيم اليوم أن يقول هذا بهذه اللهجة الحاسمة الجازمة ؟ أكرر وأكرر لا يقول هذا الكلام إلا المجنون أو نبي حتى ولو كان المجنون يتحدث بهذه النصاعة اللغوية ليس بمجنون.

الحديث الخامس يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا أول الناس خروجاً إذا بعثوا) يا رسول الله يا محمد أنت تتحدث عن أمر قادم ليس لنا من تصور عنه كيف تتحدث عن هذا ؟ لسان حال رسول الله لو لم أكن نبياً ما تحدثت هذا، لو لم أكن رسولاً ما تحدثت، (وأنا خطيبهم إذا وفدوا، وأنا مذكرهم إذا شهدوا، لواء الحمد بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر، وأنا إمام النبيين وصاحب شفاعتهم) يا هؤلاء أيتها الفئتان أيها المسلمون الماديون الغارقون في حدود المادية المقدرون لهذا النبي على أنه إنسان عظيم وقفلتم هذا على حدود الإنسانية، اسمعوا ثانية وثالثة ورابعة هذه الأحاديث وادرسوا الألسنية وتأكدوا فإنكم ستجدون إن حررتم عقولكم من قيد وضعه شيطان الإنس وشيطان الجن عليكم ستصلون إلى اعتقاد جازم كما اعتقدتم عن محمد بأنه عظيم في حدود الإنسانية ستصلون بتفكيركم ودراستكم هذه الأحاديث دراسة ألسنية إلى أن محمد نبي ورسول وبالتالي إذا ثبت هذا فأنتم ملزمون باتباعه والسير وراءه ومحبته والاعتقاد به على أنه قائد ومعلم وموجه وعلينا أن نقف بين يديه لنقول له: يا سيدي يا رسول الله نحن جندك، نحن الأوفياء لك، نحن عازمون أن نتابع المسيرة وراءك لأنك نبينا، لأنك رسولنا لأنك إنسان عظيم، لأن الله اختار إنسناً عظيماً ليكون رسولاً عظيماً، واختار إنساناً كبيراً خيار من خيار ليكون خاتم النبيين.

أيتها الفئتان: أعيدوا النظر في هذه الأحاديث وبمثلها وإنني واثق إذا كنا منفتحين على عقولنا لتتحرك في حدود إمكانيتها الواسعة إنني واثق بأنكم ستصلون إلى اعتقاد هذا الذي أعتقده، والاعتقاد الذي أعتقده هو أن محمداً رسول الله. ستصلون لتكرروا معي بقوة محمد رسول الله.

أخاطب الفئتين المسلمين الماديين الذين تحبسهم الدنيا بجدرانها وأخاطب الذين يؤمنون بالغيب لكنهم لا يتناولون محمداً على أنه موضوع من موضوعات الإيمان بالغيب الذين يؤمنون بالرسالات السابقة الذين وقفوا حائرين أمام هذا الرجل الذي اسمه محمد أيقولون عنه إنه نبي وهذا يقتضي منهم بحثاً ودراسة أم يقفون عند حدود التعظيم لهذا الإنسان ؟ أعيدوا النظر.

 أخيراً، أتوجه إلى غير هاتين الفئتين، أتوجه إليكم أنتم تعتقدون بأن محمداً إنسان عظيم ونبي مرسل قولوا لي بربكم بِمَ تختلفون عن أولئك من حيث سلوككم ؟ من حيث مسيرتكم ؟ من حيث أخلاقكم ؟ أنتم الذين تساعدونهم على ألا يتجاوزوا حدودهم المغلقة من خلال سلوك بعيد عن سلوك الإنسان المؤمن، من خلال أخلاق بعيدة عن أخلاق المتبع المؤمن برسول الله، لذلك أنتم مأمورون أن تدعون هاتين الفئتين بالسلوك، أروا هاتين الفئتين أنكم مؤمنون بمحمد على أنه إنسان عظيم وعلى أنه رسول كريم، وذلك من خلال القيام بالواجبات التي ذكرتها كثيراً، واجباتكم نحو النبي تعرف ومحبة واتباع، هيا وعليكم أن تدعوا هاتين الفئتين من حيث السلوك وليس من خلال المناقشة، فالمناقشات لن تؤثر إذا كان السلوك بعيداً عن الأمر الذي تدعو إليه من خلال المناقشة.

أسأل الله أن يجعلنا ممن يدعوا غير المسلمين والمسلمين المقصرين بإيمانهم بأخلاقهم قبل قالهم بسلوكهم قبل قالهم، إن ربي على ما يشاء قدير، نعم من يسأل ربنا ونعم النصير إلهنا أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ: 13/4/2007

التعليقات

محمد ابو العز

تاريخ :2007/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت خطبتكم وأعجبت بها وهي في نطاق بحثي حيث أعد بحثا بعنوان أراء المستشرق مكسيم رودنسون حو ل السيرة النبوية حيث أورد المستشرق شبهات كثيرة منها ان محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن ألا شخصا يشعر انه نبى ويخيل أليه ان وحيا يكلمه ولم يكن هذا الوحي ألا خياله الجمعى collective imagination و نوبات من الصرع كانت تنتابه اثناء هذه الحالة. أرجو من فضيلتكم مساعدتى فى هذا البحث برأي فضيلتكم وبأي مادة علمية حول هذا الأمر وجزاكم الله خيرا

أبا الخطاب

تاريخ :2008/03/19

ان مولد نبينا محمد صلوات الله عليه وأتم التسليم وأن مولد النبي عليه السلام قدوة نقتدي بها

شاركنا بتعليق