رجال عرفتهم وغادرونا
الكلمة الحادية الأربعون في
د. محمَّد سَعيد فَرهُود في ذمَّة الله
رحمكَ الله يا أبا عبدِ الغفَّار، وأسأله جلَّ وعلا أن يتَغمَّدك برضوانه وإحسانه وغُفرانه، فقد عِشْتَ حَميداً - وربِّ الكعبة - وها أنت ذا تموتُ سعيداً، عشتَ حميداً بأخلاقك وعِلمك وفهمك وذوقك، ولا أدَلَّ على ذلك من أنَّ كلَّ العقلاء الذين صَحِبُوك يَشهَدونَ بذلك، وأنا واحدٌ منهم ولعلِّي من أكثرِهم وأشَدِّهم قُرْبَاً منك إذ لطالما أسْرَرْتَ إليَّ أحاديثَ وأحاديث، وكشفتَ أمامي اللِّثام عن أسرارٍ وأسرار.
أيها المِفضال: عَلَمٌ أنتَ في ميدان العلم، ومَن ذا الذي يُنكر ذلك ؟ وأستاذٌ قديرٌ أنتَ في مجال الخلق، ومَن ذا الذي لا يقولُ عنك ذلك ؟! وأما الفَهْمُ والذَّكاء والذَّوقُ فحدِّث عن "سعيد فرهود" وجَوْلاته وصَولاته في هذا ولا حرج، ولا تقُلْ لي "بعدها" يا سَامعي ومُحدِّثي: هذه أحكامٌ فأينَ الأدلَّة والوقائع ؟ فإني مُجيبُك: أنا الشاهد الذي أُقسم على صِحِّة ما قلتُه، وأنا العارفُ الذي يمتلكُ مَخزوناً من الحَوَادث تؤكِّدُ حقيقةَ ما ذَكَرتُه، وتعالَ معي يا هذا في مَجْلسِ أُنْسٍ واستئناس عنوانُه: شهاداتٌ في حقِّ سعيد فرهود حتى تسمعَ الكثير الكثير، وحسبي هنا أن أُجمِل لأني أبغي إيراد الملامح العامَّة لهذه الشخصية التي أحببْتُ وهويت.
أيها الراحل العزيز: طِبْتَ حيَّاً ومَيْتَاً وطِبْتَ مَذْكُوراً على ألسِنة الصِّدق في الآخرين. لكَ عليَّ عَهْدٌ أنْ أذكُرَك دائماً بالخير والدعاء، وأن أُقدِّمك مثلاً من أمثلة العلمِ والفهمِ والخُلُقِ والوفاء، فيا أهلَه ويا أصدقاءَه ويا ذَوِيه ويا طلَّابه ويا زملاءه: لله ما أخذ، ولله ما أعطى، وكلُّ شيءٍ عنده بمقدار، فلتصبروا ولتحتسبوا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المحبّ الذي لن ينسى
د. محمود عكام
التعليقات