آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
القتل والظلم والخيانة: جرائم فلنجتنبها

القتل والظلم والخيانة: جرائم فلنجتنبها

تاريخ الإضافة: 2012/06/01 | عدد المشاهدات: 4450

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

رحم الله شهداءنا الأبرياء، وحمى وحفظ وطننا من كل مكروه.

أسأل الله عز وجل أن يلهمنا جميعاً رشدنا، وألا يجعل فينا شقياً ولا مطروداً ولا محروماً.

أيها الإخوة:

اسمحوا لي أن أخاطب اليوم المواطنين جميعاً في سورية، أن أخاطب كل الفئات وأن أخاطب كل من انتمى لهذا الوطن وحمل الهوية، أخاطب الجميع حاكماً ومحكوماً، مسؤولاً وشعباً، وزراء وموزورين، مديرين وموظفين، جيشاً ومدنيين، أصحاب مهن حرة وعاملين، رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، تجاراً وصناعيين، أخاطب الجميع قائلاً:

هلا تعاهدنا على ما أراد الله أن نتعاهد عليه، ولن أذكر كلَّ الذي أراده الله عز وجل منا أن نتعاهد عليه، قررتُ أن أكلمكم اليوم وسيسمع هذا كلامي أناسٌ من وراء الشبكة العالمية، ومن وراء القنوات الفضائية، يا أيها السوريون في الداخل كنتم أم في الخارج، ألا تريدون أن نتلوا ما حرّم الله علينا بشكل قطعي وما حرمته علينا إنسانيتنا وما حرمته علينا مواطنتنا وما حرمته علينا ما نحن فيه على اختلاف ما نحن فيه من مبادئ ومذاهب، تعالوا نتعاهد على أن نقف وقفة المبتعد، وقفة الحذر من هذه الجرائم التي سأذكرها من هذه الكبائر، تعالوا نتعاهد ونتلو ما حرَّم الله علينا لنجتنبه اجتناباً حقيقياً واقعياً لنجتنبه اجتناباً أكيداً ينبع هذا الموقف الاجتنابي من قلوبنا وعقولنا وأفكارنا وأؤكد على هذا، ولا أستثني مواطناً من مواطني سورية.

يا أيها السوريون: القتل والنهب حرام، فأوقفوه، يا أيها السوريون: الظلم والقهر حرام فامنعوه. يا أيها السوريون: الخيانة والغدر حرام فجانبوه.

أمورٌ ثلاثة فظائع ثلاثة وجرائم ثلاثة وكلنا يؤمن بأن هذه الجرائم أفظع الجرائم، وهذه الكبائر أفظع الكبائر، وأن هذه الأمور تنسف الإنسان نسفاً، فلا إنسان مع ظلم ولا إنسان مع خيانة، ولا إنسان مع قتل، تعالوا نتعاهد يا أيها المواطنون وافعلوا بعد ذلك ما تريدون لكن من غير قتلٍ وسلب، ومن غير ظلمٍ وقهر، ومن غير خيانةٍ وغدر. فكفانا يا إخوة، كفانا يا أيها الناس. اجتنبوا القتل والسلب والنهب، واجتنبوا الظلم والقهر، واجتنبوا الخيانة والغدر، وكلنا معنيُّون وكلنا مخاطبون، من مواطن له مسؤولية واسعة تتناول البلاد كلها إلى مواطن تتحدد مسؤوليته بحدود أسرته أو بيته أو بحدود جسمه ومادة جسمه، لا نفرق في الخطاب بين هذا وذاك، فالكل مخاطب.

الجريمة الأولى: القتل، إياكم والقتل والسَّلب والنهب: ﴿ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق﴾ ولن آتي بالأدلة الكثيرة وحسبكم أنكم تسمعون القرآن الكريم وتسمعون قوله تعالى: ﴿من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً﴾ ولا شك في أنكم سمعتم في هذه الآونة أكثر من غيرها حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في سنن البيهقي: (لزوالُ الدنيا جميعاً أهون عند الله من سفك دم بغير حق) ولعلكم سمعتم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح مسلم: (من حملَ السِّلاح علينا فليس منا) الكل مخاطَب هنا وهناك، كلكم مخاطَبون حيثما كنتم يا أيها السوريون: (من حمل السلاح علينا فليس منا، ومن غشنا فليس منا) ويروي الإمام مسلم عن نبينا ونبيكم ومن أفواهكم ندينكم: (أول ما يُقضى بين الناس فيه يوم القيامة في الدماء) القتل فلنتعاهد على أن نجتنبه يا ناس يا كل الناس في سورية يا كل المواطنين في سورية يا كل الفئات يا كل الجبهات يا كل التنظيمات يا كل التكتلات فلنتعاهد على أن نهجر ونترك هذه الفظيعة الجريمة هذه الجريمة التي كانت سبباً في أن ابني آدم بدء الخلاف منهما واستمر إلى أيامنا هذه.

أما الجريمة الثانية فالظلم فلنتعاهد على أن نجتنب الظلم وأن نجانب الظلم وأن نرفض الظلم، وألا نمارس الظلم، والظلم هو أن تمنع الناس حقوقهم، أن تمنع الإنسان الذي أمامك حقه، إن منعت الإنسان حقه فأنت ظالم مَن كنت، لك الحق في أن تعبِّر عن رأيك فإن منعتك فأنا ظالم، لك الحق في أن تعمل فإن منعتك فأنا ظالم، لك الحق في أن تفكِّر فإن منعتك فأنا ظالم، لك الحق في أن تتعلم فإن منعتك فأنا ظالم وهكذا دواليك، تعرَّف على حقوق الآخرين قبل أن تتعرف على حقوقك فإن منعت الآخرين حقوقهم فأنت ظالم، إياكم والظلم والقهر: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) كما جاء في البخاري ومسلم في الحديث القدسي، ويقول سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) يا أتباع محمد يا مَن تدَّعون بأنكم معجبون بمحمد حتى لو لم تكونوا أتباعه وأنا أعتقد أن كل السوريين من خلال ما سمعت يبدون إعجابهم بمحمد حتى ولو كانوا لا يتبعون محمداً، يا أيها المعجبون بمحمد يا أتباع محمد يا أيها الذين ينظرون إلى محمد على أنه الرقم واحد في العالم من بين الخلق، محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول لكم: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة).

أما الجريمة الثالثة التي يجب أن نتعاهد على اجتنابها والبعد عنها: الخيانة والغدر، أتدرون ما الخيانة ؟ أتدرون ما تعريف الخيانة ؟ الخيانة: أن تنقض العهد الذي بيني وبينك خلسة، أنت جارٌ لي وبحكم الجوار بيني وبينك عقد الجوار فإن آذيتني خلسة فأنت خائن، وإن لم ترعَ حقوقي في بيتك تجاهي فأنت خائن، إن اغتبتني أمام الناس ولستُ معك فأنت خائن، نقض العهد والعقد الذي بيني وبينك إن بإرادة مخصصة أو بحكم الواقع العام، فالمواطنة عقد والجوار عقد والمساكنة عقد والإنسانية عقد وهذا العقد يعني أنك في حصانة مني وأني في حصانة منك، فإن نقضت هذا العهد خلسة فأنت خائن: ﴿لا تخونوا الله﴾ لا تنقضوا عهودكم معه خلسة وليس بينكم وبين الله اختلاس لأن الله يعلمكم ولكن من باب المشاكلة: ﴿لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون﴾ لا تنقضوا العهد والعقد مع الله خلسة. يقول صلى الله عليه وآله وسلم كما في أبي داود يا أيها المواطنون في الحديث القدسي: (أنا ثالث الشريكين) ونحن شركاء في هذا الوطن، (أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما الآخر فإذا خان أحدهما الآخر خرجتُ من بينهما) والله خرج من بيننا اليوم لذلك ندعوه فلا يستجيب لنا لأنه خرج من بيننا ونحن شركاء وقد خان الشريك شريكه إن من هذه الجهة أو من تلك الجهة لا نفرق بين جهة وأخرى فالكل معنيون والكل مُخاطَبون والكل يُتوجَّه إليهم بالتنبيه والنصيحة والتوجيه: (أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما الآخر فإذا خان أحدهما الآخر خرجتُ من بينهما) والخيانة نقض العهد والعقد خلسة، وكم ننقض العهد فيما بيني وبينك خلسة ؟ كم ؟ ولينظر كلٌ منا نفسه من الأعلى إلى الأدنى ومن الأدنى إلى الأعلى ومن الشمال إلى الجنوب... كم ننقض العهد الذي بيني وبينك أيها المواطن خلسة ؟ لقد قلت على هذا المنبر حديثاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من مرة كما في سنن أبي داود: (الإيمان قيَّد الفتكَ) وفي رواية: (قيْدُ الفتكِ) (لا يغدر مؤمن) المؤمن لا يعرف الغدر ولا يعرف الخيانة وأؤكد الخيانة نقض العهد والعقد على سبيل الاختلاس، يا أيها الناس: (لكل غادرٍ لواءٌ يُعرف به يوم القيامة) وفي رواية: (يُرفع له بقدر غدره) لواء الغادرين واضحٌ بيِّنٌ يوم القيامة وإن اختفى في الدنيا فلن يخفى يوم القيامة هكذا قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. يا أيها المؤمنون بيوم القيامة: (لكل غادرٍ لواء يُعرَف به يوم القيامة، ويُرفع له بقدر غدره، ولا غادر أعظم غدراً من أمير جماعة)، وتعظم وتفظع الجريمة بقدر مساحة مسؤوليتك أنت أيها الإنسان، (ولا غادر أعظم غدراً من أمير جماعة) واليوم أصبحنا في موطن الغدر يُغدر بنا، وموطن الخيانة نخان، وموطن الظلم وموطن القتل وأصبح الناس غادرين، هذا يترقّب وهذا يتوجّس وهذا يخشى، يا أيها المواطنون السوريون أناشدكم الله جميعاً إن كنتم تريدون الخير لبلدكم فلا قتل ولا ظلم ولا خيانة ولا غدر والكلام للجميع، يا أيها السوريون إن أردتم أن يكون الله معنا فلا قتل ولا ظلم ولا غدر ولا خيانة، يا أيها السوريون أن أردتم ألا يتدخّل الخارجي وألا يتدخل البغيض وألا يتدخل الآخرون المعتدون فلا قتل ولا ظلم ولا خيانة، ووالله إن لم نتب عن القتل والغدر والظلم والخيانة فسيأتي من هو أظلم منا لينتقم منا حتى ولو وقف معنا كل الذين يريدون أن يقفوا معنا، من هنا يبدأ الحل وليس من مواقف لدولٍ أو فئات أو جماعات وإنما من هنا يبدأ الحل بترك الظلم يا أيها الظالم، بترك القتل يا أيها المعتدون، بترك الغدر والخيانة يا أيها الغادرون، أتوجه في كلامي هذا للجميع والكل معني ولا أحد يدخل تحت قنطرة العصمة حتى يبتعد عن التناول بالحديث فالكل معني.

اللهم إني أسألك بحق الدماء البريئة، بحق دماء الأطفال، بحق الثكالى ودموعهن بحق الأيتام وحزنهم، بحق كل ذي قلبٍ مخلص أن ترفع مقتك وغضبك عنا، وأن تكشف الغمة عنا، وأن تعيدنا إلى ساحِ ترك الفظائع والجرائم يا رب العالمين، نعم من يسأل أنت ونعم النصير أنت أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ 1/6/2012

 

التعليقات

شاركنا بتعليق