آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
خطبة عيد الفطر 1425

خطبة عيد الفطر 1425

تاريخ الإضافة: 2004/11/14 | عدد المشاهدات: 4764

أما بعد ، أيها الإخوة يا أهل العيد بعد رمضان :
تقبل الله منكم صيامكم وقيامكم ، وتقبل الله من المسلمين جميعاً صيامهم وقيامهم ، وجعلني وإياكم والمسلمين من عتقائه من النار ومن عتقاء شهر رمضان وأسأله جل وعلا أن يدخلنا الجنة من باب الريان .
أيها الإخوة : خطر ببالي أن أتناول معكم باختصار في هذه الخطبة من يوم العيد حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي يرويه الترمذي بسند صحيح : " اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن " اتق الله أيها الإنسان الصائم بالأمس من أجل أن لا تجرح صيامك ، والتقوى إخلاص لله ومراقبة له . فلنتق الله حيثما كنا ، إن كنا في السر فلنتق الله ، ولنخلص لله ، ولنراقب مراقبةَ الله عز وجل لنا فالله يعلم متقلبنا ومثوانا . حيثما كنت أيها الشاب ، إن كنت في البيت أو كنت في السوق أو كنت في زيارةٍ أو كنت في عيادة أو كنت في أي مكان فراقب الله إذا ما خلوت بينك وبين نفسك فاعلم بأن الله يراقبك وبأن الله مطلع عليك ، فاستحِ من الله حق الحياء . قالوا يا رسول الله : إنا نستحي والحمد لله . قال : " الحياء : أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، وأن تذكر الموت والبِلى " هذا هو الحياء ، فاستحيوا ولنستحيي من الله عز وجل عندما نكون بيننا وبين أنفسنا ، وبيننا وبين الناس ، فلنراقب مراقبة الله لنا . الله يعلم ما توسوس به نفسك وهو أقرب إليك من حبل الوريد ، لذلك فلتكن التقوى علامة وعنواناً في كل أفعالك وأعمالك وأقوالك . يا شبابنا ، يا أبناءنا ، يا نساءنا ، يا بناتنا : نريد التقوى عنواناً لمجتمعاتنا ، فالتقوى ورب الكعبة عنوان طيب خير ، يجعل هذا المجتمع الذي يُعْنِون نفسه بها مجتمعاً صالحاً مقبولاً في كل الميادين . اتق الله يا أيها الشاب في كل الميادين . قل دائماً : الله شاهدي ، الله ناظر إلي . هكذا قل بينك وبين نفسك اذا ما خطر على بالك أن تقوم بعمل مشين لا يرضي الله عز وجل فتذكر بأن الله يراقبك ، اذا ما خطر ببالك أن تقوم بعمل لا يؤثر على المجتمع إلا بالسلب فتذكر بأن الله يراقبك ، ألا نستحي حينما لا نفعل أشياء تضر بمجتمعنا أمام الناس فإذا ما خلونا بيننا وبين أنفسنا فعلناها ؟! نستحي من الناس ولا نستحي من الله عز وجل
﴿ يستخفون من الناس من الله وهو معهم الحياء والتقوى عنوانان جميلان لمجتمعنا ، فاللهم اجعل مجتمعنا مجتمعاً حيياً وتقياً يا رب العالمين .
وأتبع السيئة الحسنة تمحها :
﴿ إن الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون لا شك في أن كل واحد منا ليس بمعصوم ، ولكننا نريد اذا ما فعلنا ذنباً أو خطيئة أن نتدارك فنتوب إلى الله عز وجل فنستغفر ، ومن فعل أمراً سيئاً فاستغفر بصدق وعزيمة من قلبه غفر الله له . أتبع السيئة الحسنة تمحها ، لنا سيئات كثيرة فلنعمل على محيها من خلال توبة لله عز وجل ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها . إذا ما قمت بسيئة ما فأسرع بفعل حسنة ، حتى تقوم الحسنة بمحوها .
يا شبابنا : انظروا صحائف أعمالكم ، إن وجدتم الحسنات تتجاوز السيئات فاحمدوا الله واشكروه ، وإن وجدتم السيئات تتجاوز الحسنات فتوبوا إلى الله واستغفروه ، توبوا إلى الله على كل حال وفي كل آن فالتوبة يجب أن لا تنقطع من ألسنتنا ولا من قلوبنا .
وخالق الناس بخلق حسن : أعط كل واحد من الناس حقه ، أعط أباك حقه ، واعط أمك حقها ، , أعط ولدك حقه ، وأعط ابنتك حقها ، انظر إلى حقوق الآخرين عليك فأعط كل ذي حق حقه : " إن لنفسك عليك حقاً ، وإن لزوجك عليك حقاً ، وإن لربك عليك حقاً ، فأعط كل ذي حق حقه " ما حقوق الآخرين عليك ؟ تعلّم هذه الحقوق وأعطِ كل الآخرين حقوقهم . أيها الغني أعط الفقير حقه ، أيها الصحيح أعط المريض حقه ، أيها الذي تعيش في أمان أعط أولئك الذين لا يجدون الأمان حقوقهم . ولعلك تسألني ولا أريد أن أجعل من هذه الخطبة تفصيلاً لحقوق الآخرين عليك فذلك مبذول في الكتب التي تتحدث عن حقوق الناس على بعضهم ، لكنني أختصر هذه الحقوق لأقول لكم : اعلموا أن لكم إخواناً في هذا البلد لا يجدون ما يأكلون فأعطوهم حقوقهم ، اعلموا أن لكم في هذا البلد إخواناً مرضى فأعطوهم حقوقهم حتى نكون في عيد حقيقي ، حتى نكون في عيد جدير بأن نحتفل به . إن لكم إخواناً في هذا البلد يحتاجون إليكم ، إلى أموالكم ، إلى دعواتكم ، إلى بسمة منكم ، من شفاهكم ، إلى كلمة طيبة منكم ، لعل كثيراً من الناس بحاجة إلى أن تكفوا أذاكم عنهم . إن جيرانكم ، إن أبناءكم ، إن من حولكم يحتاج بعضهم إلى بعض ، فقدموا حقوق الآخرين لهم وأعطوها لهم .
كما أريد أن أشير بأن لكم إخواناًُ في فلسطين بحاجة إلى معونتكم ، ودعائكم ، وصلواتكم حتى تكون هذه الصلوات دعاء حتى ينصرهم الله ويخرجهم من الحرج الذي هم فيه ومن المآزق التي وقعوا فيها . إن لكم إخواناً في فلسطين لا يجدون ما يأكلون ، يُمطَرون بالرصاص ، يمطرون بكل الوسائل التي يمتلكها أعداؤهم . إن لكم إخواناً في العراق يحتاجون إلى معونتكم ودعائكم وصلواتكم ، يحتاجون إلى نظرة ترسلونها من بلادكم إليهم تحمل معونة قلبية ومادية ومعنوية . تسمعون الأخبار أكثر مما نسمع . هنالك إخوان لكم في العراق ، في بغداد ، في الموصل ، في الفلوجة ، في سامراء ، في كركوك ، في البصرة ، في الشمال والوسط والجنوب يحتاجونكم ، ليس من أجل أن تدعوا على أمريكا فحسب ، فالدعاء على أمريكا لا يقدم لهم شيئاً ، ولكنهم يحتاجونكم من أجل أن تعينوهم على ما هم فيه ، وأن تكونوا لهم عوناً على المحتل البغيض الآثم من خلال عمل لا من خلال كلام ودموع فحسب ، وإن كنت لا أشك في أن هذه الدموع دموع صادقة ، لكني لا أريد أن نقتصر على السباب والشتم لأمريكا ولغيرها من الأعداء ، فالأعداء أعداء ولكن ماذا يفعل الأصدقاء ببعضهم ، الأعداء أعداء فهل تنتظرون من العدو أن يكرمكم وأنتم لا تكرمون إخوانكم ، هل تنتظرون من العدو أن يقدم معونة لإخوانكم وأنتم لا تقدمون معونة لهم . ادعوا لإخوانكم في فلسطين والقدس ، ادعوا لبيت المقدس ، لبغداد ، ادعوا لكل مكان من أمكنة المسلمين بأن ينصر الله عز وجل أهلها وأصحابها وأهل الحق فيها . فاللهم نسألك ان تجعلنا إخوة متحابين متناصحين متآخين .
أخيراً : تفقدوا في هذا البلد الأيتام والأرامل :

وفي العيد عادات الكرام لقد جرت         ببر اليتامى وافتقاد الأرامل

تفقدوا الأيتام واعلموا أن هنالك أولاداً كأولادكم وربما فاقوا أولادكم في الفهم والدراسة لكنهم لم يكونوا في صباح هذا العيد على موعد مع آبائهم كما أولادكم على موعد معكم ، وتذكروا أن هنالك أولاد لا يلقون في هذا الصباح أمهاتهم ، ينتظرون منكم عطفاً يقابل أو يماثل العطف الذي كانوا يتوقعونه من آبائهم وأمهاتهم .
فاللهَ الله يا أيها المسلمون ، اللهَ الله في العيد ، الله الله في البلد ، اللهَ الله في فلسطين ، اللهَ الله في العراق ، اللهَ الله في بعضنا ، نظفوا صدوركم ، طهروا دواخلكم ، لنكن مع بعضنا كالصفحة البيضاء ، لتكن دواخلكم بيضاء نقية ، إيانا والحقد ، إيانا والغل ، إيانا والحسد ، اللهم إنا نسألك تطهيراً لقلوبنا وأسماعنا وأبصارنا يا رب العالمين ، أقول هذا القول وأستغفر الله .

التعليقات

شاركنا بتعليق