آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
قدسية الزواج في الشريعة والقانون / الجماهير

قدسية الزواج في الشريعة والقانون / الجماهير

تاريخ الإضافة: 2005/03/30 | عدد المشاهدات: 3972

نشرت جريدة الجماهير الحلبية في عددها الصادر بتاريخ : 30/3/2005 رقم العدد11802 ، في الصفحة الثالثة الدراسة التالية :
 

قدسية الزواج بين الشريعة والقانون

لا يخلو الزواج من قانون العرض والطلب، فلماذا يباح للرجل أن يطلب الجمال والمال ولا يحق للمرأة أن تطلب المهر الذي يرضيها. إذا كان الخاطب يذكّر من تغالي في مهرها بالحديث الشريف " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " فيمكن أن تقول له: ما الذي جعلك تطرق بابي من دون سواي ألم تسمع الحديث الشريف: " تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
حول هذا المعنى كانت إجابة د. محمود عكام عن واحد من الأسئلة الكثيرة التي تلت الندوة التي شارك فيها إلى جانب د. أحمد أبو راس بدعوة من المكتب الإداري بجامعة حلب وبرعاية د.أحمد رحيم هبو أمين فرع الجامعة لحزب البعث على مدرج كلية الطب الكبير والتي حضرها د. محمود مرشحة عميد كلية الحقوق فضلاً عن عدد كبير من المثقفين والطلبة المهتمين.
الزواج العرفي .. أسبابه ونتائجه
في البداية تحدث د. أحمد أبو راس عن الزواج بشكل عام ورأى أنه الرابطة الاجتماعية والروحية الناجمة عن التعاقد بين الرجل والمرأة تحت سقف السلطتين الدينية والقانونية وبمباركة اجتماعية .
وقد اختلفت المجتمعات في شكل التعاقد بحسب الثقافة الدينية والاجتماعية السائدة في تلك المجتمعات .
وعن أهمية الزواج رأى أنه يشكل الخلية الأساسية في بناء المجتمع بل النواة الرئيسية في المجتمع لأنه سيفضي إلى تشكل أسرة , التي تمثل أساس بناء المجتمع, لأنها تقوم بوظائف وأدوار اقتصادية واجتماعية تثقيفية و تربوية ودينية.
ثم تحدث عن الطرائق التي يتم بها الزواج فهناك:
1- طريقة التعاقد .
2- طريقة ملك اليمين .
3- طريقة الاستيلاء على المرأة بالقوة .
ولعل الطريقتين الثانية والثالثة لم يعد لهما وجود في المرحلة المعاصرة . لكن ما هو سائد ومتعارف عليه هو طريقة التعاقد.
وقد تحدث عن شروط التعاقد التي تتم بالإقرار والقبول من كلا الطرفين المتعاقدين , ومن ثم الإعلان عنه، وبلوغ السن المناسبة للزواج ، والتصديق الديني و القانوني عليه .
ورأى أن كل زواج لا يستكمل هذه الشروط فهو زواج ناقص أو معتل ..
ويبدو أن الزواج العرفي والذي يتلخص بمجرد القبول بين رجل وامرأة كاملة الأهلية, تبادلا الرضى بالزواج والاتفاق عليه دون أي تدابير قانونية أخرى، يعتبر غير محقق لشروط الزواج الطبيعي, لأنه يفتقر إلى التصديق من قبل السلطتين القانونية والشرعية.
وفي أدبيات علم الاجتماع ينظر إلى الزواج العرفي على أنه ظاهرة اجتماعية معتلة, لأنها لا تحقق شروط الظاهرة الاجتماعية الطبيعية أو السلمية فهي لا تتصف بالعمومية ولا الانتشار العام من جهة، كما أنها لا ترتبط بخصائص المجتمع الثقافية و الاجتماعية والدينية ,عندئذ يمكننا القول على أنها ظاهرة معتلة غير مستوفية شروط الظاهرة السلمية.
بعد ذلك وقف أبو راس عند الأسباب التي تفضي إلى الزواج العرفي،مميزاً بين:
الزواج العرفي عند شريحة العزّاب، والزواج العرفي عند المتزوجين.
أما الأول فقد يحصل :
1- نتيجة معارضة الأهل لفكرة الزواج وإتمامه .
و يزعم الأهل على أنه يوجد ما يبرر مواقفهم ومنها :
أ- الاختلاف المذهبي الديني .
ب- البعد الجغرافي , وخوفهم من رحيل ابنهم نهائيا عنهم والذهاب مع زوجته ليسكنا إلى جوار أهلها .
ت- الاختلاف في العادات والتقاليد والطابع الثقافي القيمي .
ث- رغبة من الأهل بتزويجه من قريبة له .
2- رغبة شخصية من الطرفين, فيتم الاتفاق بينهما بشكل سري وغير معلن لإشباع حاجات بيولوجية وسيكولوجية وسيسيولوجية بدون أن يتحملا مسؤوليات الزواج وتبعاته .
3- دوافع شخصية متهورة لدى الشباب المراهقين من أجل تحقيق المتعة بدون تقدير العواقب.
4- الأوساط البيئية والاجتماعية التي يتوافر فيها الاختلاط الجنسي غير المنظم وغير الملتزم بالأدبيات الأخلاقية والدينية .
5- ستراً لأخطاء جنسية قد يقع بها الشباب فيلجأون كخطوة أولى إلى الزواج العرفي ..
6- التراخي القانوني والانفلات الاجتماعي من القواعد الضابطة للسلوك البشري وتصرفاته ..
7- لأسباب مادية تتعلق بترتيبات الزواج من مهر مرتفع, وسكن مستقل وأثاث فاخر وما شاكل من متطلبات أخرى الأمر الذي يدفع الشباب إلى الاقتران السري غير المعلن, لأنه ليس بمقدورهم القيام بكل هذه الأعباء المادية المرهقة .
أما أسباب الزواج العرفي عند المتزوجين فهي تتوزع على النواحي الآتية :
1- عدم الانسجام العاطفي والبيولوجي والثقافي بين الزوج وزوجته.
2- طمعا بمال القرين والمغريات المادية الأخرى .
3- الخلافات الزوجية المتكررة الناجمة عن عدم التفاهم .
4- الهروب من المنزل وقضاء معظم الأوقات في أماكن التسلية ذات الأجواء المثيرة .
5- الغنى المادي غير المقترن بغنى العقل قد يكون واحدا من الأسباب التي تدفع إلى الزواج العرفي .
وغالبا ما يكون هذا الزواج سريا وغير معلن لئلا تسوء الأحوال الزوجية أكثر مما هي عليه ثم تحدث د. أحمد أبو راس عن آثار الزواج العرفي ومنعكسا ته، منها:
1- التهديد بمجتمع بدون أسر .
2- الإهمال للأبناء الأمر الذي يدفعهم إلى التشرد والجريمة .
3- الخلافات الزوجية المتكررة بين الزوج وزوجته الأولى وغالبا ما تفضي إلى الطلاق .
4- الخلافات العائلية بين الشباب المتزوجين وأهليهم .
5- اهراق دم وتشرد أسر, وغالبا ما يحصل هذا في الأوساط الريفية .
6- الفوضى ولأخلاقية .
7- فقدان الهيبة القانونية .
ثالثا : المقترحات
بعد ذلك قدم مقترحات, لتصحيح العلاقة بين الشباب وذويه للوصول إلى زواج إيجابي، منها:
1- أن يغدو الأهل أكثر مرونة في التعامل مع أبنائهم لا سيما في مرحلة المراهقة .
2- تعريف الشباب بمخاطر الزواج العرفي على مستقبل الأسرة والمجتمع .
3- بناء جسر من الثقة والتفاهم والحوار بين الشباب وذويهم .
4- تنمية الوعي و الحس بالمسؤولية عند الأبناء الشباب .
5- الالتزام الخلقي والديني والقيمي وعدم الجنوح عن معايير وأنظمة المجتمع .
6- أن يتم الزواج وفق التقارب العمري والتفاهم الثقافي والوجداني والروحي لئلا تحصل تصدعات أسرية تكون مدعاة للزواج العرفي والهروب من المنزل , وقضاء معظم الأوقات خارجه , وفي الأجواء المثيرة .
أما مداخلة د.محمود عكام فقد دعى فيها إلى احترام الزواج بالإشهار والتسجيل بوصفه عقداً مقدساً بين طرفين ولا بد من علانيته لاكتماله.
دعوة إلى العلنية في الزواج
وبين د. عكام أن الزواج عقد اجتماعي خطير من حيث فاعليته ودوره في تكوين الأسرة الخلية الأولى للمجتمع , و من حيث هو ضابط ومنظم دقيق للعلاقة الجنسية بين الرجل و المرأة . فبدونه لن تكون هناك خلية أولى و لبنة أساس للمجتمع , وبدونه أيضا تدخل العلاقة الجنسية في تحقيقها ميدان الفوضى والضياع والتهتك والمجون . وهو بالإضافة إلى هذا وذاك يؤثر غيابه أو تغييبه على النسل الإنساني فيصبح معزولاً عن القيمة التكريمية التي اختص بها الإنسان أصلاً , وامتاز بها عن الحيوان ولا بد للزواج من آداب معينة.
من أجل هذا كله كان الزواج عقدا متميزا عن سائر العقود التي لا تختلف عنه في طبيعتها العقدية وقيامها على الرضائية المتجلية في الإيجاب والقبول المتوافقين , لكنه يختلف عنها في شكلية الشهادة التي يطلبها المجتمع ويحرص عليها لأنه من خلالها يراقب نموه وازدياده إذ لا يريد المجتمع أن يتنامى ويمتد ويكبر, ويكون هذا الامتداد في غفلة عنه ومنه. ولهذا فالشهادة لا تعني اطلاع الشاهدين فحسب على العقد لكنها تعني اطلاع الشاهدين على العقد وتوجههما لاطلاع المجتمع عليه وإخبارهما بالعقد الذي شهدا عليه باعتبارهما مندوبين عن المجتمع الذي ندبهما باسمه لذلك . وإذا ما خان الشاهدان الأمانة فلم يعلما مجتمعهما وموكلهما أثرت الخيانة على العقد فأفسدته لأنه اصطنع خلسة وفي غفلة عن أعين الأصل, وسيغدو الأمر أكثر اتصافا بالخيانة إذا ما تواطأ الشاهدان مع العاقدين على الإخفاء والسرية.
ولهذا كله رأى د. محمود عكام أن الزواج العرفي غدا في نظر كثير من الناس شبه جريمة , بل حتى لدى الذين ينفذونه , وإلا فما معنى أنهم في خشية ورعب من أن يفتضح الأمر ورأى أن الزواج السري من ناحية أخرى يبيد بشراسة حقوق الزوجة.
ثم فصل في الحديث عن مسألة المهر فليس المهر ثمناً للمرأة يدفعه الرجل فيمتلكها, بل هو مال يقدمه الزوج هدية ثابتة بالعقد الصحيح, فالمرأة في نظر الإسلام فوق الثمن وفوق المال .
ودعا د. عكام إلى الزواج المشروع وصولاً إلى مجتمع يتصف بالعفّة , ولئن فاتنا الجانب المادي من الحضارة المنشودة فأملي أن لا يفوتنا جانبها المعنوي وشقها الإنساني .
وبيّن –أخيراً- د. عكام أن الإسلام حلل صيغة واحدة لالتقاء المرأة والرجل . وهذه الصيغة هي الزواج بأركانه و شروطه وإيجابه وقبوله , وكل ذلك منثور في كتب الفقه , وفي كتب شرح قانون الأحوال الشخصية . وقد شدد القانون على ضرورة تسجيل عقد الزواج لدى محاكم الدولة الرسمية المختصة , حفاظاً على حقوق الزوجين وضماناً لمسيرة العدالة الاجتماعية الصحيحة, ومنع من أن يعقد عقد الزواج خارج المحكمة حتى وإن كانت العقود التي جمعت أطراف الأسرة شرعية. فالشرع يأبى أن يكون أتباعه عصاة ولي الأمر فيما يعود على المجتمع بالنفع .
وأطلق د. عكام دعوته في آخر مداخلته قائلاً : "دعونا من الزواج العرفي ومن الزواج المسيار ومن كل ماشابه , فهو نمو عشوائي لخلايا المجتمع الأساسية و العمل تحت الشمس هو العمل الأنجح".
                                                                                 د. جمال طحّان

التعليقات

شاركنا بتعليق