إليها تشد الرِّحال و عليها تُعقد الآمال
- القدس عربية
إسلامية :
هي عربية النشأة ، شاميّة مقدسة ، إسلامية ، تشكل مع المدينتين المقدستين
مكة المكرمة و المدينة المنورة محوراً رمزياً يتجاوز قضية الجغرافيا، بل
غدا قضيةً على مستوى الصراع الحضاري ، و قد أريد له أن يكون مجرد حالة
دينية ضيقة، تتحرك في هامش الخصوصيات الإسلامية الذاتية الغارقة في
الصراعات الصغيرة و أن يُعزل عن كل مواقع القوة ، ويُبعد عن مواطن القداسة
الروحية المتمثلة في خصوصيته المنفتحة على كل قداسات الديانات الإلهية.
نعم القدس عربية لأن الكنعانيين بنوها و هي إسلامية و إسلامية ممتدة لأن
إسلاميّتها لا تقتصر على خصوصيات المرحلة الإسلامية المنطلقة من نبوة محمد
صلّى الله عليه وآله وسلّم، بل كانت بدايتها منذ انطلاقة صفتها الدينية
المقدسة في وعي الأنبياء الذين عاشوا فيها، و هاجروا إليها و تحركوا فيها ،
وامتدوا إلى ما حولها إذ الإسلام دين الجميع ( ووصّى بها إبراهيم بنيه و
يعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون )
البقرة /132.
و القدس هي الأرض المقدسة و المحل الأقدس الذي نذرت له امرأة عمران ما في
بطنها فكانت مريم أم عسى عليهما السلام، و قد تعاقب على القدس من الأنبياء
ما لم يتعاقب على مكة المكرمة ، و هي قبلة الأنبياء جميعاً ، وما صلاة
المسلمين إليها سبعة عشر شهراً إلا تأكيد على الإسلام الممتد و هي نهاية
المسرى و منطلق المعراج ، فـ ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من السجد
الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع
البصير ) الإسراء /1.
- القدس في القرآن و السنة :
قال الله تعالى: ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من السجد الحرام إلى
المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير )
الإسراء /1.
وقال تعالى: ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة ) المائدة /21 و الأرض المقدسة
هي القدس .
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( أهل الشام سوط الله في أرضه ،
ينتقم بهم ممن يشاء من عباده و حرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم
ولا يموتوا إلا هماً و غماً ) أخرجه الطبراني .
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم (إذا وقعت الفتن فالأمن بالشام ) أخرجه
أحمد .
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم أيضاً: (طوبى للشام، إن ملائكة الرحمن
باسطة أجنحتها عليه) أخرجه الترمذي وابن حبان
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( الشام صفوة الله من بلاده ، يجتبي صفوته
من عباده فمن خرج من الشام إلى غيرها فبسخطه، و من دخلها من غيرها فبرحمته
) أخرجه الطبراني و الحاكم .
و أما ما ورد في حق القدس بالذات فقد ورد أن النبي صلّى الله عليه وآله
وسلّم قال: (إن الجنة لتحن شوقاً إلى بيت المقدس ، وبيت المقدس من جنة
الفردوس و هو سُرَّة الأرض) أخرجه ابن مندة ، كما جاء في فضائل القدس لابن
الجوزي
وعن ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قالت قلت:
يا رسول الله ، أفتنا عن بيت المقدس. قال:
( نعم المصلَّى، هو أرض المحشر و أرض المنشر إيتوه فصلوا فيه ، فإن الصلاة
فيه كألف صلاة ) قلت بأبي و أمي أنت ، ومن لم يطق أن يأتيه ؟ قال: (فليهد
إليه زيتاً(1)
يسرج فيه فإن من اهدى إليه كمن صلّى فيه ) أخرجه أحمد
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( من أهلَّ بحَجَّةٍ أو بعمرة من المسجد
الأقصى غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر) أخرجه أبو داود و البيهقي .
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم في الحديث القدسي عن الله تعالى أنه قال :
( أنت جنتي و قدسي ، وصفوتي من بلادي ، من سكنك فبرحمة مني و من خرج منك
فبسخط مني عليه ) أخرجه ابن الجوزي في فضائل القدس.
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين
لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأيتيهم
أمر الله وهم كذلك ). قالوا يا رسول الله و أين هم ؟ قال: (في بيت المقدس و
أكناف بيت المقدس ). أخرجه أحمد .
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( لا تشد الرحال إلا لثلاث مساجد ، المسجد
الحرام، و مسجدي هذا ، و المسجد الأقصى )أخرجه البخاري .
و عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عن
الصلاة في بيت المقدس أفضل، أوفي مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( صلاة في مسجدي هذا خير من أربع
صلوات فيه، و لنعم المصلَّى - أي بيت المقدس - هو أرض المحشر والمنشر، و
ليأتين على الناس زمان و لقيد سوطِ، أو قال: قوس الرجل حيث يرى منه بيت
المقدس خير له أو أحب إليه من الدنيا جميعاً ) أخرجه البيهقي .
- إشارة و دلالة :
اليهود الصهيونيون يعيثون فساداً وينفثون السموم ، سمهم عداوة وبغضاء
وحقد وكراهية ومكر وخداع وقتل واستباحة وتشريد وتلفيق وأكاذيب كالحيات
السامة القاتلة، ومن كان كذلك فحظه القتل أنّى كان كالحية الزعفاء ولذلك
قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( ما سالمناهن منذ حاربناهن - يعني
الحيات - و من ترك قتل شيء منهن خيفة فليس منا ) أخرجه أبو داود .
ويقول صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( من قتل حية فله سبع حسنات ) أخرجه
أحمد.
و قال أيضاً : ( اقتلوا الحيات كلهن ) أخرجه أبو داود
فاليهود الصهاينة لا يُسالمون على اختلاف أسمائهم وأسماء أحزابهم، فهم في
الإيذاء جميعاً سواء ، قتلوا الأنبياء واعتدوا على الحرمات، وكذبوا على
الله ، وشوهوا صور الملائكة ، ونالوا من الأبرياء ، ولم يسلم منهم الأطفال
والنساء العفيفات لقين منهم العنت وما من رذيلة إلا فعلوها .
فيا أمة الخير لا لقاء مع الشر، إلا بمواجهة و مجاهدة و يا أمة الإيمان لا
لقاء مع الكفر المعتدي الآثم إلا مضارعة مقاتلِة، و يا أمة الوفاء لا لقاء
مع الغدر الحاقد الظالم إلا مناورة مسالِحة .
- مقترحات و توصيات بشأن القدس :
1. تعميق الصلة بين هذه المدينة الرمز و بين المسلمين .
2. إعلان توأمة بين القدس و مكة المكرمة .
3. متابعة حث أرباب الكلمة و السلطة:
أ - السعي لإيجاد نواة وحدة شاملة عربية إسلامية .
ب - لا بد من برنامج دقيق لجمع ولمّ الفلسطينيين حركات و أفراد و فصائل .
4. حض المسلمين و العرب في كل بقاع الأرض على تبني ثقافة القدس .
- نفحة من ذكرى القدس :
يا أولى القبلتين، يا ثالث الحرمين، يا أيها المسجد الأقصى.
ذكراك ذكرى السَّعة والشمول، إذ كنت القبلة أولاً لصلاة ترفع إلى الله، ومن
أوسع من الله !ومن أشمل منه إذ يُتوجه إليه؟!
ذكراك ذكرى الحَصانة والحضانة، فأنت ثالث الحرمين، وقد جعلك الله حرماً
يرمز إلى أمان، ومكاناً يعبِّر عن اطمئنان ، و مشعراً يشعر بالالتزام بما
أمر به الدَيَّان.
ذكراك ذكرى الاستيعاب ، فما من حد إلا و أنت بحدودك له أقصى منه، وبإحاطتك
به أكبر منه .
زُرتُكَ يا مسجد الصخرة في سن صغيرة ، لكن المعاني التي سكبتها فيَّ كانت
كبيرة ، وها أنا أنهل منها ما يجعلني أُجَدِّد الولاء لشِرعةِ حكت عنك
حكاية الرفعة ، وأسعى لتثبيت دعائم الإيمان في جذور منتفضين ذكَّرونا قصة
المَنَعة .
فيا قدسُ شوقي إليك يزيد ، و يا قدس ها أنا ذا بين يديك مريد.
عهداً أن أعيش معك في سري و إعلاني ، وقسماً أن أبقى أردِّدك نشيداً من
أفضل ألحاني .
دمت يا قدس ؛ مسرى الرسالة ، و معراج النبوة ودامت ثقتك بأتباعك ليكونوا
على مستوى الرجولة و النبالة .
(1) والزيت هنا يمكن أن يتنزّل على البترول العربي والمسلم ، فالبترول زيت ، وبالتالي فعلى بلاد البترول أن تخصيص جزء من عائداته للأقصى ، جهاداً وتحريراً وصيانةً ورعاية وعناية .
التعليقات