آخر تحديث: الأربعاء 17 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
حتى نعلم عن القدس الشريف أقلَّ ما ينبغي أن نعلم/ مجلة الحقوقي

حتى نعلم عن القدس الشريف أقلَّ ما ينبغي أن نعلم/ مجلة الحقوقي

تاريخ الإضافة: 2007/11/01 | عدد المشاهدات: 3489

نشرت مجلة "الحقوقي" الصادرة عن رابطة الحقوقيين بحلب في عددها الرابع بتاريخ تشرين الثاني 2007 مقالاً للدكتور الشيخ محمود عكام بعنوان: "حتى نعلم عن القدس الشريف أقل ما ينبغي أن نعلم" يتحدث فيه عن القدس التي هي رمز عربي إسلامي، وعدم الاكتراث بالادعاءات المزورة التي يدعيها الصهاينة عن أحقيتهم بالقدس، وعن موقفنا الذي يجب أن نعلنه، وفيما يلي نص المقال:

حتى نعلم عن القدس الشريف أقل ما ينبغي أن نعلم

أولاً: القدس رمز عربي إسلامي:

عربية النشأة، شاميّة مقدسة، إسلامية، تشكل مع المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة محوراً رمزياً يتجاوز قضية الجغرافيا، بل غدا قضيةً على مستوى الصراع الحضاري، وقد أريد له أن يكون مجرد حالة دينية ضيقة، تتحرك في هامش الخصوصيات الإسلامية الذاتية الغارقة في الصراعات الصغيرة، وأن يُعزل عن كل مواقع القوة، ويُبعد عن مواطن القداسة الروحية المتمثلة في خصوصيته المنفتحة على كل قداسات الديانات الإلهية.

القدس عربية لأن الكنعانيين بنوها، وهي إسلامية وإسلامية ممتدة لأن إسلاميّتها لا تقتصر على خصوصيات المرحلة الإسلامية المنطلقة من نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، بل كانت بدايتها منذ انطلاقة صفتها الدينية المقدسة في وعي الأنبياء الذين عاشوا فيها، وهاجروا إليها وتحركوا في رحابها، وامتدوا إلى ما حولها، إذ الإسلام دين الجميع: ﴿ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بَني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ البقرة: 132.

والقدس هي الأرض المقدسة والمحل الأقدس الذي نذرت له امرأة عمران ما في بطنها فكانت مريم عليها السلام. وقد تعاقب على القدس من الأنبياء ما لم يتعاقب على مكة المكرمة، والقدس قبلة الأنبياء جميعاً، وما صلاة المسلمين إليها سبعة عشر شهراً إلا تأكيد على الإسلام الممتد وهي نهاية المسرى ومنطلق المعراج، و: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير﴾ الإسراء: 1.

ثانياً: ادِّعاءات مزورة:

يدعي اليهود أن في القدس لهم جذوراً مقدسة، فهم يتكلمون أولاً عن:

1- حائط البراق: ويطلقون عليه حائط المبكى وهو جزء من المسجد الأقصى المبارك. يقول اليهود إن هذا الحائط هو الأثر المتبقي من هيكل سليمان. وهذا الادعاء محض كذب لأكثر من سبب:

أ- سليمان عليه السلام لم يكن يهودياً بل كان داود عليه السلام والد سليمان يلعنهم، وهو ما يعرف بلعنة داود، وقد قال القرآن الكريم: ﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون﴾ المائدة: 78.

كما أن التعاليم اليهودية الحاخامية ظهرت بعد وفاة سليمان وبعد السبي البابلي لليهود فقد توفي سليمان عليه السلام 923 قبل الميلاد وكان السبي البابلي 586 قبل الميلاد.

ب- إن الهيكل المزعوم مصنوع من الخشب وهذا زعم التوراة فكيف تحول الخشب إلى حجارة ضخمة ؟ وقد أقرت عصبة الأمم عام 1930 من خلال لجنة البراق المكلفة ببيان تابعية الحائط قالت هذه اللجنة: إن الحائط هو جزء من الحرم القدسي الذي هو ملك للمسلمين.

2- الهيكل المزعوم: يدعي اليهود أن نبي الله سليمانأمر ببناء معبد له في جبل موريا حيث يقوم الحرم القدسي، وكان الهيكل خشبياً بناه عمال كنعانيون بمواد وأخشاب من مدينة صور، ثم إن الهيكل دمر كلياً على يد الرومان وانتهت آثاره من القدس، واليهود يحلمون اليوم بإعادة بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، وعندما يحين الموعد لا بد من زلزال يهدم الأقصى لنبني الهيكل على أنقاضه كما يزعمون.

ثالثاً: كذب وباطل في مواجهة صدق وحق:

1- إن أسفار موسى الخمسة المعتمدة من قبل فئات يهودية كثيرة وهذه الأسفار هي: التكوين والخروج واللاويين والتي تسمى أيضاً الأحبار والعدد والاشتراع أو التثنية لا تأتي على ذكر القدس من قريب أو من بعيد.

2- وأما هيكل سليمان فقضية أقرب إلى الأسطورة ويحاول الكيان الصهيوني الغاصب جاداً البحث عن أي أثر له ولكن دون جدوى وعلى فرض وجوده فقد دمره الغزو البابلي عام 587 قبل الميلاد.

3- آثار القدس المادية وغير المادية وسكان القدس وأرض القدس تدلل على عروبة القدس وإسلاميتها وفي مقابل هذا كله ما يمكن أن يشكل حجة أو دليلاً قادراً على المواجهة والمخاصمة المتكافئة.

4- القدس مقدسة في وعي المسلمين وتشكل عند المسلمين مهوى تدعمه العقيدة والعبادة والتاريخ وطموحات مشروعة فعن القدس قال ربنا: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله﴾ الإسراء: 1. وعن القدس والمسجد الأقصى قال نبينا صلى الله عليه آله وسلم كما روى البخاري: (لا تشد الرحال إلا لثلاث مساجد، المسجد الحرام، و مسجدي هذا، والمسجد الأقصى).

وقال عندما سألته ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله، أفتنا عن بيت المقدس. قال: (نعم المصلَّى، هو أرض المحشر وأرض المنشر إيتوه فصلوا فيه، فإن الصلاة فيه كألف صلاة) قلت بأبي و أمي أنت، ومن لم يُطِق أن يأتيه ؟ قال: (فليُهْدِ إليه زيتاً يُسرَج فيه، فإن من أهدى إليه كمن صلّى فيه) أخرجه الإمام أحمد. والزيت هنا في رأيي يمكن أن يتنزّل على البترول العربي والمسلم، لأن البترول زيت، وبالتالي فعلى بلاد البترول تخصيص جزء من عائدات البترول للأقصى على سبيل الوجوب والإلزام وليس على سبيل المنة، يصرف هذا الجزء للجهاد والتحرير والصيانة والرعاية والثقافة و...

وقد قال أيضاً صلى الله عليه آله وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين ولعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك). قالوا يا رسول الله وأين هم ؟ قال: (في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس). أخرجه الإمام أحمد.

رابعاً: موقف وتوصيات:

انطلاقاً من محكمات النصوص القرآنية الداعية إلى قتال المعتدي، ومن المعطيات العدوانية لتاريخ إسرائيل، ومن أحكام الفطرة السليمة التي ترفض الخضوع والخنوع والذل والاستكانة، ومن الدراسات الواعية التي أثبتت أن إسرائيل دخيلة على المنطقة، ومن واجب الدفاع عن العرض والنفس والدين، ومن حق المسجد الأقصى الذي هو ثالث الحرمين وأولى القبلتين، ومن ضرورة النصرة لإخواننا المظلومين ولنا فنحن مظلمون أيضاً فإننا نحدد طبيعة العلاقة مع العدو بما يلي:

1- الجهاد هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع مع العدو لتحرير فلسطين.

2- لا يجوز الاعتراف لليهود الغاصبين بشبر واحد من فلسطين ولئن كنا ضعفاء اليوم فكما قلت أكثر من مئة مرة: إن الحق الثابت لا يزيله الضعف العابر.

3- فلسطين أرض إسلامية فتحها المسلمون عنوة وهي وقف على كل المسلمين ولا يجوز لأحد بيع جزء منها.

4- لا يحق للاجئين الفلسطينيين ولا يجوز لهم التنازل عن حق العودة ولا يصح شرعاً ولا عقلاً بيع هذا الحق.

5- يجب العلم أن المحافظين الجدد في أمريكا والذين يحكمون أمريكا اليوم هم صليبيون متصهينون يؤمنون بالأسطورة التلمودية كل الإيمان، فالمسيح عندهم يأتي عندما يبنى الهيكل وتقع معركة معركة هرمجدون التي ينتصر فيها الأخيار على الأغيار ولا يبقى على سطح الأرض إلا شعب الله المختار.

6- دعوا المجاهدين الصادقين في جهادهم عدوهم الأكيد بالأنفس والأموال.

أما التوصيات فهي:

1- تعميق الصلة بين هذه المدينة الرمز وبين المسلمين ونشر ثقافة القدس بين المسلمين وتعميمها.

2- إعلان التوأمة الحقيقية بين القدس الشريف وبين مكة المكرمة، وبين بيت لحم والمدينة المنورة، وتقوم بذلك منظمة المؤتمر الإسلامي بالتعاون مع كل المنظمات العربية والإسلامية.

3- تخصيص جزء من ميزانية الدول العربية والإسلامية لدعم هذه القضية.

4- إعلان القدس عاصمة للأمة العربية الإسلامية وللدولة العربية الإسلامية الموحدة المنشودة.

خامساً: المناجاة:

يا قدس يا مدينة الإيمان والإسلام والسلام..

يا أولى القبلتين، يا ثالث الحرمين، يا أيها المسجد الأقصى..

ذكراك ذكرى السَّعة والشمول، إذ كنت القبلة أولاً لصلاة ترفع إلى الله، ومن أوسع من الله ! ومن أشمل منه إذ يُتوجه إليه ؟!

ذكراك ذكرى الحَصانة والحضانة، فأنت ثالث الحرمين، وقد جعلك الله حَرَماً يرمز إلى أمان، ومكاناً يعبِّر عن اطمئنان، و مشعراً يشعر بالالتزام بما أمر به الدَيَّان.

ذكراك ذكرى الاستيعاب، فما من أحدٍ إلا و أنت بحدودك له أقصى منه، وبإحاطتك به أكبر منه .

زُرتُكَ يا مسجد الصخرة في سن صغيرة، لكن المعاني التي سكبتها فيَّ كانت كبيرة، وها أنذا أنهل منها ما يجعلني أُجَدِّد الولاء لشِرعةٍ حكت عنك حكاية الرفعة، وأسعى لتثبيت دعائم الإيمان في جذور منتفضين ذكَّرونا قصة المَنَعة.

فيا قدسُ شوقي إليك يزيد، ويا قدس ها أنذا بين يديك مريد. عهداً أن أعيش معك في سري وإعلاني، وقسماً أن أبقى أردِّدك نشيداً من أفضل ألحاني.
دمت يا قدس، مسرى الرسالة، ومعراج النبوة ودامت ثقتك بأتباعك ليكونوا على مستوى الرجولة والنبالة. والحمد لله رب العالمين أولاً وأخيراً.

الدكتور محمود عكام

التعليقات

شاركنا بتعليق