آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
نصائح للطلاب والمدرسين في العطلة الصيفية

نصائح للطلاب والمدرسين في العطلة الصيفية

تاريخ الإضافة: 2008/05/30 | عدد المشاهدات: 4974

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

اسمحوا لي هذا الأسبوع أن أوجه الخطاب لأبنائنا وطلابنا الذين أنهوا امتحاناتهم، وإلى أولئك الذين سيمتحنون في الأسبوع القادم وما بعده، وإلى الأساتذة المشرفين على هؤلاء الطلاب وأولئك.

أما أنتم يا طلابنا يا من أنهيتم امتحاناتكم أعني الصفوف الانتقالية، أسأل الله عز وجل لكم أولاً نجاحاً طيباً مباركاً، وتوفيقاً مُطَّرداً يزداد ساعة فساعة، ولكن يا أيها الطلاب ويا أولياء الطلاب:

أولاً: أناشدكم في هذا اليوم أن تسعوا لتنمية العقل، لتقوية العقل، لتقوية الفكر من خلال الانكباب على مطالعة ومن خلال استمرار القراءة، لا تكونوا كالذين لا يقرؤون، ولا تجعلوا ما يُقال عنكم صحيحاً، يقال عنكم بأنكم أمة لا تقرأ ولم تعد تقرأ، لا تجعلوا هذا الذي يقال عنكم صحيحاً وهذا الحكم صادقاً عليكم، قوّوا عقولكم وتفكيركم بالقراءة، أريدكم أن تخصصوا في يومكم على الأقل في عطلتكم الصيفية ساعة أو ساعتين من أجل القراءة، لأن القراءة تعني المعرفة، لأن القراءة تعني العلم، لأن القراءة تعني الفكر، لأن القراءة تعني أن البلاد ستزدهر من خلال أبنائها المتعلمين المتعرفين والعالمين العارفين، أناشدكم يا طلابنا من أجل أن تكونوا كذلك.

ثانياً: أناشدكم من أجل العناية بأجسامكم، من خلال رياضة مشروعة صحيحة ومن خلال ابتعاد عن ضرر يصيب أجسادكم وأجسامكم، فابتعدوا عما يؤذيكم في أجسادكم، ابتعدوا عن التسكّع فالتسكع يؤذيكم، ابتعدوا عن التدخين فالتدخين يضركم، ابتعدوا عن ارتياد الأماكن التي تذخر بالفحش، فإن الفحش يؤذي أجسامكم كما يؤذي عقولكم، ابتعدوا عن كل ما يؤذي أجسامكم وحاولوا أن تنموا وأن تقووا أجسامكم برياضة مشروعة كما القراءة، فلكل يوم لكم فيه رياضة مارسوها لأن الجسد أمانة عندكم، وقد قلنا لكم كثيراً (لا تزول قدما عبد يوم القيامة) هكذا قال سيدي وقائدي وسيدكم وقائدكم وقائد الإنسانية كافة محمد صلى الله عيه وسلم (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه) والحديث صحيح.

ثالثاً: لكم أرواح هكذا تقولون وقديماً قيل: الإنسان بروحه ونفسه وليس بجسمه.

أقبل على النفس واستكمل فضائلها            فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

أتريدون أن تهملوا أرواحكم ؟ الجواب: لا. إن كنتم لا تريدون إهمال الروح فغذُّوها، غذوا الأرواح، أتريدون التعرف على وسيلة تغذية الأرواح ؟ إنها العبادة. وإن من العبادة عبادة هي في رأيي من أقوى ما يمكن أن يغذي الروح لديكم، ألا وهي قراءة القرآن الكريم، يا طلابنا أناشدكم الله ألا تهجروا القرآن الكريم من أجل أرواحكم حتى تقوى، من أجل أرواحكم حتى تُغذى، من أجل أرواحكم حتى تنتعش، من أجل أرواحكم لتتوثب على الظلم، من أجل أرواحكم حتى تقوى على مواجهة المشاكل في هذه الحياة، حتى تقوى على المشاكل المادية والمشاكل المعنوية. غذوا أرواحكم بالقرآن الكريم. لماذا يا أيها الشاب لا تسعى إلى تغذية الروح وتسعى إلى تغذية الجسم وأنا معك في ضرورة تغذية الجسم لكن تغذية الروح أيضاً ضرورة، بل تكون ضرورة أكثر من تغذية الجسم، لأنك بالروح لا بالجسم أنت إنسان. فيا أيها الإنسان يا أيها الطالب في أي صف كنت وقد أدّيت امتحانك، هيا إلى قراءة القرآن، إلى تغذية الروح.

رابعاً: أناشدكم الله أيها الطلاب ويا أولياء الطلاب: أريد لكل طالباً منكم أن يتعلم مهنةً أو صنعة، إلى جانب دراسته من أجل خدمة البلد، ومن أجل النشاط ومن أجل الاستعاذة من الكسل، ومن أجل ازدهار بيوتنا وشوارعنا، أريدك أنت أيها المتفوق في دراستك أن تكون على استطاعة وعلى مُكنة للقيام بمهنة أو صنعة إلى جانب الدراسة، حتى إذا ما احتجت إلى شيء من هذا في بيتك، كُنتَ أنت العامل في بيتك، (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه ويخصف نعله ويكون في خدمة أهله) ورقعُ الثوب صنعة، وخصف النعل صنعة، فهل أنت قادرٌ على أن ترقع ثوبك أم أنك أصبحت ترمي ثوبك إذا ما احتاج ثوبك إلى الرقع ؟ هل أنت قادرٌ على ان تخصف نعلك أم أنك ترمي نعلك لأن نعلك لم يعد صالحاً في رأيك وأنت لم تعد قادراً على إصلاحه ؟ لماذا يكون هؤلاء الطلاب أميين في الصنعة والبلد يحتاجهم ؟ أهلكم يحتاجونكم، بيوتكم تحتاجكم من أجل عمل تتقنونه، الله عز وجل قال: ﴿وقل اعملوا﴾ ولم يبين المفعول، أين المفعول للفعل اعملوا ؟ المفعول عام محسوب من أجل أن يتناول العمل كل شيء ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ كان رسول الله يرقع ثوبه، فلماذا لا نتقن الخياطة أو النجارة أو إصلاح الأحذية أو أي شيء آخر ؟ لماذا ؟ هل تكبّرت فدرستَ وخلتَ الصناعة أمراً مهيناً ؟ هل درست فخلت الصنعة أمراً مُحتَقراً ؟ هل درستَ وحملتَ الشهادة فظننت أن القيام بأعمال الكهرباء والمياه يعدُّ في عالم الاحتقار مفردةً لها اسمها ؟ أناشدكم الله يا طلابنا من أجل بلدنا، من أجل إسلامنا، من أجل كل شيء، أناشدكم الله أن تقووا عقولكم بالقراءة وأن تعتنوا بأجسادكم بالرياضة، وأن تغذوا أرواحكم بالعبادة وبالقرآن الكريم بشكل خاص وأن تخدموا بلادكم من خلال اتقان صنعة أو مهنة وإلا فالضياع سينتصب أمامكم في طريقكم لائحة كبيرة تضركم وتؤذيكم، هذا للشباب الذين أنهوا امتحاناتهم.

أما للشباب الذين سيقدمون على الامتحان من طلاب جامعيين وطلاب شهادات أقول لكم:

أولاً: استعدوا واتخذوا الأسباب وأتقنوا، فالرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في سنن ابن ماجه قال: (إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه) لا أريدك أن تمشي إلى الامتحان إلا وأنت تستشعر أنك متمكن للإتقان من المادة التي تقدمها إن في الجامعة أو الشهادة الثانوية أو شهادة التعليم الأساسي، لأن إسلامنا يريدنا متقنين، لأن إسلامنا يريدنا أن نتخذ الأسباب، لأن إسلامنا يحرص علينا من أجل أن نكون متمكنين من أي أمرٍ نقدم عليه إذا كان الأمر مشروعاً.

ثانياً: بعد الإتقان أناشدكم الله أن تتكلوا عليه، أن تعتمدوا عليه، أن تقولوا عند دخولكم القاعة: ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾ أن تقولوا عند دخولكم القاعة: توكلت على الله. أن تقولوا عند دخولكم القاعة: ﴿رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً﴾ أن تقولوا عند القاعة: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن كتاباً وبمحمد نبياً ورسولاً، أن تكثروا من مقولات الاعتماد على الله والتوكل عليه، روى البخاري ومسلم أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾ قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار - وإلقاؤه في النار أكبر امتحان - وقالها محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين قالوا: ﴿إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل﴾. أنت في الامتحان مضطر، أتريد أن تعرف من يجيب دعاء المضطر ؟ الله: ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء﴾ الله، أنت مضطر واغتنم الفرصة وادعُ لبلدك لأمتك لفلسطين لغزة ادعُ للمحاصَرين في غزة من قبل عدو أثيم، من قبل مستكبر يعاونه مستكبر مجرم تدعمه إدارة أمريكية ضالة مضلة، أسأل الله عز وجل أن ينصركم يا أهل غزة على الصهيونية وعلى من يدعمها. ادع وأنت ذاهب إلى الامتحان أن يوفقك الله عز وجل وادع لآبائك وأمهاتك ولإخوانك وللمسلمين في أن يجمعهم الله على خير ما يجمع عليه عباده وأولياءه وأحبابه وأصفياءه: ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء﴾، لا يكون العبد عبداً حتى يبقى مع الله اضطرارُه وحتى لا يكون إلا مع الله قرارُه، أنت مضطر فادع الله عز وجل والله عز وجل تعهد أن يجيب دعاء المضطر، فهيا أيها الذاهب إلى الامتحان، اتخذ الأسباب ثم توكل على الله.

ثالثاً: أتوجه إلى الأساتذة الصيف، أساتذة الصيف لأن ثمة أساتذة للصيف وأساتذة للشتاء، أقول لأساتذة الصيف أنتم المؤتمنون على جيلنا سواءً أكنتم أساتذة في المعهد في المسجد أو كنتم أساتذة في مدرسة صيفية أو مدرسة رياض أو أي مكان آخر أناشدكم الله أن تستشعروا مسؤليتكم لأن الله سيسألكم، أو ما سمعتم حديث النبي المروي في مسلم: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع) أساتذة الصيف يقصِّرون، واعذروني، فالواحد منهم همه أن يجمع مالاً، الواحد منهم يريد أن يكتسب الفرصة ليحصل في الصيف أكثر مما يحصله في الشتاء على حساب التلاميذ والطلاب، على حساب هؤلاء الذين وُضعوا أمانة في عنقه، لا يا أيها الأساتذة وأنا أتكلم بشكل خاص عن أساتذة المعاهد القرآنية، لا أريدكم أن تتاجروا على حساب الطلاب ولا أريد أن يكون الهمّ منكم جمع المال، أخلصوا لربكم واستشعروا مسؤليتكم عن هؤلاء الطلاب، أنتم مؤتمنون عليهم، أتريدون أن تضيعوا الأمانة وأن تعلِّموا الطلاب أن الخيانة صارت صفة من صفاتنا، لا يا أيها الأساتذة، يا أيها المعلمون لا تتعلموا لغة (الشَّكلة) كما يقال، أريدكم أن تتقنوا، أريدكم ان تُحضّروا قبل أن تذهبوا، وإنكم لتحصلون المال التي يساوي الذي تأخذونه في الشتاء في تدريسكم بل ربما حصّلتم أكثر ونحن على علمٍ بذلك، فلماذا لا تقومون بالأمانة خير قيام، ولماذا لا تراقبون ربكم عز وجل في المسؤولية التي أنيطت بكم وبرقابكم ؟ أخلصوا وأتقنوا وكونوا قدوة لطلابكم في العلم والتعليم، في الخلق في النزاهة في استغلال الوقت بما ينفع الإنسان ؟ كونوا قدوة لطلابكم في علاقاتكم الاجتماعية، كونوا قدوة لطلابكم في خدمتكم لبلدكم، في عبوديتكم لربكم في تعاملكم مع أسركم وآبائكم وأمهاتكم، كونوا قدوة على الأقل في النزاهة وفي القيام الخير المعطاء بالمسؤولية وفي رعاية الأمانة التي أؤتمنتم عليها، أناشدكم الله، فليس العمل في الصيف عملاً لا يمت إلى الجدية بصلة ولكن العمل في الصيف عملٌ يستلزم جدية أكثر، لأنكم مؤتمنون أكثر، فالمعهد يضم مئة تلميذ، مئتين... الخ فهل تكتفِ بأن تأتي أيها المدرس في المعهد، هل تكتفِ أن تأتي إلى المعهد ثم بعد ذلك ستجلس لتشرب شاياً أو ماءً بارداً أو طعاماً أو... وأنت تتكلم كلمة من ههنا وكلمة من ههنا بغير تحضير ثم تقول عن نفسك بأنك مدرس وبأنك تتعب، لا ورب الكعبة، فيا إخوتي يا طلابنا يا أساتذتنا أناشدكم الله بالنسبة للطلاب الذين أنهوا امتحاناتهم وبالنسبة للطلاب الذين سيمتحنون وبالنسبة للأساتذة المشرفين على أبنائنا في المعاهد القرآنية وفي المدارس الصيفية وفي النوادي وحيثما كانوا أناشدهم الله ألا يقصروا في أداء الرسالة والأمانة وفي التوجيه وفي العمل بما يرضي الله عز وجل، وإلا فالنهاية خطيرة لأننا ضيعنا أجيالاً كانت ستكون لصالح الخير والبلد والشهامة والفضيلة فأصبحت مضيَّعة ولصالح الضياع والرذيلة والجهل وهذا رأسمال يوصلنا في النهاية إلى القرار الذي لا يرضي ربنا ولا إنسانيتنا ولا يرضي عقولنا ولا يرضي كل ما يمكن أن يُطلق عليه أمر خير.

أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وأن يوفق طلابنا وأن يوفق أساتذتنا وأن يوفق القائمين على الأمور حيثما كانوا من أجل أن يقدموا للبلد كل خير، وأعتقد إذا ما أردت أن ألخص الخير الذي يجب أن يُقدم لهذا البلد فالإسلام من خلال القرآن الكريم وشخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فاللهم اجعلنا على الإسلام الحق وبالإسلام الحق، نعم من يُسأل ربنا ونعم النصير إلهنا أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ: 30/5/2008

التعليقات

شاركنا بتعليق