آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
خطبة عيد الأضحى 1429

خطبة عيد الأضحى 1429

تاريخ الإضافة: 2008/12/08 | عدد المشاهدات: 3272

 أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

في هذا اليوم المبارك نذكر إخواناً لنا هم الآن في منى، بالأمس كانوا في عرفات، استغفروا ربهم فغفر لهم، ورفعوا أيديهم إلى ربهم فلم يردها خائبة، أوليس هو من قال في الحديث القدسي: (أفيضوا عبادي مغفوراً لكم ولمن استغفرتم له)، (إن الله يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج) فاللهم إنا نسألك أن تشملنا بغفرانك وعطائك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

أيها الإخوة الأكارم:

أرجو الله عز وجل ألا ننسى في كل حركة تصدر عنا وفي كل سكنة يمكن أن تُنسب إلينا، أسأله تعالى أن يوفقنا ليكون عنوان كل حركة وكل سكنة: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك. حينما يدعوك ربك إلى الصلاة فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى الدراسة أيها الطالب فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى أن تُعين إخوانك فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى أن تكون ذا أخلاق حسنة في بيتك فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى أن تكون باراً بوالديك فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى أن تكون في علاقة طيبة مع جيرانك فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى أن تصلي بالليل والناس نيام فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى إخراج الزكاة والصدقات فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى الأضحية فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى أن تُقدِّم لهذا الدين روحك فقل: لبيك اللهم لبيك، حينما يدعوك إلى كل ما يريد أن يدعوك إليه فقل: لبيك اللهم لبيك. لا أريدك أن تنسى هذه الكلمات يا أخي المسلم في ليلك ونهارك وذهابك ومجيئك، قلها وأنت أمام المتجر، قلها وأنت أمام العيادة، قلها وأنت أمام المحكمة، قلها وأنت أمام المدرسة، قلها، ووالله إنها فخر وتاج، قلها بينك وبين نفسك معاهداً ربك ومستجيباً لربك، قلها وأنت أمام مديريتك، قلها وأنت أمام وزارتك، قلها وأنت أمام رئاستك، قلها حيثما كنت، لبيك اللهم لبيك، فإذا قلت ذلك فالله عز وجل يلبيك، سيلبيك من تتوجه إليه، سيقول لك لبيك يا عبدي، الجزاء من جنس العمل كما تقول أنت لربك لبيك اللهم لبيك في حركاتي وسكناتي، الله سيقول لك لبيك يا عبدي وسيستجيب لك، أوما قرأتم في التاريخ الحق الصحيح كيف أن ربنا قال لإبراهيم يا إبراهيم اذبح ولدك ؟ قال إبراهيم بكل ذراته: لبيك اللهم لبيك، لكن الله عز وجل بعد ذلك فداه بذبح عظيم.

لا أريد أن أركِّز على أكثر من هذا، أريد دائماً أن تكون قلوبنا مملوءة بـ (لبيك اللهم لبيك)، قلها لربك ألا يستحق ربك أن تقول له لبيك ؟ وأنت تقول لبيك لرئيس تثق به وأنت الذي تقول لبيك لمعلمٍ علمّك وقدّم لك الخير، وأنت الذي تقول لبيك لهذا الذي يرأسك في تجارتك في معملك في مصنعك، ألا يستحق ربنا الذي خلقنا وسوانا وعدلنا الذي أنعم علينا وتفضّل علينا الذي ملأنا خيرات وعطاءات الذي أنعم علينا بالإسلام، بالتعرف على سيد الأنام محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي فرض علينا ما به نشعر بالسمو والرفعة والاعتزاز والاطمئنان، ألا يستحق هذا الخالق أن نقول بأفواهنا وذراتنا: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك، يستحق ربنا أن نقول له هذا بألسنتنا دربة من أجل أن تقول ذلك قلوبنا ومن أجل أن تقول ذلك ذراتنا.

لا أريد أن أزيد على هذا الذي قلت آملاً من الرحمن الرحيم إلى من نتوجه إليه بـ: لبيك اللهم لبيك أن يوفق المسلمين من أجل أن يقولوا لبيك اللهم لبيك للتعاون فيما بينهم، في التناصر فيما بينهم في نصرة إخوتهم الذين يستصرخونهم دائماً وأبداً يقولون لهم: من أنصارنا إلى الله ؟ من الذين سياعدوننا في تحرير الأرض وفي تحرير نفوسنا وأجسادنا من هؤلاء الظلمة البغيضين الآثمين هؤلاء يقولون بلسان حالهم: من أنصارنا إلى الله ؟ فالجواب منا سيكون لبيك اللهم لبيك في نصرتنا إخوتنا، لبيك اللهم لبيك في نصرتنا أولئك المظلومين الذين يحتاجون إلى مساعدة وعون منا.

تذكر وأنت تقبّل ولدك وأنت تزور أختك وأنت تزور أخاك تذكّر أن هنالك أطفالاً ليس لهم آباء فهل أنت ستكون بعض أبٍ لهؤلاء الذين فقدوا آباءهم، تذكّر وأنت ترى زوجتك تقبّل ولدها أن هنالك أطفالاً ليس لديهم أمهات فهل هذا سيخطر على بالك من أجل أن تكون بعض أم لهؤلاء الأطفال، تذكّر أن هنالك إخوة فقدوا إخوانهم وإخوتهم وربما أخواتهم، تذكر وأنت تسلّم على أبيك أن هنالك من فقدوا آباءهم وليس لهم من معيل إلا أنت بعد الله عز وجل لأنك تقدّم نفسك على أنك أخٌ لأبيهم وأخٌ لهم وأخٌ لعمهم وخالهم، تذكّر هذا وليكن العيد فرصة من أجل رجوع صادق إلى ربنا.

تذكروا كيف همّ سيدنا إبراهيم أن يذبح ولده استجابة لأمر ربنا عز وجل وتذكروا الحجيج كيف يقفون في عرفات وأنتَ من تتمنى أن تكون معهم، أتتمنى أن تكون معهم من أجل شكليات يعيشونها أم من أجل تحقق بالعبودية ترمي إليه من ورائه كل هذه الشكليات التي هي شكلياتٌ مقدّسة وهي مناسك، أنت تريد أن تكون معهم من أجل أن تتحقق بالعبودية قائم على أساس من معرفة.  

يا رب العزة، يا رب الحجيج، يا رب مكة، يا رب منى، وفقنا من أجل أن نقول لبيك اللهم لبيك ولا سيما أمام المال والأنفس إذ عاهدناك يا رب ونحن في عالم الذر أن نبيع الأنفس وأن نبيع الأموال عندما يستلزم دينك منا ذلك: ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتُلون ويُقتَلون﴾.

اللهم وفقنا للوفاء بالعهد الذي أخذناه على أنفسنا معك، يا رب العالمين، نعم من يسأل أنت ونعم النصير أنت. أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ 8/12/2008

التعليقات

شاركنا بتعليق